روسيا ـ إفريقيا| شراكة استراتيجية وتعاون مثمر.. موسكو تغازل القارة السمراء
شهدت العلاقات الروسية الإفريقية تطورات كبيرة خلال الأعوام الماضية، تمثلت في الشراكة الاستراتيجية والتعاون المثمر بين الجانبين في مختلف المجالات، إذ يتمتع التعاون بين روسيا وإفريقيا بجذور تاريخية تعود إلى حقبة الاتحاد السوفيتي، عندما دعمت موسكو العديد من حركات التحرر الإفريقية وقدمت المساعدات الاقتصادية والعسكرية للدول الناشئة.
وخلال السنوات الأخيرة، عادت روسيا لتعزيز حضورها في القارة الإفريقية بشكل كبير من خلال شراكات متعددة المجالات، مع مختلف دول القارة السمراء، بما يخدم المصلحة المشتركة بين الجانبين ويعزز العمل نحو مستقبل واعد.
ومن المتوقع أن تستمر الشراكة الروسية الإفريقية في التوسع، مع تعزيز التعاون في مجالات جديدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والطب والأمن، وهذه العلاقات يمكن أن تسهم في تنمية اقتصادية مستدامة للقارة الإفريقية وتدعم موقع روسيا كلاعب دولي مؤثر في المشهد العالمي بما يخدم المصلحة المشتركة لكل الأطراف ويعزز فكرة عالم متعدد الأقطاب في مواجهة الأحادية القطبية الغربية.
وتظهر ملامح الشراكة الاستراتيجية والتعاون المثمر بين روسيا وأفريقيا، من خلال جوانب مختلفة، عززها التقارب المستمر وتعزيز اللقاءات بين الجانبين من خلال مؤتمرات ومنتديات كبرى يتم تنظيمها بشكل دوري، أخرها الاجتماع الوزاري الأول لمنتدى الشراكة بين روسيا وإفريقيا الذي عقد على مدار يومين بمدينة سوتشي الروسية.
أبرز جوانب التعاون بين روسيا وإفريقيا
التعاون الاقتصادي
الاستثمارات: روسيا تسعى للاستثمار في قطاعات الطاقة والنفط والغاز والتعدين، إذ تعتبر إفريقيا مصدرًا مهمًا للموارد الطبيعية مثل الذهب والماس واليورانيوم، وتمتلك موسكو مجموعة استثمارات ضخمة بالقارة السمراء.
التجارة: يتم تطوير التبادل التجاري بين روسيا والدول الإفريقية في مجالات مختلفة مثل المنتجات الزراعية والتكنولوجيا، وتعد موسكو من أكبر موردي القمح لدول القارة السمراء.
التعاون العسكري والأمني
تصدير الأسلحة: تُعد روسيا من أبرز موردي الأسلحة لدول إفريقية عديدة، وتشمل هذه الصادرات الأسلحة الثقيلة والمعدات الدفاعية، ويتم هذا الأمر من منطلق تعزيز التعاون العسكري والأمني بشكل مشترك لدعم الدفاع عن مصالح الدول وسيادتها.
التدريب والدعم الفني: تقدم روسيا تدريبًا للقوات العسكرية في الدول الأفريقية وتشارك في برامج لتعزيز القدرات الأمنية لمختلف القوات المسلحة بدول القارة السمراء.
التعليم والتبادل الثقافي
المنح الدراسية: تستضيف الجامعات الروسية عددًا كبيرًا من الطلاب الأفارقة، ما يسهم في نقل المعرفة وبناء علاقات طويلة الأمد، وتقدم موسكو منحة دراسية حكومية بشكل سنوي، يتقدم لها الآلاف الطلاب من دول القارة السمراء.
الفعاليات الثقافية: تُنظم الفعاليات لتعزيز التبادل الثقافي والفني بين روسيا والدول الأفريقية، وتعد موسكو رائدة في هذا المجال، وكان أبرز هذه الفاعليات مهرجان شباب العالم مارس 2024 بمدينة سوتشي الروسية، والذي شارك فيه اكثر من 20 ألف شاب من مختلف دول العالم، وكان من بينها الآلاف من القارة السمراء.
الطاقة والبنية التحتية
مشاريع الطاقة: تستثمر الشركات الروسية في مشاريع الطاقة، بما في ذلك محطات الطاقة النووية، مثل إنشاء مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية بمصر، كما تسعى إلى تطوير مصادر الطاقة المتجددة.
البنية التحتية: تشمل هذه الاستثمارات بناء السكك الحديدية والموانئ ومشاريع الطرق الضخمة بمختلف الدول الأفريقية.
القمم والمنتديات
تعقد روسيا بشكل دوري منتديات مثل منتدى الشراكة بين روسيا وأفريقيا، الذي يجمع القادة لمناقشة سبل تعزيز التعاون واستكشاف فرص جديدة في مختلف المجالات، والذي عقد على مدار يومين بمدينة سوتشي الروسية بمشاركة وزراء خارجية وممثلي 54 دول أفريقية، وكذلك القمة الروسية الأفريقية التي يتم تنظيمها على مستوى رؤساء الدول، والتي عقدت في نسختها الأخيرة بمدينة سانت بطرسبرج الروسية 2023.
