دار الإفتاء: السخرية من ذوي الهمم حرام شرعًا وموجبة لفسق صاحبها
قالت دار الإفتاء، إن من محاسن الشرع الشريف أنه قد رفَع الحرج في كثير من العبادات والواجبات عن بعض المكلفين، وممن خصهم الشرع الشريف بمزيد من التيسير ورفع الحرج: ذوي الهمم، سواء كانت إعاقتهم جسدية أو ذهنية أو كلاهما معًا؛ فقد قدر الإسلام أعذارهم، فأسقط عنهم الكثير من التكاليف الشرعية؛ سواء كانت فرائض وواجبات أو سننًا ونوافل.
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى لها عبر موقعها الرسمي، أن جانب الحقوق لذوي الهمم من الأمور التي أَولى بها الشرع عناية خاصة؛ فحرم السخرية والاستهزاء بكل صورها وأشكالها؛ وذلك لأن الشريعة الإسلامية جاءت لحث الناس على مكارم الأخلاق والبعد عن بذيء الأقوال والأفعال؛ ولذلك جاء الذم والنهي عن السخرية واللمز والاحتقار، مشيرة إلى أن السخرية من ذوي الهمم قد تشتمل على السبّ وبذاءة اللسان، وهو محرم شرعًا، وموجب لفسق صاحبه؛ ففي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ».
كما استشهدت الافتاء، بقول الإمام ابن بطال في «شرح صحيح البخاري»: [سباب المسلم فسوق؛ لأن عرضه حرام كتحريم دمه وماله، والفسوق في "لسان العرب": الخروج من الطاعة، فينبغي للمؤمن أن لا يكون سبَّابًا ولا لعَّانًا للمؤمنين، ويقتدي في ذلك بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنَّ السب سبب الفرقة والبغضة] اهـ، كما قال الإمام النووي في «شرح صحيح مسلم»: «وأما معنى الحديث: فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة وفاعله فاسق».
وأكدت أن السخرية من الآخرين التي تلحِق بهم الأذى -ولو معنويًا-؛ هي فِعْلة مجرمة قانونًا؛ فتنُص المادة -309 مكرر “ب”- من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937م طبقًا لآخر تعديلاته بالقانون رقم 189 لسنة 2020م: [يُعَدُّ تَنمُّرًا كُلُّ قولٍ، أو استعراض قوة، أو سيطرة للجاني، أو استغلال ضعف للمجني عليه، أو لحالة يعتقد الجاني أنها تُسيء للمجني عليه؛ كالجنس، أو العِرْق، أو الدِّيْن، أو الأوصاف البدنية، أو الحالة الصحية، أو العقلية، أو المستوى الاجتماعي؛ بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية، أو الحَطِّ من شأنه، أو إقصائه من محيطه الاجتماعي، ومع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر: يعاقب المتنمر بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن ثلاثين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين] اهـ.