كيف اشتعلت المعركة الفكرية بين نصر حامد أبو زيد وعبد الصبور شاهين؟
في مثل هذ اليوم، رحل الدكتور والمفكر الكبير نصر حامد أبو زيد، والذي أثارت أبحاثه جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية والدينية، حيث كان باحثًا في اللغة العربية مُتخصصًا في الدراسات القرآنية، جال بأبحاثه من المُعتزلة للصوفية وغيرها، ورأى أنه يجب أن يكون هناك تأويل عصري لمعاني القرآن، وهو ما واجه موجات عاصفة اتهمته بالكفر والرِدة ومحاربة الإسلام، وكانت له معارك في هذا المضمار، أبرزها معركته مع الدكتور عبد الصبور شاهين.
في إحدى المحاضرات التي ألقاها الدكتور نصر حامد أبو زيد في لبنان، وقف أحد السائلين، باحث في الدراسات الإسلامية، وبدأ بقراءة إحدى الفقرات من كتاب يمسكه بيديه، موجهًا حديثه لأبو زيد حول القرآن الكريم.
يقول الدكتور نصر حامد أبو زيد، إن الله تجلى في القرآن كما تجلى الله في المسيح، ولكن منذ نزل القرآن في كلمات عربية أصبح بشريًا يجوز الطعن فيه" ليقاطعه الدكتور نصر أبو زيد منفعلًا "نعم نعم!" ثم أكمل نصر قائلًا له "مما تقرأ؟ أنت تقرأ عبد الصبور شاهين!" وأردف نصر "اذهب واقرأ كتبي".
البداية ترجع إلى بحث نصر أبو زيد الشهير "نقد الخطاب الديني" الذي قدمه للترقي لدرجة الأستاذية، ليوكَل عبد الصبور شاهين بعدها ومعه لجنة شكلت لمراجعة هذا البحث، وخرج عبد الصبور بأن هذا البحث لا يرقى صاحبه للحصول على الدرجة، واتهم نصر أبو زيد بالردة والطعن في ثوابت الدين الإسلامي، على إثر ذلك قاضاه نائب رئيس مجلس الدولة المحامي الإسلامي محمد حميدة عبد الصمد إلى القضاء بتهمة الردة عن الإسلام ومعه آخرين، وكان الحكم الشهير بالتفريق بينه وبين زوجته، وتسببت تلك القضية فيما بعد بإلغاء قانون الحسبة في مصر.
"الجريمة ليست بالنسبة إليّ في رفع عبد الصبور شاهين دعوة ضدي، إنما في سخريته من ابتهال يونس، حينما قال عنها الست تخشى من أن تواجه أزمة زواج وأنا مستعد أن أزوجها".
خرج الموضوع من صورته الاصلية وهي البحث العلمي المجرد، إلى الدخول في النوايا والتحكم حتى في حياة رجل وزوجته، والتضييق عليه حتى خرج من البلاد هاربًا من كل تلك الأزمات ومحاكم التفتيش التي نصبت له في كل مكان، ومن عبد الصبور شاهين الذي راح يهاجم الرجل في كل مكان على المنابر وفي الصحف وفي الكتب، في كتابة "قضية أبو زيد وانحسار العلمانية" وصف أبو زيد في المقدمة بأنه إرهابي فكري، وأنه طالب فاشل، وطالب في كتابه أن يُعرض عليه الإيمان لأن الماركسية حسب قول شاهين أفسدت عقله وأصابت خلاياه الدينية.
واتهم عبد الصبور شاهين في تقريره الصادر لمراجعة أعمال أبو زيد، بأنه ضعيف علميًا، وأنه جاهل، وأن نتائجه غير دقيقة ولا محددة، وأن محاور كلامه واحدة غير منضبطة وهي تتردد في جميع أعماله، وختم التقرير بأن إنتاج الباحث لا يرقى لنيل درجة أستاذ بقسم اللغة العربية.
لكن يظل السؤال المطروح لماذا خرجت تلك القضية من باحات الجامعة إلى ساحات الشوارع، ومن الذي أخرجها؟