الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

السكري أثر جانبي للإصابة بفيروس كورونا المستجد

تحليل كورونا والسكري
تقارير وتحقيقات
تحليل كورونا والسكري
الإثنين 14/يونيو/2021 - 05:28 م

كانت علامات التغيُر على زياد بادية بشكل واضح لوالدته، فالطفل الذي ظهر نبيهًا في عائلته أصبح غير قادر على مُراجعة دروسه بشكل كبير.. شكاوى مُتكررة من ضعف الرؤية على غير العادة، ما دفعها للذهاب للطبيب بشكل سريع للتعرف على المُشكلة، ومع قياس مُستوى السكر فوجئت الأسرة بإصابته بالمرض المزمن في سن الثامنة.

 

حسب أسرة زياد، فإنه كان مُصابًا بفيروس كورونا المستجد في الموجة الأولى للفيروس، حيث تم اكتشافه بعد ظهور علامات طفح جلدي، وبعد التحليل تبيّن إيجابية عينته، لكن لم تكن تتخيل الأم أن ابنها الصغير من الممكن أن يتعرض لمزيد من المضاعفات بعد التعافي وهو ما تم اكتشافه بالفعل بعد إجراء التحليل التي كشفت تأثر البنكرياس وارتفاع مستويات السكر لأول مرة، ثم غيبوبة كبدية أفدت إلى وفاته صغيرًا.

 

الإصابة بداء السكري كأثر جانبي للإصابة بفيروس كورونا المستجد، كان موضوع الدراسة التي أجريت خلال شهر يونيو من العام الماضي 2020، على نحو 7300 مريض بأثر رجعي، ونشرت دورية Cell Stem Cell نتائجها، أثبتت أن السكري أثر جانبي للإصابة بفيروس كورونا المستجد.

 

 أثبتت معمليًا على أعضاء بنكرياس مُصغَّرة مستزرَعة في المختبر، أن الفيروس ربما يتسبب في الإصابة بداء السكري، عن طريق إتلاف الخلايا المسؤولة عن ضبط مُستوى السكر في الدم، وتُظهِر الدراسة التي أُجريت على العُضيَّات المُستزرعة مخبريًّا كيف أن فيروس "سارس-كوف-2" يمكن أن يتلف البنكرياس؟

وأوضحت شويبينج تشين - اختصاصية بيولوجيا الخلايا الجذعية بكلية طب وايل كورنيل في مدينة نيويورك- وزملاؤها في نفس الدراسة، أن الفيروس يمكن أن يصيب الخلايا ألفا وبيتا في تلك العُضيَّات، ما يؤدي إلى موت بعضها. 

 

وحسب الدراسة تنتج خلايا بيتا الأنسولين لخفض مُستويات السكر في الدم، بينما تنتج خلايا ألفا هرمون الجلوكاجون الذي يرفع هذه المستويات، وبإمكان الفيروس أيضًا أن يُحفِّز إنتاج البروتينات المعروفة باسم الكيموكينات، والسيتوكينات، التي من شأنها إحداث استجابة مناعية يمكن أيضًا أن تتسبب في قتل الخلايا.

 

توفي زياد مُتأثرًا بآثار كوفيد الطويلة، ولم تتمكن الأسرة من أن ترى أحلامها في ابنهم الصغير تكبر معه حتى النهاية، حيث تأثر صحيًا بآثار كوفيد على البنكرياس، إلى جانب إحداث ضرب في عضلة القلب وغيبوبة كبدية متكررة، ما أدى إلى وفاته في النهاية في عمر الثامنة فقط.

 

وحسب دراسة علمية أخرى نشرت في نوفمبر 2020 في مجلة Diabetes, Obesity and Metabolism، وقع تشخيص أكثر من واحد من كل 10 مرضى بفيروس كورونا (14.4%) حديثا بمرض السكري بعد التعافي من المرض الناجم عن فيروس كورونا الجديد، وفقًا لتحليل 3711 مريضا عبر ثماني دراسات مختلفة.

 

كيف يؤثر كوفيد 19 في إفراز السكر؟

تشير الدراسة نفسها إلى أن الظروف المجهدة إلى ارتفاع مستويات الهرمونات التنظيمية التي ترفع نسبة السكر في الدم لمساعدة الجسم في محاربة أي مشكلة يواجهها، مثل المرض أو الإصابة، وبالنسبة للذين يعانون من حالات كامنة، يمكن أن يكون ذلك كافيا لإرسالهم إلى الحافة.

 

وتشمل هذه الحالات مرض السكري، والسمنة، ومقاومة الأنسولين، أو ارتفاع ضغط الدم، وقد يفسر ذلك كيفية ارتباط الفيروس بحالات جديدة من مرض السكري من النوع الثاني، والذي يحدث عندما يصبح الناس أقل استجابة للأنسولين.

 

حسب الدكتورة ولاء الأمير، أستاذ الغدد الصماء، فإن الأزمة الحقيقية تكمن في عدم الكشف المبكر فور ظهور بعض الأعراض على الأطفال تحديدًا، ومع عدم ظهور أعراض كوفيد 19 تحديًدا، واضحة بشكل كبير على الأطفال، حيث تظهر خفيفة بالمُقارنة بالأعمار الكبيرة، ويؤدي ذلك إلى مرور الإصابة بشكل غير ظاهر على الأسرة، ولا يظهر ذلك إلا في الأشعة مع اكتشاف الإصابة بالسكر.

 

وتضيف ولاء، لـ"القاهرة 24"، أن الحل الأساسي في اتباع الإجراءات الوقائية بشكل كبير من قبل الجميع، حيث يجب الالتزام بإجراءات مكافحة كوفيد 19، والتي تعتبر الواقي الأساسي أمام هذا الفيروس الذي يُطوّر من نفسه بشكل أصبح مُخالفًا لكافة توقعات العلماء والباحثين والأطباء منذ بداية ظهوره.

 

وتشير ولاء إلى أن هناك العديد من الحالات التي قابلتها بنفس الطريقة، حيث تبدأ بنزلة معوية حاجة وقيء مُستمر، وبعد العرض وإجراء التحاليل اللازمة، يتم اكتشاف إصابة الشخص بالسكري، وتدمير البنكرياس بشكل كبير بعد تأثره بآثار فيروس كورونا المستجد، ومن ثم تم التأكد من آثار الفيروس على الإصابة بالسكر.

 

في ظل رفض عدة حضانات للغلق رغم زيادة إصابات كورونا في شهر مارس الماضي، لم ينقذ أحمد الطفل البالغ من عمر 5 سنوات سوى شعوره المتكرر بالغثيان، الأمر الذي استدعى من أسرته الذهاب للطبيب بشكل عاجل، حيث أعطى له أدوية خاصة ضد القيء، إلا أن ضيق التنفس كان أثر آخر ظهر على الطفل الصغير مع نهجان شديد ليعودوا به للطبيب مرة أخرى، والذي نصح بإجراء أشعة بشكل عاجل.

 

ذهبت أسرة أحمد بالأشعة لطبيبة غُدد متخصصة، والتي تأكدت بعد إجراء كافة الفُحوصات إصابة الطفل بالسكر بنسب مضاعفة للطبيعي، حيث ظهرت نسبته 620 في الجسم، فيما ظهرت نسبة الحموضة 11 بينما تصل لـ5,6 % في الحالات الطبيعية للأطفال، وحسب الفحوصات ظهر تدمير كامل للبنكرياس.

 

المفاجأة حسب التحاليل التي استعرضتها الأسرة في ظهور أجسام مناعية لكوفيد 19 داخل الجسم، ظهرت بعده كل هذه الآثار داخل جسم الطفل الصغير الذي سيعيش بالسكر طوال عمره، الذي بالكاد تخطى منه 5 سنوات فقط، لكن الجيد في الأمر سرعة التشخيص، واكتشاف إصابته بشكل سابق بفيروس كورونا، دون أن يشعر به ليستمر في الحياة على الأقل ولو مُصابًا بالسكري طوال حياته.

 

وحسب دراسة تحليلية "قيد النشر" للدكتور وسام محرم، طبيبة الغدد الصماء، في مستشفى طب عين شمس على 63 طفلًا، تم اكتشاف إصابتهم بالسكري كأثر جانبي لإصابتهم بكورونا يظهر: 

وسام قالت، لـ"القاهرة 24"، إن الـ63 حالة تقريبًا جاؤوا جميعًا بنفس الأعراض في البداية، الأمر الذي يدفع إلى أحقية الأطفال في الحصول على لقاح فيروس كورونا، حيث تساعد مناعتهم في عدم تأثرهم بفيروس كورونا، لكنهم حاملون للعدوى ويتأثرون بشكل غير واضح بآثار الفيروس الذي لا يظهر عليهم.

وتشير إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسات المعملية التي تسهم في زيادة التعرف على مدى آثار كوفيد الطويلة على الإصابة بالبنكرياس مثلما يحدث في الجهاز الهضمي، مشيرة إلى أن جميع الحالات الـ63 دمر كوفيد 19 البنكرياس لديهم وأصبح السكري ملازمًا لهم طوال العمر ليعالجوا منه بسبب إصابتهم بفيروس كورونا المستجد.

 

ھذا التقریر نشر كجزء من مشاركة الكاتب في ورشة الصحافة العلمیة ومن خلال مشروع "الصحافة والعلوم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، وھو أحد مشروعات معھد جوتة الممولة من قبل وزارة الخارجیة الألمانیة.

تابع مواقعنا