وزير الخارجية لصحيفة واشنطن بوست: مستمرون في بذل جهودنا لإنهاء حرب غزة وإحلال السلام في المنطقة
تحدث الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة، في مقال رأي لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، قال فيه إنه تولى منصب وزير الخارجية المصري في وقت حرج، فالمنطقة تواجه مزيجًا غير مسبوق من التحديات، مضيفًا أن القرارات التي اتخذت اليوم لمعالجة هذه الأزمات سوف تحدد مسار الشرق الأوسط لعقود مقبلة.
الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية يتحدث لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية
وأضاف عبد العاطي: رغم أن الشرق الأوسط كان تاريخيًا منطقة معقدة مليئة بالصراعات الداخلية والخلافات التاريخية والنزاعات السياسية، إلا أن المنطقة لم تشهد أي شيء يعادل ما نشهده اليوم.
وأضاف: لا يزال الفلسطينيون يعانون من حرب شرسة هزت ضمير العالم؛ وتكافح ليبيا مع الاستقطاب السياسي؛ ويعاني السودان من صراع داخلي أدى إلى أزمة إنسانية عميقة؛ وتُنتهك أراضي لبنان مرارًا وتكرارًا، ما يؤدي إلى نزوح جماعي لمواطنيه؛ وتواصل اليمن السعي إلى تسوية سياسية شاملة؛ وتسعى سوريا إلى إنعاش نفسها بعد عقد من الاضطرابات.
وأكمل عبد العاطي قائلًا: رغم أن كل هذه التحديات الجيوسياسية والتهديدات العابرة للحدود الوطنية تستحق الاهتمام الفوري، فإن أي قضية لم تحظ بقدر أعظم من الاهتمام على مستوى العالم في العام الماضي من حرب إسرائيل في قطاع غزة، ففي العام الماضي، أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 42 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 100 ألف آخرين من المدنيين الفلسطينيين، وتدمير 85% من البنية الأساسية العامة في غزة، وتشريد أكثر من 70% من سكان غزة.
وأوضح عبد العاطي أنه كان من المفترض أن تكون الحرب العالمية الثانية بمثابة نهاية كل الحروب التي تستهدف المدنيين، وقد صُممت اتفاقيات جنيف لعام 1949 لتدشين نظام قانوني جديد، وخلق محظورات قانونية وأخلاقية ضد استهداف المدنيين أثناء الحروب والصراعات. لقد أدى العام الماضي إلى تقويض أساس أساسي من أسس نظامنا الدولي القائم على القواعد وسيادة القانون العالمية.
وأشار إلى أنه من المؤسف أن إسرائيل لا تزال تتبنى نفس النهج قصير النظر والمضلل الذي سيطر على عقيدتها الأمنية لعقود من الزمان، وهو أن القوة الساحقة والإكراه سيضمنان أمنها وسيؤديان في نهاية المطاف إلى اليأس بين الفلسطينيين من ممارسة حقهم في تقرير المصير، وقد تبنت إسرائيل هذه العقيدة مرارًا وتكرارًا على الرغم من عدم تحقيق نتائج دائمة.
وذكر أنه على مدى عقود من الزمن، لجأت إسرائيل إلى الاستمرار في الاحتلال والضم والاغتيالات المستهدفة واستخدام القوة والبناء المتواصل للمستوطنات غير القانونية في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة مع أعمال عنف متواصلة من جانب المستوطنين.
واستكمل: لكي نحقق السلام والأمن، يتعين علينا أن نتبنى عملية محددة المعالم ومدروسة لإبعاد الفلسطينيين عن اليأس والبؤس وتقديم مستقبل بديل وفي نهاية المطاف مستقبل مليء بالأمل والكرامة ــ مستقبل يمكنهم فيه الحكم بحرية في دولة ذات سيادة خاصة بهم.
ومن هنا، يتعين علينا أن نعالج السبب الجذري للصراع وليس أي أعراض له، ولابد أن ينتهي احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، ولابد أن يمارس الفلسطينيون حقهم في تقرير المصير بما يتفق تماما مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وأفاض: إن التاريخ يعيد نفسه، فنحن نشهد سياسة متكررة من الانتهاكات الإقليمية والاغتيالات المستهدفة وتدمير البنية الأساسية العامة، ولم ينجح أي من هذا في الماضي، ولن ينجح في المستقبل.
ولفت إلى أن استخدام القوة لا يخدم قضية السلام ولا يضمن الأمن، بل على العكس من ذلك، فإنه يولد مشاعر الانتقام والعداوة والانتقام، ويؤدي إلى تطرف الأجيال الناشئة، ويحفز التجنيد للمنظمات المتطرفة، ويدمر آفاق التعايش السلمي.
وكرر عبد العاطي أن المشاعر الوطنية الفلسطينية لن تذبل أو تتصدع بسبب الاستفزازات المتكررة، ولو كان الأمر كذلك لكان الفلسطينيون قد تخلوا عن تطلعاتهم منذ عقود من الزمان، إن التاريخ يقدم لنا دروسًا قيمة، ولكن فقط إذا كان هناك استعداد لتعلمها.
وأشار إلى أن عدم السعي الجاد إلى إقامة الدولة الفلسطينية سوف يؤدي إلى استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في دوامة العنف والعنف المضاد التي من شأنها أن تعرض حياة الفلسطينيين والإسرائيليين للخطر، ويتعين علينا أن نعمل بشكل جماعي ضد مثل هذا السيناريو وأن نواصل السعي إلى تحقيق حل الدولتين الذي يوفر السلام والأمن للشعبين، وهذا هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق إذا كنا راغبين في تجنيب الأجيال الفلسطينية والإسرائيلية في المستقبل ويلات الحرب والإرهاب.
واختتم عبد العاطي قائلًا إن مصر تواصل العمل بلا كلل لتحقيق هذه الغاية، مضيفًا: لقد كنا الدولة الرائدة في السعي إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وكانت الدولة العربية الأولى التي توقع معاهدة سلام مع إسرائيل، ولكن هذا الإنجاز لم يكن ممكنًا إلا بفضل القيادة الجريئة الثاقبة التي تجاوزت سياسات اللحظة وقدمت رسالة قوية وطويلة الأمد تمزج بين الإنسانية والعدالة من أجل تعزيز السلام والأمن للجميع.