أنقذوا أبراج مثلث ماسبيرو حديثة البناء من العشوائية
منطقة مثلث ماسبيرو كانت الكابوس الذي عانت منه الدولة المصرية على مدار عقود وحكومات متعاقبة؛ وسط أحلام التطوير والقضاء على العشوائية لسنوات طويلة، حتى باتت الأحلام واقعًا ملموسا في ظل تبني الدولة خطة القضاء على العشوائيات بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
مثلث ماسبيرو تعد حيّا تاريخيا؛ حيث تقع غرب محافظة القاهرة، يحدها كورنيش النيل غربا وشارع 26 يوليو شمالا، كما يحدها شارع الجلاء من الجهة الشرقية وميدان عبد المنعم رياض من الجنوب.
موقع المنطقة الفريد والمميز كونها تطل على نهر النيل، بواجهة مائية تبلغ حوالي 900 جعلها محط أنظار الحكومة لتطويرها لتبدأ في 2019 أعمال التطوير الفعلي بعد الاتفاق مع سكان المنطقة علي الخيارات التي تتناسب معهم والمقدر عددهم بحوالي 4500 أسرة.
الحكومة قبل مد يد التطوير، طرحت خيارات ثلاثة أمام قاطني المنطقة لاختيار ما يتناسب مع كل منهما، كان من بين الخيارات أمام السكان العودة مرة أخرى للعيش بالمنطقة بعد تطويرها، حيث اختارت أكثر من 900 أسرة بما يعادل 21% من إجمالي المواطنين الذين كانوا يقطنونها العيش بالمنطقة على ذكريات الماضي.
عمليات التطوير وتغيير معالم منطقة مثلث ماسبيرو وإزالة المنازل العشوائية وإقامة أبراج بارتفاعات شاهقة وبدء تنفيذ شقق فندقية، كلفت الدولة أكثر من 4 مليارات جنيه فقط في أعمال البناء، بخلاف قيمة الأرض التي سددتها الدولة لأصحاب الخيارات الأخرى والتي وصل سعر المتر الأرض الفضاء لـ 90 ألف جنيه.
انتهت الدولة من تشييد عدد من الأبراج السكنية وفقا للمخطط العام للمنطقة، وتم تنفيذ وحدات سكنية تليق بمستوى وجودة حياة المواطنين ممن لديهم نية السكن وقضاء ما تبقى من عمرهم في هذا المكان الشاهد على أحلامهم وطموحاتهم الطفولية.
عادت الأسر الراغبة في السكن بمنطقة مثلث ماسبيرو لوحداتهم الجديدة والتي يصل سعر الوحدة مساحة الـ 70 مترا لأكثر من 2 مليون جنيه، لتعاود الحياة مرة أخرى للمنطقة بعد سنوات قليلة من التطوير لا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة. لم تكتفِ الدولة ممثلة في وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة بالوحدات السكنية وتصميمها الذي يفوق مشروعات القطاع الخاص، لجأت لعملية التشجير وإضفاء اللمسات الجمالية على المنطقة، لتحاط الأبراج السكنية بالأشجار اليافعة محاولة منها لخلق مساحات خضراء كما اعتادت فى مخططات مدن الجيل الرابع فى شتي ربوع مصر.
أحلام وطموحات المصريين بعد رؤية الأبراج شامخة تعانق السماء، كانت كبيرة وبفرحة لا توصف وكأنهم هم قاطنو الوحدات وملاكها، سرعان ما تحولت لتخوف لامس جميع من يمر أمامها، بعد أن احتلت السيارات العامة والموتوسيكلات ساحة الانتظار الأمامية لمنطقة الأبراج وخلف عشوائية الانتظار دون وجود جهة تحكم عملية الدخول والخروج، فضلا عن أنتشار الكلاب الضالة والتى جاءت إليها من المناطق المجاورة للتأخذ من منطقة مثلث ماسبيرو مأوى لها وتحديدا بالمدخل الخاص بالأبراج من شارع الجلاء الرئيسي.
يد الإهمال طالت أيضا الزراعات والأشجار التي لم تجد من يعتني بها، في ظل غياب شركة متخصصة لإدارة المشروعات والاهتمام بكل التفاصيل من كبيرها لصغيرها، لضمان الحفاظ على العمران القائم والذي كلف الدولة المليارات، كما تلاحظ وجود تعديات من الأهالي داخل مناطق الأبراج وتركيب أطباق الدش في أمكان غير مخصصة لذلك، في ظل تأخر إنشاء الدش المركزي للأبراج، مما اضطر بعض السكان لتركيب الأطباق بالأماكن بالمخالفة، ليحول الأبراج من الداخل لعشوائية جديدة عانت منها الدولة لسنوات.
سوء استغلال السكان للأبراج أدى إلى تعطل الأسانسيرات الداخلية، بعدما رفع السكان الأجهزة الكهربائية والغرف الخشبية داخل الأسانسير، ما أدى إلى كسر أغلفة التحكم، وتعطل بعضها لفترات طويلة، في ظل غياب الرقابة الداخلية وتيسير حركة القاطنين والاستغلال الأمثل للخدمات.
وضع الحلول للقضاء على هذه المشاكل التي إن تركت لفترة أطول تسبب في عشوائية تكلف الدولة أموالا أخرى لرفع كفاءتها من جديد، تكمن في الاستعانة بشركة متخصصة في عملية إدارة المشروعات تكون هي الجهة المنوط بها التحكم بكل كبيرة وصغيرة داخل مشروع مثلث ماسبيرو، ووضع اللوائح والأنظمة والإرشادات العامة التي يلتزم بها قاطنو المشروع، مع تنظيم زيارات مستمرة من مسئولي الإسكان للوقوف على مدى التزام الشركة والسكان بكافة التعليمات المنصوص عليها لضمان استمرار نجاح المشروع الذي أصبح مرجعا لكثير من الدول الأخرى.