سيباستيان هالر مهاجم كوت ديفوار: ستجد قوتك في الألم فاستمر ولا تيأس

قصص مختلفة يقدمها القاهرة 24 لكل العشاق والمتابعين لكرة القدم، عن بطولة كأس أمم إفريقيا، كوت ديفوار 2023، التي شهدت عددًا من القصص والحكايات والروايات، فكما نعرف أنه لكل قصة حكاية ولكل حكاية رواية، وحكايات كان 2023 ملهمة بشكل لا يوصف، تعلمنا منها أشياء كثيرة للغاية، خلال مشوار بطولة أمم إفريقيا، التي بشهادة الجميع هي بطولة المعجزات، وهي أفضل بطولة على مدار تاريخ بطولات أمم إفريقيا، لما رأيناه فيها، من مباريات مثيرة.

ويقدّم القاهرة 24 لكل العشاق والمتابعين لكرة القدم، والذين يحبون الحكاوي.. سلسلة بعنوان “واقع يحتاج لـ سينما.. حكايات كان 2023 ولا في الأحلام” وفي هذه السلسلة نستعرض حكايات إعجازية حدثت في بطولة كأس أمم إفريقيا من خلال عدة حلقات.

رابع حلقة لهذه السلسلة ستكون عن “سيباستيان هالر” مهاجم منتخب كوت ديفوار ونادي بوروسيا دورتموند الألماني الذي تألق بشكل كبير خلال الدقائق التي لعبها بالبطولة، حيث أنه كان مصابًا ولم يلعب دور المجموعات، بل بدأ في المشاركة منذ دور الـ 16.

سيباستيان هالر، عاد من السرطان من أجل التتويج بـ الكان، وقيادة منتخب بلاده كوت ديفوار للظفر باللقب الغالي على أرضهم ووسط جمهورهم.. قصته ملهمة بشكل خرافي، فلا أحد كان يصدق أن اللاعب الذي كان في صفوف منتخب كوت ديفوار وقاد المنتخب للفوز، هو نفسه الذي حارب الموت منذ عامين، هو نفسه الشخص الذي أصيب بسرطان خطير، لكنه بعزيمة قوية تعافى وعاد.. سنعرف الحكاية كاملة سويًا في الأسطر التالية.

من هو سيباستيان هالر؟

وُلد سيباستيان هالر من مواليد مدينة باريس بفرنسا، يوم 22 في شهر يونيو 1994 لأم إيفوارية وأب فرنسي، ويُقال إن لون البشرة الداكن لأمه هو الجين السائد في العائلة.

نشأ سيباستيان هالر في  بلدة تقع على بعد 20 كم فقط خارج باريس.. لم يكبر وحده مع والديه، ولكن إلى جانب أخته وشقيقه، ولاحظ والداه مستويات طاقة ابنهما العالية واهتمامه بالرياضة، والذي بدأ عندما كان عمره 3 سنوات.

شهد عام 1996 النجاح الفرنسي في فنون الجودو القتالية من خلال دورة الألعاب الأولمبية عام 1996، مما أدى إلى أن هذا العمل الفذ دفع والدة هالر إلى تسجيل ابنها في دروس الجودو، الأمر الذي لم يكن جيدًا بالنسبة له.

في البداية، كان سيباستيان هالر يركز على كرة القدم، وهي رياضة كانت ضد رغبة والدته.. ولم تكن رحلة سلسة لبناء مهاراته وإثباتها لوالديه، حيث أنه في سعيه لإتقان مهارته، كان هالر يخطئ أحيانًا في تسديد الكرة، مما أدى إلى المصابيح المكسورة والمزهريات والنظارات، وهو أحد الأسباب التي جعلت والدته تكره الرياضة وتريد الجودو.

لكن مع مرور الوقت، ساد شغف سيباستيان هالر بكرة القدم ضد رغبة والديه، وعندما رأى والديه أن كرة القدم هي هدفه الحقيقي، قرر والديه تسجيله في التجارب في أكاديمية كرة القدم.

بداية مسيرة احتراف هالر

في 2007، انضم إلى أكاديمية أوكسير للشباب، وهو ناد معروف بإنتاج لاعبين رائعين، وحصل هالر على عقده الاحترافي، وهو خبر أسعد عائلته بأكملها.. وبعد ثلاث سنوات من احتراف كرة القدم، قرر هالر الابتعاد عن فرنسا، وهذه المرة انتقل إلى هولندا.

سعيًا وراء النجاح انضم إلى نادي أوتريخت الهولندي على سبيل الإعارة، وخلال وجوده في نادي أوتريخت، أطلق عليه مدربه لقب الطائر الرائع؛ بسبب إيماءاته الهادئة وتقنياته النهائية الرائعة.

وفي سن الـ 22، انضم هالر إلى نادي أينتراخت فرانكفورت، ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن يثبت هالر أنه الرقم 9 الكلاسيكي الذي يتربص فقط في الصندوق.

زخم هالر وقوته جعلت من الصعب على الخصوم انتزاع الكرة من قدميه، واختار بعدها تمثيل منتخب كوت ديفوار على حساب منتخب فرنسا، قبل أن تتم صفقة انتقاله لنادي أياكس أمستردام الهولندي.

هالر مع دورتموند.. مسيرة لم تبدأ

انضم هالر إلى بوروسيا دورتموند في صيف 2022 قادمًا من نادي أياكس أمستردام الهولندي لتعويض رحيل إيرلينج هالاند إلى مانشستر سيتي، إلا أن لم يخض أي مباراة؛ إذ تم تشخيص إصابته بسرطان الخصية في يوليو 2022، بعد أيام فقط من توقيعه العقد.. ثم خضع لعمليتين ولأربع حصص من العلاج الكيميائي.

بدأت قصة مرض هالر بسرطان الخصية، في يوليو 2022، إذ تفاجأ بعد إجراء التحاليل والفحوصات خلال معسكر تدريبي شارك فيه بعد أسابيع من انضمامه، بأنه أصيب بمرض السرطان في الخصية، وعلى الفور خضع لعملية جراحية لاستئصال الورم ثم تلقى العلاج الكيماوي.

وفي الوقت ذاته، أكد الأطباء المعالجون له أنه كان يقاوم المرض بقوة من أجل سرعة العودة للملاعب بشكل أقوى مما كان عليه قبل إصابته، موضحين أنه كان متمسكًا بالأمل حتى آخر لحظة، وفي الوقت الذي أكد نادي دورتموند أنه لن يضغط على هالر من أجل تسريع عودته إلى الملاعب، تاركًا الحرية الكاملة للأطباء واللاعب في تحديد موعد العودة للتدريب.

عودًا حميدًا

في سبتمبر 2023، ظهر هالر في مشهد مؤثر خلال تسلمه جائزة ويلي فان دير كويجلن، كأفضل هداف في الدوري الهولندي، بعد تألقه مع فريقه السابق أياكس أمستردام الهولندي وتسجيله 34 هدفًا في موسم واحد، وسط تصفيق حار من الجماهير، وقاوم هالر دموعه معلقًا: الأمور تسير بخير، أنا هنا حتى أكون ملهمًا للآخرين، في مشهد مؤثر بشكل كبير للغاية.

من السرطان للتتويج بـ الكان 

عاد سيباستيان هالر بعناية إلاهية لم يصدقها أحد، حيث أنه مثال حي لجملة “عاد من الموت”، لكن وأي عودة، فهذه هي ثاني بطولة قارية له بعد الإصابة بالسرطان، ولم يؤدي بشكل جيد في بطولة 2022 بالكاميرون، وجاء بعزيمة قوية لمساعدة بلاده في التتويج بـ الكان على أرضهم ووسط جمهورهم.

التألق شاهده الجميع لـ اللاعب سيباستيان هالر، حيث أنه بدأ مشواره منذ دور الـ 16، حي شارك بديلًا أمام منتخب السنغال، وشارك بديلًا أمام منتخب مالي، لكنه بدأ أساسيًا في نصف النهائي أمام منتخب الكونغو الديمقراطية، في إشارة رائعة من المدير الفني للأفيال إيميرس فاي إلى أنه يثق في قدراته.

سجل هالر هدفين فقط في البطولة، لم يكونوا مثل أي هدفين، فهدفه الأول كان هدف في شباك منتخب الكونغو الديمقراطية بنصف نهائي أمم إفريقيا، وكان هدف تأهل كوت ديفوار إلى المباراة النهائية، أما هدفه الثاني، فكان في شباك منتخب نيجيريا في المباراة النهائية التي بدأها كـ أساسي أيضًا.

هدفه في مباراة نيجيريا كان الهدف الثاني لمنتخب كوت ديفوار، وهو عمليًا هدف تتويج منتخب كوت ديفوار ببطولة كأس أمم إفريقيا للمرة الثالثة.

ستجد قوتك في الألم فاستمر ولا تيأس

هذه قصة سيباستيان هالر الملهمة بشكل كبير، حيث أنه في يوليو 2022 تم تشخيصه مصابًا بمرض سرطان الخصية، وهو المرض الذي تعرض له عديد النجوم الكبار، والذين كان من أبرزهم بكل تأكيد آرين روبين النجم الهولندي، الذي تم تشخيص إصابته بهذا المرض الخطير عندما كان يبلغ من العمر 20 عاما، واضطر إلى إيقاف مسيرته الاحترافية بعد تشخيص الإصابة، وكان حينها قد وقّع مع تشيلسي الإنجليزي، وعلى الرغم من علمه بمرضه إلا أنه شارك مع منتخب بلاده في بطولة أوروبا بالبرتغال.. لكن بعد شفائه من المرض، قال في تصريحات صحفية: كنت خائفا جدا، كان العيش من دون لعب كرة القدم أمرا صعبا، لم أكن أعرف ما الذي سيحدث لي.

هالر تغلب على مرضه وتعافى؛ ليعود في فبراير 2024، ويسجل هدف الفوز ويفوز كوت ديفوار بلقب كأس الأمم الإفريقية.. قصة مُلهمة ومثيرة؛ لن ينساها سيباستيان هالر بكل تأكيد، فأن تعود من المرض وتقود منتخب بلادك وتحرز هدف الانتصار لقب كأس أمم إفريقيا على أرضك ووسط جمهورك، فـ يا لها من قصة رائعة، علاوة على أنه حقق حلم المدرب السابق جان لويس جاسكيه الذي خرج قبل مباراة نيجيريا وقال إنه يتمنى رؤية هالر يسجل هدفًا بالمباراة النهائية وهو ما تحقق بل وسجل اللاعب هدف الفوز باللقب.

أنت ستجد في الألم كل قوتك، فلا تيأس واستمر من أجل تحقيق الأحلام التي حلمت بها وأنت صغيرًا، ولا تتوقف عن الأحلام، فهي ستتحقق إذا كان لديك عزيمة وإرادة من داخلك من أجل تحقيق كل شيء.. إرادة الله فوق كل شيء فلولا القدر لما كان سيباستيان هالر نجم منتخب كوت ديفوار وبوروسيا دورتموند على قيد الحياة في يومنا هذا.

سنعود قريبًَا..

كانت هذه الحلقة الرابعة من عدة حلقات في سلسلة “واقع يحتاج لـ سينما.. حكايات كان 2023 ولا في الأحلام” التي يقدمها القاهرة 24 لكل العشاق والمتابعين..