إسرائيل تضرب الودع!
مؤخرًا غيرت دولة الاحتلال الإسرائيلي من استراتيجيتها قصيرة المدى في الحرب ضد حماس داخل قطاع غزة، وبدأت في تنفيذ انسحابات متتالية على الأرض، كما حدث شمال القطاع وفي الأراضي التي شهدت معارك ضارية ضد عناصر المقاومة، لكن بدأت في عمليات اغتيالات متتالية لقادة ورؤساء حركة حماس وذراعها العسكرية المتمثلة في كتائب عز الدين القسام، وكان أبرزها اغتيال صالح العاروري القائد الثاني في حماس، ما يعني أن انسحاب إسرائيل جاء انسحابًا للأمام وليس الخلف، إذ راحت تكتفي باغتيال قيادات الحركة وشل مفاصلها داخل وخارج غزة، والتقليل من عملياتها العسكرية العشوائية داخل القطاع، وهذا ليس كرم من إسرائيل، وإنما نتيجة ضغوط دولية وأمريكية في المقام الأول.
لكن السؤال هو كيف وصلت إسرائيل إلى قادة حماس وخاصة صالح العاروي؟ الذي كان موجودا في منطقة الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت، وهي المنطقة التي يعسكر فيها حزب الله وينشر فيها منظومة دفاع جوي منذ السابع من أكتوبر، وقبل الإجابة يجب الإشارة إلى أن أمريكا -ماما إسرائيل- وضعت 5 ملايين دولار مكافأة لمن يديلي بمعلومات تتيح الوصول إلى صالح العاروي، الرجل الثاني في حركة حماس، بينما وضعت 4 ملايين دولار للوصول إلى يحيى السنوار الرجل الأول في الحركة، أي أنها تعلم أهمية العاروري وتقدره -كسعر على الرأس كما يقال بالمصري- أكثر من السنوار.
انسحاب إسرائيل للأمام ظهر جليًا من خلال تركيزها خلال الأسابيع الماضية على تكسير مفاصل حركة حماس واغتيال أدمغتها المفكرة، ومن بينهم راتب أبو صهيبان قائد القوة البحرية، هيثم الجوارحي قائد كتيبة الشاطئ، رأفت سلمان رئيس وحدة الإسناد، واللافت أيضًا اغتيال وسام فرحات قائد كتيبة الشجاعية في قطاع غزة، ومن جاء خلفه عماد قريقع، خلال فترة وجيزة؛ فكيف وصلت إسرائيل لذات المصنف مرتين متتاليتين داخل القطاع خلال فترة الحرب؟
بيد أنه بالعودة إلى الضاحية الجنوبية في بيروت؛ حيث حزب الله اللبناني، يثار تساؤل أيضًا كيف تم اغتياله في حماية حزب الله الذي يردد تحذيراته منذ بداية طوفان الأقصى بأنه خط أحمر وأنه مستعد لدخول حرب ضد الاحتلال، وهو لم يستطع حماية ضيفه الحليف؟
هنا تبرز إجابات عدة من بينها القول بأن هناك خونة بين صفوف حركة المقاومة الإسلامية في قطاع غزة حماس وفي حزب الله اللبناني تمكنوا من معرفة أماكن وأزمنة وجود القيادات وراحوا يكسبوا بها الدولارات من جيوب إسرائيل وأمريكا، أو القول بأن أمريكا وإسرائيل تمكنتا من زرع جواسيس لهما يمكن استخدامهم وقت الحاجة داخل كل من حماس وحزب الله، وجاء وقت استهدامهم حاليًا، لكن يُخشى القول بذلك حاليًا حتى لا يواجه القائل باتهامات عدة من بينها محاباة الاحتلال، لنصل إلى الاعتراف والاعتقاد مرغمين بأن إسرائيل تضرب الودع لمعرمة أمكنة وأزمنة وجود قادة حماس وتنفذ ضرباتها الناجحة ضدهم، فسحقًا للودع.