محمود مسلم: الإعلام أمام تحدٍّ لمواجهة الإخوان والمشاركة ببناء الدولة.. والمهنية السلاح الأهم في تطور الحرية (ندوة)
- الإعلام المصري أمامه تحدٍّ مزدوج لمواجهة أكاذيب الإخوان والمشاركة في بناء الدولة
- هناك دماء جديدة تم ضخها على الشاشات خلال العامين الماضيين
- نفخر في "الوطن" بصمودنا ضد تجاوزات رئيس الزمالك المعزول
- تأثير الإخوان تراجع.. ولا أعتقد أن إدارة بايدن لديها جرأة على التعامل معهم
- اجتماعات الليبي والفلسطيني في القاهرة والغردقة تؤكد أن تأثير مصر أهم وأقوى بكثير عما قبل
- المحكمة أكدت صحة انفراد "الوطن" بتعامل مرتضى مع وسيط إسرائيلي في صفقة "مايوكا"
يرى الكاتب الصحفي محمود مسلم أن الإعلام المصري لعب دورًا مهمًّا خلال الفترة الماضية، رغم الاتهامات الموجهة له دائما بالتقصير، لكنه يرى أيضا الإعلام يفتقد الأدوات التي يستطيع من خلالها تغيير الصورة الذهنية لمصر في الخارج.
وشدد مسلم، خلال ندوة في ضيافة "القاهرة 24"، على أن الإعلام تمتع في الفترة بين 2011 و2012 بأكبر سقف حرية، ولكنه تحول إلى فوضى، قائلا "لم نكن مستعدين لتكنولوجيا مواقع التواصل الاجتماعي بشكل قانوني تقني، فمثلا العشوائية تظهر ثم تبدأ الحكومة في التفكير كيف تنظمها"، وغيرها من الأمور فإلى نص الندوة..
هل ترى أن الإعلام كان له دور فاعل في الفترة الماضية؟
الإعلام متهم بالتقصير طوال الوقت لكني مازلت مُصرَّا أن الإعلام لعب دورًا مهما جدًّا خلال الفترة الماضية بداية من تعبيره عن مطالب الناس، فهو لم يخلق حالة ثورة ولكن عبر عن الناس بصدق وشجاعة في وقت صعب ومرحلة صعبة مثل 30 يونيو، وكان عنصرًا مهمًا في هذه الفترة، حيث كان يزعم الإخوان أن المظاهرات لن تخرج عن الشاشات، للتعبير عن مطالب 30 يونيو وتأكيد الاستقلال ودعم المؤسسات، وشرح الإنجازات، لكن بشكل عام كانت تقع «جرائم مهنية».
الناس أحيانا تصر على تحميلنا فوق طاقتنا، فالإعلام لا يغير الواقع ولكنه يعبرعن الناس، وهو خاضغ دائما للتجربة والتصحيح والخبرة، لكن ذلك لا ينفي وجود جرائم مهنية، وهناك منظومة قانونية تحاسب على تلك الجرائم. هل تدخلت الدولة في إعادة توزيع الحرية في الإعلام؟
تمتع الإعلام في 2011 و2012 بأكبر سقف حرية، ولكنه تحول لفوضى، وكان من السهل أن يتعرض أي شخص للسب أو التطاول، هل كنا نتخيل أن الأهرام تنشر في صدر صفحتها عن وزير أنه قواد وآخر أنه شاذ، أو غيره، وهي صحف عريقة ومحافظة، فضلا عن كم البذاءات والأخبار الخاطئة التي كانت موجودة في تلك الفترة واستمرت حتى 2014، حتى استقرت الدولة وبعد ذلك تم تشكيل المجلس الأعلى للصحافة والإعلام.
دعونا نعترف أننا لم نكن مستعدين لتكنولوجيا مواقع التواصل الاجتماعي بشكل قانوني تقني، لذلك أؤكد أن العشوائية تظهر ثم تبدأ الحكومة في التفكير كيف تنظمها.
كيف ترى تجاوزات بعض الزملاء والمؤسسات الإعلامية والصحفية، وهل قلّت نسبة تلك التجاوزات المهنية والأخلاقية؟
الحرية عندما تكون بلا مسؤولية تتحول إلى فوضى، فقد تكون هناك تجاوزات مستمرة لكنها قلّت.
نحتاج عددًا من المهنيين، وهذا يأتي بالتدريب لأن الصحفي هو العنصر الفاعل ورغم ذلك لا نعمل عليه بشكل جيد، بما يحتاجه من تطوير وتدريب خاصة ان الصحافة مهنة «مش سهلة»، خاصة مع انتشار ظاهرة إعلام الـ"فيسبوك" وظهور أشخاص بلا قيم يستخدمونه بشكل سيئ.
المهنية هي السلاح الأهم في تطور الحرية، عندما يأتي إليك خبر يتحقق فيه شروط المهنية تنشره على ضمانتك.
بعض الصحفيين والإعلاميين أساءوا للمهنة، لأنهم مروا على 4 أنظمة بنفس درجة الحماس والخضوع، بينما المصداقية تظهر حين تتبنى أساسيات تدافع عنها، ولا تغيرها كل يوم، قد تغير من أفكارك ونظرياتك، وهذه طبيعي.
أذكر أن الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، له مقال قال فيه أتمنى من كل الناس الذين يكتبون مقالات من أطباء ومهندسين وشعراء وغيرهم، أن يعودوا لمقاعدهم، لأنها عبارة عن تحليل هم لا يعلمونه يبنى على شائعات ويتحدثون فيها بكل ثقة وحماس.
هل يتدخل الجو السياسي العام في التوجهات السياسية؟
بالطبع، فالإعلام والصحافة في فترة ما تحولا إلى الحسابات والكتل السياسية، فكان هناك شاشات لا تستضيف إلا تيارات معينة تتفق معها، كما تحولت الشاشات إلى منابر سياسية أو شخصية، تعبر عن شخص أو أشخاص أو مجموعة مصالح وهذا حدث بشكل كبير، لذلك دائما ما أؤكد أن المهنية والتدريج هما السلاح لإرساء مناخ صحفي نعتز به.
أؤكد مرة أخرى أن الصورة الذهنية للصحفيين والإعلاميين منذ 2013 وحتى الآن، تغيرت عند الجمهور بسبب أشخاص ارتكبوا جرائم مهنية وأخلاقية، كما أن الجمهور أصبح مسيسًا ومستقطبًا، ويتخيل أنك "لازم تكتبله اللي عايزه"، خاصة أن درجة خوفهم أصبحت أكبر من استيعاب فكرة الصحافة.
نحن يجب أن نراعي مزاج الناس ولا نصدمهم حتى في المشاعر الدينية ونستفزهم، خاصة أن "الناس غير مؤهلة لذلك".
هل بعض نظريات الصحافة التي تعلمناها عفى عليها الزمن في ظل التطور التكنولوجي؟
كل نظريات الإعلام في ظل مواقع التواصل الاجتماعي والتطور الرهيب أصبحت غير صالحة، مثل نظرية حارس البوابة، فأنا كرئيس تحرير صعب أراقب 1200 خبر على الموقع فنيًّا أو جسمانيًّا أو عمليًّا، نحن لدينا أدوار أهم من "الشخط" في الصحفيين والموظفين، كما أن المسؤولية القانونية عن الإشراف والرقابة، مهمة مستحيلة.
يمكن أن أراجع جريدة لكن موقع بالمنطق صعب، النظريات كلها لا تصلح، والتطور رهيب لا نستطيع ملاحقته، ومفردات العمل تغيرت، وكصحفي تحتاج لتتعرف على العديد من الإمكانيات، ليس مجرد شخص يكتب بشكل جيد.
هل يتحمل الإعلام مسؤولية تغيير الصورة الذهنية لمصر بالخارج، وهل نستطيع مخاطبة الدول الأجنبية بإعلامنا؟
نحن نخاطب الجمهور المصري والعربي من خلال الصحف الورقية ومن خلال المواقع التليفزيونية، لكن مخاطبة العالم الخارجي تحتاج أدوات أخرى غير الإعلام المحلي، تتمثل في هيئة الاستعلامات، وقنوات تخاطب الخارج وتؤثر في الصحف الدولية.
صورة مصر في الخارج أسوأ من الواقع، وعندما يسافر الرئيس ويخاطب الدول فإنها تحتاج لمزيد من الجهد، خاصة أن الخارج لا يستوعب التغير الحادث على الأرض في مصر، بينما الاعتقاد بأن الخارج يتابع الإعلام المصري فهذه معلومة غير صحيحة.
هل إعلامنا لا يستطيع مخاطبة الغرب؟
أختلف في فكرة أننا لا نستطيع مخاطبة الغرب، الإعلام تجربة اجتماعية قابلة للتطوير والتعديل، ولدينا أخطاء نعمل على إصلاحها طوال الوقت.
نحن نحتاج إلى أدوات من خلال دراسة الخارج والجمهور المستهدف وتلبية احتياجاته، والدليل على ذلك قطر التي استطاعت تنفيذ مشروع إعلامي واستغلته في وقت من الأوقات ونجحت.
الخارج مقسم إلى إعلام ومجتمع مدني، في الوقت الذي كانت علاقتك بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جيدة، كانت الصورة الذهنية للجمهور الأمريكي بسبب بعض الترصد سيئة، بالرغم من أن علاقتك بصانع القرار والمؤسسات المؤثرة جيدة، هناك مقالات لا أحد يرد عليها، ولا أحد يحدثني عن مهنية الإعلام الأمريكي.
زرت الجارديان وcnn وكنت اعتقد انهم واحة للحرية لكن في النهاية هناك أحيانا جرائم مهنية يقومان بها، من تقارير معيبة ومستهدفة، لذلك فإن الإعلام المصري أمامه تحدٍ مزدوج، فجماعة الإخوان في الخارج تستهدفك وتحاول إلهاءك عن عملك وهو البناء، وليس دورك الرد على الإخوان فقط.
خلال 7 سنوات، لا يوجد مجال إلا وحدث فيه تنمية حقيقية وطفرة، وانتقلنا من العام إلى التفاصيل فبعد أن ينتهي الرئيس مثلا من إنهاء مدن جديدة، وتنفيذ شبكة طرق وكباري مهولة، اتجه لتطوير وتنمية القرى مثلما يحدث في المشروع الرئاسي بتطوير 4500 قرية، كما لم يترك الصحة ولا التعليم مع توفير فرص عمل في المشروعات القومية.
أزمة فيروس كورونا لو حدثت قبل هذا الإنجاز في التعليم الإلكتروني، أو الإصلاح الاقتصادي لم تكن مصر تقدر على مواجهتها، حيث أصبح لديك سيولة تغطي الخسائر.
كيف يمكن السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وإحكام تدوال الشائعات من خلالها؟
أرى أن الوضع الآن اختلف عن سابقه.. لدينا بعض القوانين والضوابط التي تنظم عمل مواقع التواصل الاجتماعي، لكن تبقى تلك المواقع مشكلة كبيرة، وغولًا يمنع أي مسؤول أو رئيس تحرير من تنفيذ أو الخضوع لنظرية حارس البوابة الشهيرة.
لكن من المؤكد أن مواقع التواصل الاجتماعي بات لها تأثير في صناعة القرار بمصر بشكل أو بآخر، كما أنها أصبحت أهم أدوات نشر الإعلام من صحافة وتليفزيون، فهي تعتبر منصة تساهم في زيادة انتشار الأخبار وتوصيلها إلى أكبر عدد من الجمهور، كما أرى أن زعم جماعة الإخوان وأنصارهم بأن قنواتهم التليفزيونية الموجهة ضد مصر تحقق نسب مشاهدات عالية، مغرض وغير صحيح، فقط مقاطع الفيديو الذي يتم نشرها ومشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي هي ما يحظى بمشاهدة.
كيف ترى الإعلام المصري خلال العامين الماضيين، وهل ما زال يسيطر أشخاص بعينهم على الشاشات؟
هناك وجوه جديدة بشكل كبير اعتلت شاشات التليفزيون خلال العامين الماضيين، صحيح أن الناس ما زالت متشبثة بوجوه وأشخاص بعينهم ويرتبطون بوجودهم مع التغيير وضخ دماء جديدة، فمذيعون مثل رامي رضوان وإيمان الحصري وعمرو خليل وريهام إبراهيم، وغيرهم وجوه جديدة على الشاشة، حازوا على فرصة وارتبطوا بالجمهور.
كما أنه لا بد أن تكتمل المنظومة الإعلامية، كأن يوجد مذيع أو إعلامي أسلوبه وما يقدمه يلقى استحسانًا لدى الجمهور، وبناء على نسب المشاهدة يجذب برنامجه المعلنين، وفي النهاية تنوع واختلاف الأذواق هما ما يتحكم فيما يريد مشاهدته.
كذلك وجود منصة واسعة وجماهيرية مثل مواقع التواصل الاجتماعي، باتت تتحكم في العملية الإعلامية، خاصة في نسب المشاهدة والتفاعلات، بعد أن كان أعداد توزيع الصحف من الأسرار الحربية، لكن الآن أصبح الأمر واضحًا.
لماذا لا نملك برنامج "توك شو" مجمعًا، خاصة أن برامج التوك شو الموجودة تثير نفس القضايا تقريبا؟
أنا لا أؤيد فكرة البرامج المجمعة لأن لكل شخص من الجمهور ذوقا مختلفا، وصعب نرضي جميع الأذواق، لكن في التغطيات المهمة أو الأحداث الكبيرة حينها يمكن عمل بث موحد.
باعتبارك أحد المعينين في مجلس الشيوخ، كيف ترى المجلس وما الذي يمكن إضافته للحياة البرلمانية في مصر؟
أعتقد أن مجلس الشيوخ هو سيمثل إضافة إلى الحياة البرلمانية في مصر إلى جانب مجلس النواب، باختصاصاته وبأعضائه سواء المعينين أو المنتخبين، كما أرى أنه منوط بإدارة حوار واسع بين أطياف المجتمع، حوارًا قد نكون افتقدناه خلال السنوات الماضية؛ لأسباب وظروف كثيرة فرضت نفسها على المجتمع المصري.
وجود غرفة برلمانية ثانية سيكون بمثابة بوتقة تنصهر فيها كل الأفكار المقدمة لإفادة المجتمع، إلى جانب دوره التشريعي المكمل لمجلس النواب.
وعلى المستوى المهني، هناك عدد كبير من الإعلاميين والصحفيين في مجلس الشيوخ، وبالتأكيد سندافع عن المهنة ومشاكلها.
ما تقييمك لمجلس النواب الحالي، وكيف تراه؟
أداء مجلس النواب الحالي منذ تشكيله وحتى الأيام القليلة الماضية، يؤكد أننا أمام مجلس مختلف وأكثر تطورًا من المجلس السابق، لا أحب توصيفه بالأفضل؛ لأن ظروف المجلسين مختلفة، بالمجلس الأول كان أمامه تحديات كثيرة، أنجز أكثر من 400 مشروع قانون في أول 15 يوما من تشكيله، لكن الحالي يتمتع بحرية أكبر وأعباء وقيود أقل.
حدثنا عن الخلاف القضائي بينك وبين رئيس نادي الزمالك المعزول.
لا بد في البداية التأكيد على عدم وجود خلاف شخصي بيني وبين رئيس نادي الزمالك المعزول، والمعركة التي خاضتها "الوطن" كانت ضد تجاوزاته وليس شخصه، ونفخر ونعتز أننا استمرينا في معركتنا تلك، حيث تحولت صحيفة "الوطن" إلى ساحة لرد المظالم واستقبال ضحايا تجاوزات رئيس الزمالك المعزول.
وبدأت معركتنا ضده بكشفنا عن وكيل لاعب الزمالك "مايوكا"، الذي كان إسرائيلي الجنسية، وبينما خرج رئيس الزمالك المعزول ونفى وهاجمنا، قدمنا بدورنا ما يثبت أمام المحكمة المختصة، وتم تبرئتنا من التهم الموجهة إلينا.
كما تعرضنا في "الوطن" إلى سب وقذف للزملاء ولي أنا شخصيًا، ولم نستطع مقاضاته نظرا لأنه كان يحتمي خلف الحصانة التي يملكها بكونه عضوًا في البرلمان، وكانت معركتنا ضد تجاوزاته صعبة في الغاية، وسلكنا الطرق المهنية ضد تجاوزاته.
وبهذه المناسبة أحيى أهالي دائرته الانتخابية الذين كان يتحدث عنهم باعتبارهم بلطجية ومأجورين، سيتجاوزون أو يدخلون في معركة تصفيات حسابات شخصية ضد من يعاديهم المعزول، وهم من أطاحوا به في السباق الانتخابي.
ما رأيك في الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن؟ وهل ستضغط على مصر لعودة الإخوان للمشهد؟
مصر تعاملت مع الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، والذي كانت إدارته من وجهة نظري أشرس من بايدن، لذلك فنحن قادرون على التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، خاصة أننا حاليا أقوى من أي وقت مضي.
عندما كان أوباما في السلطة كانت مصر غارقة في ثورتين، والدولة كانت ضعيفة والإخوان كانوا موجودين ومؤثرين، لكن حاليا فكرة عودة الإخوان مستبعدة، لأن هناك استهجانا دوليا ضد الاخوان وتم تصنيفهم كمنظمة إرهابية في عدد من الدول، ويكفي أن عضوًا بالكونجرس الأمريكي نفسه قدم مشروعا لاعتبارهم منظمة إرهابية.
تأثير الإخوان تراجع ولا أعتقد إن الإدارة الأمريكية لديها جرأة أن تتعامل معهم.
كيف ترى سياسات مصر في الفترة الماضية؟
شكل الدولة المصرية بعد 2013 تغير تماما، حيث استضافت في الأيام القصيرة الماضية اجتماع الحوار الليبي في الغردقة، وحوار الفصائل الفلسطينية في القاهرة، فهذا المشهد غاب لفترة طويلة، لذلك فإن تأثير مصر بات أقوى على مدى السنين القريبة عن الماضي.
في العام 2014- 2015 كنا مشغولين في تبعات الثورة وفعاليتها والدفاع عن شرعيتها، أما الآن تناقش مصر قضايا المنطقة مثل سوريا وليبيا وفلسطين، لذلك فهي عنصر مهم وصعب في الملفات الإقليمية ولا يمكن أن تغيب عن المنطقة.