تفسير سورة الملك من الآية 1 إلى 30.. المنجية من عذاب القبر
يحظى تفسير سورة الملك باهتمام كبير جدا من قبل قطاع عريض من المسلمين، فهي السورة المنجية من عذاب القبر، وقد ورد في فضلها جمع من الأحاديث النبوية المؤكدة على أن سورة الملك تشفع لصاحبها وتنجيه من عذاب القبر، كما قيل إنها تمنع من المعاصي التي توجب عذاب القبر، وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم، سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر، ومن منطلق هذا الفضل الكبير نوضح لكم تفسير سورة الملك.
تفسير سورة الملك
ونقدم تفسير سورة الملك، وفقا لما ورد في كتب المفسرين مثل تفسير السعدي، وتفسير ابن كثير، وهي من السور المكية وعدد آياتها 30 آية، وقيل إنها سميت بسورة الملك لافتتاحها بالآية " تبارك الذي بيده الملك"، كما يطلق عليها المنجية والمانعة والدافعة والشافعة المخلّصة، وذلك لفضلها في منع عذاب القبر لمن يقرأها، وشفاعتها لقارئها يوم القيامة، كما قيل تدفع بلاء الدنيا والآخرة عن قارئها.
تفسير تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير
أي إليه كل تدبير، وبقدرته إظهار ما يريد، لا مانع له من شيء، ولا كفؤ له بوجه، ولهذا تطمئن القلوب بالاتكال على الله.
تفسير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور
قال الفضيل بن عياض أن المقصود بحسن العمل، هو أخلصه وأصوبه، فالعمل لا يقبل حتى يكون خالصا.
تفسير الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور
الله سبحانه وتعالى خلق سبع سماوات متوافقة على سنة واحدة، بعضها فوق بعض، ما ترى في خلق الرحمن أيها الناظر من اختلاف ولا تباين، فأعد النظر إلى السماء: هل ترى فيها من شقوق أو صدوع؟
تفسير ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير
قال القرطبي في هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أمر بإعادة النظر في السماوات مرتين، لأن الإنسان إذا نظر في الشيء مرة واحدة لا يرى عيبه ما لم ينظر مرة أخرى.
تفسير ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير
قال قتادة في تفسير هذه الآية من تفسير سورة الملك، أن الله خلق النجوم لثلاثة أشياء، زينة السماء، ورجوم الشياطين، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وهي إجابة مهمة لمن يتساءل عن فوائد النجوم.
تفسير وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير
أي أن للكافرين بخالقهم عذاب جهنم، يساء المرجع لهم جهنم، "إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور" أي إذا طرح هؤلاء الكافرون في جهنم سمعوا لها صوتا شديدا منكرا، وهي تغلي غليانا شديدا.
تفسير تكاد تميز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير
قال الشنقيطي في تفسير هذه الآية، أن الله لا يعذب بالنار أحدا إلا بعد أن ينذره في الدنيا، ولذلك جاء قوله تعالى "ألم يأتكم نذير".
تفسير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير
إقرار من الكافرين بأن جاءهم رسول من عند الله يحذرهم، ولكنهم كذبوه وقالوا ما نزل الله على أحد من البشر شيئا، ما أنتم أيها الرسل إلا في ذهاب بعيد عن الحق.
تفسير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير
اعترافا منهم لو كنا نسمع سماع من يطلب الحق، أو نفكر فيما تدعى إليه، ما كنا في عداد أهل النار، ووجه تقديم السمع على العقل في هذه الآية، لأن سمع دعوة النذير هو أول ما يتلقاه المنذرون، ثم يعملون عقولهم في التدبر فيها.
تفسير إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير
قد يتساءل البعض لماذا قُدمت المغفرة على الأجر الكبير في هذه الآية من سورة الملك، وفي تفسير ابن عاشور، تقديم المغفرة تطمينا لقلوبهم، لأنهم يخشون المؤاخذة على ما فرط منهم من الكفر قبل الإسلام، ومن اللمم ونحوه، ثم أعقبت بالبشارة بالأجر العظيم، فكان الكلام جاريا على قانون تقديم التخلية على التحلية.
تفسير وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور
اختتمت هذه الآية إنه عليم بذات الصدور، أي بما فيها من نيات وإرادات، فكيف بالأقوال والأفعال التي تسمع وترى، وهو تفسير السعدي.
تفسير ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير
ثم ختم الحجة باسمين مقتضيين لثبوتهما وهما، اللطيف الذي لطق صنعه وحكمته حتى عجزت عنه الأفهام، والخبير الذي انتهى علمه إلى الإحاطة ببواطن الأشياء وخفاياها، كما أحاط بظواهرها، فكيف تخفى على اللطيف الخبير ما تحويه الضمائر وتخفيه الصدور، وهو تفسير ابن القيم.
تفسير هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية، اعلموا أن سعيكم لا يجدي شيئا إلا أن ييسره الله لكم ولهذا قال الله تعالى: كلوا من رزقه، فالسعي لا يكون إلا في التوكل، وفي هذه الآية أيضا، إيماء إلى طلب الرزق والمكاسب، وفيها دلالة على وحدانية الله وقدرته والتذكير بنعمه والتحذير من الركون إلى الدنيا.
تفسير أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور
قدم التهديد بالخسف على التهديد بالحاصب لأن الخسف من أحوال الأرض، ولكلام على أحوالها أقرب هنا، ولأن إرسال الحاصب عليهم جزاء على كفرهم بنعمة الله التي منها رزقهم في الأرض، فإن منشأ الأرزاق الأرضية من غيوث السماء.
تفسير أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير
أغفل هؤلاء الكافرون، ولم ينظروا إلى الطير فوقهم، باسطات أجنحتها عند طيرانها في الهواء، ويضممنها إلى جنوبها أحيانا، ما يحفظها من الوقوع عند ذلك إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير، لا ترى في خلقه نقص ولا تفاوت.
تفسير أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم
ضرب مثلا للمؤمن والكافر، مكبا أي منكسا رأسه لا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله، فهو لا بأمن من العثور على والانكباب على وجهه كمن يمشي سويا معتدلا ناظرا ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله، وهو تفسير القرطبي.
تفسير قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون
وفقا لتفسير ابن كثير الخاص بـ تفسير سورة الملك، فقد اختتمت هذه الآية بقوله تعالى قليلا ما تشكرون، أي قليلا ما تستعملون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم في طاعته وامتثال أوامره.
تفسير قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين
وفقا لتفسير السعدي، الإيمان يشمل التصديق الباطن والأعمال الباطنة والظاهرة، ولما كانت الأعمال وجودها وكمالها متوقفة على التوكل، خص الله التوكل من بين سائر الأعمال، وإلا فهو داخل في الإيمان ومن جملة لوازمه.
تفسير قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين
أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين: أخبروني إن صار ماؤكم الذي تشربون منه ذاهبا في الأرض لا تصلون إليه بوسيلة، فمن غير الله يجيئكم بماء جار على وجه الأرض ظاهر للعيون؟