النهاية.. هل تستطيع المحكمة العليا في إسرائيل عزل نتنياهو من منصبه؟
بعد 87 يومًا من الحرب في قطاع غزة، ومن قبلها شهور من الاحتجاجات الداخلية في إسرائيل، ومحاولات نتنياهو العديدة لحماية نفسه من المحاكمة ودخول السجن، اتخذت المحكمة العليا في إسرائيل قرارًا يمنع تطبيق القانون الذي أقره نتنياهو ليحمي نفسه من خطر العزل والمحاكمة، لتصبح إمكانية عزله من منصبه واردة في إطار عمل المحكمة العليا.
وسبق قرار المحكمة العليا في إسرائيل بإرجاء تطبيق قانون منع عزل نتنياهو من منصبه، قرار آخر يضاهيه أهميةً، وهو إلغاء بعض التعديلات القضائية المثيرة للجدل، والتي أثارت احتجاجات عارمة في عموم إسرائيل ضد نتنياهو وحكومته على مدار الشهور الماضية، وهي التعديلات التي كانت تهدف إلى الحد من سلطة المحكمة العليا في إلغاء القوانين التي تعتبرها غير دستورية، وإضعاف النظام القضائي.
وأثار قرار المحكمة العليا في إسرائيل اليوم الأربعاء، حالة من الجدل داخل المجتمع الإسرائيلي، حول إمكانية عزل المحكمة لنتنياهو من عدمها، بعد هذا القرار، الذي قوض التعديلات التي كان يريد نتنياهو تطبيقها في القانون الأساسي للحكومة في إسرائيل، والتي يمكنه من خلالها حماية نفسه من العزل والمحاكمة والتعرض للسجن.
وكان قرار عزل نتنياهو من منصبه، محل جدل في إسرائيل على مدار الشهور الماضية، حيث تزايدت الدعوات الرامية لبحث عزل رئيس الوزراء الإسرائيلي من منصبه، بسبب فشله في حرب غزة، وبسبب ملف التعديلات القضائية التي أثارت الجدل في تل أبيب، حتى جاء قرار المحكمة العليا في إسرائيل اليوم، والذي جاء في مجمله أن إمكانية عزل نتنياهو تظل واردة، ولن يكون هناك قانون شخصي يحمي من حكم القضاء.
قرار المحكمة العليا في إسرائيل ضد نتنياهو
أعلنت المحكمة العليا في إسرائيل إرجاء تطبيق قانون منع عزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى دورة الكنيست المقبلة، أي بعد إجراء انتخابات الكنيست في دورتها المقبلة، حيث نشرت المحكمة اليوم قرارها بشأن قانون التعذر، المعروف باسم قانون نتنياهو، وقررت بأغلبية ستة قضاة مقابل خمسة أنه لن يسري في الكنيست الحالية تطبيق القانون المتعلق بمنع عزل نتنياهو من منصبه.
وأقر مشرعون إسرائيليون القانون في مارس 2023 كجزء من خطة الحكومة الإسرائيلية في ملف التعديلات القضائية، والتي يرى منتقدون أنها تهدف إلى حماية نتنياهو من اعتباره غير لائق للحكم بسبب تضارب مصالحه الشخصية، وحماية نفسه من المحاكمة بتهم الفساد التي يواجهها.
ومن المتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في إسرائيل في عام 2026، ولكن من الممكن إجراؤها قبل ذلك، في ظل التطورات المتلاحقة التي تشهدها إسرائيل في الداخل والخارج، مع إمكانية عزل نتنياهو من منصبه.
قانون نتنياهو لحماية نفسه
قانون التعذر هو تعديل لـ قانون الحكومة الأساسي الذي يتناول الشروط التي يمكن فيها إقالة رئيس الحكومة من منصبه، وأقرّ الائتلاف الحاكم الحالي التعديل بسرعة ردًا على الاستئناف الذي طلب إقالة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من منصبه، وفقًا للصحيفة العبرية، وهذا التعديل كان يلغي فعليًا إمكانية إقالة رئيس الحكومة لأسباب تتعلق بالقضايا الجنائية.
وكان القانون الذي طرحته حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والذي يحد من سلطة المحاكم الإسرائيلية على قرارات الحكومة، مسببًا للانقسام الداخلي في إسرائيل، إذ أشعل واحدة من أكبر وأطول حركات الاحتجاج التي شهدتها إسرائيل، حيث خرج مئات الآلاف من المتظاهرين على مدار أشهر ضد نتنياهو وحكومته على خلفية ملف التعديلات القضائية.
وفي هذا الصدد، يقول السفير عاطف سيد الأهل سفير مصر الأسبق لدى إسرائيل، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، تقدم من قبل بقانون التعديلات القضائية، في فترة حكومته السابقة 2015 ـ 2019، وكان معه وزيران متطرفان يدعمان هذه الفكرة.
وأضاف السفير المصري خلال مداخلة مع الإعلامي أسامة كمال ببرنامج “مساء dmc”: هذان الوزيران كانا يريان أن المحكمة تسيطر على الائتلافات وقراراتها وتتعارض مع الطابع اليهودي للدولة، وكان هناك بنود اتفاق للحكومة الحالية، وأهم بند فيها أو أحد أهم البنود هو التعديلات القضائية.
واستكمل: النقطة الأهم هي عزل رئيس الوزراء، فاقترحت حكومة نتنياهو، عدم إمكانية عزل رئيس الوزراء عن طريق المحكمة وإنما بتصويت من أعضاء الحكومة، وهو أمر لم يحدث في تاريخ الحكومة، ونتنياهو يعلم أنه سيحاكم، لذلك سعى لهذا الأمر.
صراع داخلي في إسرائيل
أثارت قرارات المحكمة العليا في إسرائيل حالة من الجدل، بعد قرار إلغاء التعديلات القضائية، وقرار اليوم الذي أبطل مشروع نتنياهو الذي كان يريد أن يحصن نفسه به لمنع محاكمته.
فعلى جانب المعارضين لقرارات المحكمة، لم يتأخر رد حزب الليكود الذي يترأسه نتنياهو في الرد، معتبر قرار المحكمة العليا بأنه يتعارض مع إرادة الشعب الإسرائيلي في الوحدة وخاصة في وقت الحرب.
ومن جانبه، اتهم وزير العدل الإسرائيلي ياريف لافين المحكمة العليا بالاستيلاء على جميع السلطات، بعدما أبطلت بندًا رئيسيًا في قانون حكومة بنيامين نتنياهو للإصلاح القضائي المثير للجدل، ولافين يعتبر مهندس خطة التعديلات القضائية وأبرز الداعمين لنتنياهو في هذا الملف.
بينما يرى المؤيدون لقرارات المحكمة، أن هذه القرارات في محلها، حيث يمكنها أن تمنع نتنياهو من بسط سلطاته الخاصة على نظام الحكم بمفرده، وتقديمه تنازلات لأصدقائه غير المؤهلين لتولي المناصب المهمة في إسرائيل.
وأكد زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد دعمه لقرار المحكمة العليا الإسرائيلي بالإبقاء على صلاحياتها، على عكس إرادة نتنياهو التي كانت تهدف إلى تقويض النظام القضائي في تل أبيب.