المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف موضوعًا لخطبة الجمعة المقبلة
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة 23 أغسطس 2024 بعنوان: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
وقالت وزارة الأوقاف، إن الهدف من هذه الخطبة هو توجيه وعي جمهور المسجد إلى أن القوي لا يضعف أمام المخدرات، ولا يضعف عقله أمام الشائعات، مضيفة أن عناصر الخطبة تهدف إلى بيان معنى القوة، وأقسام القوة، وأهمية قوة العقل، وبيان خطورة المخدرات والشائعات.
نص خطبة الجمعة
الحمد لله العزيز الحميد، القوي المجيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من نطق بها فهو سعيد، سبحانه هدى العقول ببدائع حكمه، ووسع الخلائق بجلال نعمه، أقام الكون بعظمة تجليه، وأنزل الهدى على أنبيائه ومرسليه، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، شرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، فما هي القوة؟ القوة بمعناها الكامل هي قوة الجسد، وقوة العقل، وقوة الروح، أما قوة الجسد فمعناها أن يصون الإنسان جسده عن الأمراض والعلل، ويطيب مطعمه، ويطيب مشربه، وقوة العقل معناها أن يمتلئ قلب الإنسان علمًا ومعرفة ووعيًا، وأن يكون بعيد النظر، وأن يتعلم دائمًا، وقوة الروح معناها الطمأنينة، معناها اليقين، معناها أن يتجاوز الإنسان كل أحزانه وآلامه.
ونقف هنا وقفة عند قوة العقل، فلا يمكن للعقل أن يكون قويًا إذا ضعف أمام المخدرات، لا يمكن للعقل أن يكون قويًا إذا كان كثير التشويش بالشائعات. إن القرآن الكريم حدثنا في خواتيم سورة الكهف عن القوة المادية في قصة رجل صالح ملك مشارق الأرض ومغاربها -وهو ذو القرنين- وأوتي من كل شيء سببًا، حين قال لقوم من الأقوام: فأعينوني بقوة، فكانت القوة سبب نجاح البناء والتشييد والعمران.
كما حدثنا في فواتح سورة مريم عن قوة العقل والمعرفة والحكمة، حينما حدثنا عن نبي كريم من أنبياء الله تعالى، أراد سبحانه له العلم والحكمة في وقت الصبا، فقال الله تعالى له: يا يحيى خذ الكتاب بقوة، فكانت القوة مفتاح العلم والفهم.
فكن قويًا؛ فإن الله تعالى يحب المؤمن القوي، الصلب، الجسور، الحصين، الذي يحمي جسده وعقله وروحه من كل ما يضر ويضعف ويهدد الجسد بالمرض، أو العقل بالانحراف، أو الروح بالوهن.
والشرع يريد للإنسان أن يكون قويًا، ويريد للأسرة أن تكون متماسكة، ويريد للعقول أن تكون واعية، ويريد للأوطان أن تكون شامخة، ويريد للوعي أن يكون يقظًا. فهل يتمكن الإنسان من تحصيل ذلك كله إذا كان ضعيفًا أمام المخدرات والشائعات؟! إن المخدرات مفتاح القلق، والاكتئاب، والتوتر العصبي والنفسي، واضطراب الذاكرة، وكثرة النسيان، والانطواء والعزلة والإحباط واليأس، والتفكك الأسري، فكم من بيوت دمرت وأسر انحل عقدها، وأطفال شردوا وضاع مستقبلهم بسبب المخدرات التي تغيب العقل، وتشُل الإرادة، وتحول الإنسان من كائن قوي شامخ إلى آخر مهزوم ضعيف خائر مشوش تائه! يضيع نفسه وشبابه وعافيته، ويدمر أسرته بضياعه وتضييعهم!
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فيا أيها الإنسان كن قويًا، عصيًا على كل ما ينال من عقلك ونفسيتك من الخرافة، والتضليل، والشعوذة، والتشكيك والشائعات. فالمؤمن القوي لا يضعف أمام خبر كاذب باطل مزيف مزور، فيتسرع بنشره، وبثه في الناس، سواء أكان ذلك في الواقع، أم بادر بمشاركته على مواقع التواصل، دون تثبت أو تبين.
كن قويًا، واعلم أن نشر الشائعات وترويجها إثم عظيم. وتأمل هذا التحذير النبوي البالغ من نشر الأخبار دون تثبت أو تبين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع، وتدبر هذه القارعة الأخرى في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالًا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنم.
إن المسارعة في نشر الأخبار التي تجرح الناس وتشوش المجتمع ليس شيئًا يسيرًا، "وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم"!
اللهم عافنا في أبداننا وعقولنا، واجعلنا أقوياء في الحق، أعوانًا عليه.