منتخب كوت ديفوار.. عندما تتسمك بالفرصة وتحوّل الصعاب إلى نجاحات
حلقة مختلفة من هذه السلسلة، ففي الحلقات السابقة كنا نتحدث عن لاعب أو مدرب، لكن في هذه الحلقة نتحدث عن بطل كأس أمم إفريقيا 2023 الذي قهر المستحيل ووصل إلى إنجاز وصنع إنجاز، منتخب كوت ديفوار، الذي توّج باللقب على أرضه ووسط جمهوره.
لكل قصة حكاية ولكل حكاية رواية، وحكايات كان 2023 ملهمة بشكل لا يوصف، تعلمنا منها أشياء كثيرة للغاية، خلال مشوار بطولة أمم إفريقيا، التي بشهادة الجميع هي بطولة المعجزات، وهي أفضل بطولة على مدار تاريخ بطولات أمم إفريقيا، لما رأيناه فيها، من مباريات مثيرة.
ويقدّم القاهرة 24 لكل العشاق والمتابعين لكرة القدم، والذين يحبون الحكاوي.. سلسلة بعنوان “واقع يحتاج لـ سينما.. حكايات كان 2023 ولا في الأحلام” وفي هذه السلسلة نستعرض حكايات إعجازية حدثت في بطولة كأس أمم إفريقيا من خلال عدة حلقات.
ثامن حلقة لهذه السلسلة ستكون عن “منتخب كوت ديفوار” بطل كأس الأمم الإفريقية، والذي كان قاب قوسين أو أدنى من مغادرة البطولة على أرضه ووسط جمهوره من الدور الأول، بأداء مخيب، ولا يليق باسم عريق مثل بلد الكوت ديفوار.. فـ هيا بنا لنتعرف عن قصة حكاية منتخب كوت ديفوار في بطولة أمم إفريقيا 2023.
الصعوبات تكتب الإعجازات
منتخب كوت ديفوار استضاف بطولة كأس أمم إفريقيا وعينه على تحقيق اللقب الثالث تاريخيًا الغائب منذ عام 2015، وهو يتسلح بعاملي الأرض والجمهور، كما أن القرعة أوقعته بالمجموعة الأولى وكانت في نظر البعض متوازنة إلى حد ما، حيث ضمت كلًا من، نيجيريا، وغينيا الاستوائية، وغينيا بيساو.
الكل بلا استثناء توقع تأهل نيجيريا وكوت ديفوار إلى ثمن نهائي بطولة كأس أمم إفريقيا عن هذه المجموعة، لكن حدث ما لا يتوقعه أي شخص، وكادت أن تغادر كوت ديفوار المسابقة من دورها الأول، لولا القدر الذي أعادها مرة أخرى إلى البطولة.
صعوبات عديدة مر بها اللاعبين، ومر بها الاتحاد الإيفواري لكرة القدم، ومر بها الجهاز الفني والجماهير، خلال مشوار البطولة.. بل عاش منتخب كوت ديفوار واحدة من أغرب المشاركات في تاريخه ببطولة كأس أمم إفريقيا، أشبه بالإعجاز والقصص الدراماتيكية التي نشاهدها خلال الأفلام فقط.
مشوار كوت ديفوار في أمم إفريقيا
البداية كانت في المباراة الافتتاحية، حيث التقى منتخب كوت ديفوار بنظيره منتخب غينيا بيساو وحقق الفوز المريح بهدفين دون رد، وأعلن عن نفسه كمرشح بارز لنيل اللقب القاري الغالي، لكن تلقوا صدمتين وراء بعض، في الجولة الثانية تعرضوا لهزيمة بهدف نظيف أمام منتخب نيجيريا، وفي الجولة الثالثة كانت الصدمة الكبرى حين تلقوا الهزيمة الأكبر في تاريخ أصحاب الأرض، وهي برباعية دون رد على يد منتخب غينيا الاستوائية، وقتها توقع الجميع أن منتخب الأفيال ودّع البطولة مبكرًا، واتخذ الاتحاد الإيفواري حينها قرارًا حاسمًا بإقالة المدير الفني الفرنسي جان لويس جاسكيه وتعيين مساعده إيمرس فاي خلفًا له، لاستكمال مشوار الأفيال إذا تأهلوا.
كوت ديفوار احتلت المركز الثالث في مجموعتها بـ 3 نقاط فقط من انتصار وحيد، مع تسجيلها هدفين واستقبالها 5 أهداف، لكنها تمسكت بآمالها بالتأهل كواحد من أفضل المنتخبات صاحبة المركز الثالث في البطولة، وكانت تحتاج انتصار منتخب المغرب على حساب منتخب زامبيا من أجل التأهل وهو ما حدث بالفعل، حيث فاز أسود الأطلس بهدف دون رد، مانحة الأفيال بطاقة التأهل إلى دور الـ 16 في مفاجأة لم يتوقعها حتى المسؤولين عن الكرة في البلاد هناك.
منتخب كوت ديفوار تأهل كـ واحد من أفضل المنتخبات صاحبة المركز الثالث في البطولة، وضرب موعدًا مع حامل اللقب منتخب السنغال في ثمن النهائي، وكل التوقعات كانت تؤدي إلى طريق واحد، وهو توديع الأفيال لبطولة كأس أمم إفريقيا، خصوصًا مع الاعتماد على المدير الفني “المؤقت” إيمرس فاي وفشل التعاقد مع هيرفي رينارد على سبيل الإعارة.
منتخب كوت ديفوار بالعزيمة والإرادة حقق المفاجأة وأقصى حامل اللقب منتخب السنغال من دور الـ 16 وتأهل إلى ربع النهائي، بعدما قلب تأخره من هزيمة بهدف نظيف، إلى التعادل 1-1، والفوز عن طريق ركلات الجزاء الترجيحية؛ لتكمل كوت ديفوار كتابة تاريخ جديد وتتأهل إلى ربع النهائي وتلاقي منتخب مالي الذي كان سير بخطى ثابتة في المسابقة.
صعوبات خلال المشوار التاريخي
صعوبات جديدة واجهت منتخب كوت ديفوار في ربع نهائي أمم إفريقيا 2023، حيث بدأت المباراة باحتساب ركلة جزاء لصالح منتخب مالي لكنها ضاعت بعدما تصدى لها حارس الأفيال يحيى فوفانا، لكن تلاها طرد على المدافع أوديلون كوسونو، في الشوط الأول، تبعها هدف منتخب مالي قبل نهاية المباراة بربع ساعة، لكن حدث الإعجاز وسجل منتخب كوت ديفوار الفوز هدف التعادل في الدقيقة 90؛ لينفجر الملعب، ويحتكم المنتخبان إلى الأشواط الإضافية.
هل تنتهي القصة الدراماتيكية لمباراة كوت ديفوار ومالي؟، بالطبع لا، فهي بطولة الإعجازات، وفي الشوط الإضافي الثاني وتحديدًا في الدقيقة 121 أي قبل النهاية بثوانِي قليلة، سجل منتخب كوت ديفوار الهدف الثاني “هدف التأهل إلى نصف النهائي”، مع حصول اللاعب صاحب الهدف على بطاقة حمراء، لكن انتهت المباراة بتأهل الإيفواريين إلى نصف النهائي لمواجهة منتخب الكونغو الديمقراطية الذي كان قد أقصى منتخب مصر من دور ثمن النهائي.
منتخب كوت ديفوار دخل مباراة نصف النهائي أمام منتخب الكونغو الديمقراطية؛ ليواصل المشوار الإعجازي، بعد أن كان الأفيال على حافة الخروج المبكر، بغيابات عديدة، كانت كوسونو، ودياكيتي بسبب الطرد، وأورييه، وكواميه بسبب تراكم البطاقات.
وقاوم لاعبو كوت ديفوار الصعوبات، وحققوا الفوز على حساب منتخب الكونغو الديمقراطية، بهدف دون رد، أحرزه سيباستيان هالر؛ ليتأهل منتخب الأفيال إلى نهائي البطولة، في رحلة غريبة جدًا لم يتوقعها أحد لهذا المنتخب العريق.
وفي النهائي، أراد منتخب كوت ديفوار الثأر من نيجيريا الذي ألحق به الهزيمة بدور المجموعات، لكنه تأخر بهدف في الشوط الأول، وفي الشوط الثاني عاد وتعادل في النتيجة، ثم سجل هدفًا قاتلًا عن طريق هالر في الدقيقة 80؛ ليتوّج المنتخب الإيفواري بلقب كأس أمم إفريقيا 2023 على أرضه ووسط جمهوره في رحلة غريبة الأطوار تكاد تكون أشبه بالقصص التي نراها في السينما.
أن تتسمك بالفرصة وتحوّل الصعاب إلى نجاحات
سيناريو تتويج منتخب كوت ديفوار ببطولة كأس أمم إفريقيا كان غريبًا وأشبه بالإعجاز، وكأنه مثل الشخص الذى عاد من الموت ليحقق نجاحًا غير متوقع، وسط أنظار الجميع، فهذا هو المعنى الحرفي لمقولة “أن تتسمك بالفرصة وتحوّل الصعاب إلي نجاحات”، جيث أن منتخب كوت ديفوار بكامل نجومه وجماهيره وجهازه الفني وكل المسؤولين على الكرة في البلاد، عملوا على مواجهة التحديات وتحويل التفكير السلبي إلى إيجابي، بالتأكيد بعد التأهل كانوا يتابعون ما يُقال عنهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هذه هي “سكريبتات كرة القدم”، أو أن “كرة القدم سيناريوهات محفوظة”، وان كل المؤشرات تقول بأن منتخب كوت ديفوار الذي عاد من الموت سوف يتوّج باللقب.
كانوا متفائلين ووضعوا الثقة بأنفسهم، وكانوا صبورين ومثابرين، استخدموا تقنيات التأمل والتخيل والتكرار للوصول إلى التحول الإيجابي، وقبل كل ذلك حددوا الأهداف ووضعوا خطة عمل واضحة والاستفادة من القوى الداخلية واتخاذ القرارات الحاسمة واستعانة بالجمهور من أجل تحفيز اللاعبين، كانوا مستعدين للتعلم المستمر وتقييم النتائج.. فلهذا ومن مكاننا هنا نرفع لهم القبعة ونوجه لهم التحية على هذه الحكاية الملهمة من حكايات بطولة كأس أمم إفريقيا 2023.
هل مستعدون لما هو قادم؟
كانت هذه الحلقة الثامنة من عدة حلقات في سلسلة “واقع يحتاج لـ سينما.. حكايات كان 2023 ولا في الأحلام” التي يقدمها القاهرة 24 لكل العشاق والمتابعين..