قتل وتخريب وتحريض.. قوائم الإرهاب ترحب بالإخوان مجددًا.. وخبير يكشف التفاصيل
مع حل نظام حكم الإخوان لمصر، وتحولهم من الحكام إلى العامة، لم تستطع جماعة الإخوان المسلمين تقبل فكرة انهيار ما أعدوا له لسنوات طوال، خاصة وأنهم لم يتمكنوا من التنعم بالحكم لأكثر من عام وحيد، فمارسوا العنف والقتل على نطاق واسع، لتعيش البلاد حينها أشد الفترات رُعبًا ورهبة.
آلاف الضحايا دفعوا ثمن غضب الإخوان بعد عزلهم عن السلطةِ، منهم أبناء الجيش والشرطة، وبعضهم من المدنيين، والبعض الآخر من صفوف أتباع الإخوان، الذين راحوا ضحية غزوهم الفكري، لتخُطَ روح كل قتيل من الطرفين سطرًا جديدًا في قصة كتبتها أيدي القيادات المصرية لتخليص الناس من خطر جماعة الإخوان المسلمين.
البداية مع 2013، حين تدخّل الجيش مُستجيبًا لمطالب الشعب في عزل الرئيس الراحل، الدكتور محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، وحاكم مصر حينها، ليبدأ الإخوان بعدها بأعمال التخريب والتكفير والقتل والعنف، التي جابت مختلف محافظات مصر، ودفع ثمن انتشارها الكثير من الأبرياء، ما دفع مصر حينها لدرج تنظيم الإخوان المسلمين على قوائم الإرهاب للمرة الأولى، وذلك بعد عامين فقط من تقنينهم في 2011.
ولم تتوقف أعمال العنف والاغتيال والقتل التي بدأها التنظيم الإرهابي قبل 8 أعوام حتى الآن، وخاصة في سيناء والعريش، اللتين أصبحتا بمثابة حكم بالإعدام على من اختاره القدر لقضاء خدمته العسكرية فيهما، نظرًا لارتفاع عدد شهداء هاتين المنطقتين، والراجع لكثرة الاشتباكات مع البؤر الإرهابية هناك، كما أنهما أصبحتا مقصدًا لمن كان أمنية حياته نيل الشهادة.
كل تلك الأمور دفعت محكمة جنايات القاهرة لتجديد قرار إدراج جماعة الإخوان المسلمين ضمن قوائم الإرهاب، لمدة 5 سنوات، وذلك حكمًا في القضية رقم 3 لعام 2021.
65 اسمًا تضمنه قرار محكمة جنايات القاهرة، حيث تم إدراج أصحابها على قوائم الإرهاب، يأتي في مقدمتهم، محمد محمود إسماعيل، والمشهور بـ أيمن نوفل، القيادي الحماسي الذي ذاع صيته في مصر أكثر منه في غزة، نظرًا لكونه صاحب أكبر عملية هروب جماعي من السجون المصرية في أحداث 2011.
دخل نوفل إلى مصر بعد إزالة الجدار الحديدي العازل بين مصر وغزة مطلع 2008، في نفس الوقت الذي هرع فيه الكثير من أهل غزة إلى مصر؛ هربًا من سطوة الاحتلال الإسرائيلي، واستطاع العودة إلى غزة مرة أخرى في ذات اليوم بعد أول دخول له للأرضي المصرية عبر الحدود، والذي حدث بعد 5 أيام من إزالة الجدار.
ثم عاد نوفل إلى العريش مرة أخرى في اليوم التالي، إلا أنه فوجئ بوجود كمين للشرطة المصرية حذاء المعبر، يفتش جميع المارة، وألقي القبض عليه في ذلك اليوم، بعد اكتشاف وجود شخصين مسلحين معه في سيارته، واحتجزوا في قسم العريش مدة أسبوعين، مع إرسال صورته إلى مباحث أمن الدولة بالعريش، ثم تم ترحيلهم إلى قسم آخر مدة 20 يومًا، قبل أن يتم نقلهم إلى مديرية أمن شمال سيناء للتحقيق معهم، ومنها إلى فرع أمن الدولة بالعريش، واستقرارًا في سجن المرج، حتى عملية الهروب الجماعي الشهيرة التي نفذها بمساعدة خلية حزب الله التي كانت موجودة معه بالسجن، وبالتنسيق مع كتائب القسام.
وعن تجديد وضع جماعة الإخوان المسلمين ضمن قوائم الإرهاب للسنوات الخمس المقبلة، يقول عمرو فاروق، الخبير والباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إن ذلك القرار يأتي ضمن سعي الدولة لاقتلاع جذور التنظيم من قرارة أرضه، عن طريق محاصرة التنظيم وتفكيكه في المقام الأول منه، حيث يتم وضع قياداته تحت الملاحظة والملاحقة الأمنية، فيحجّم ذلك تحركاتهم وتجمعاتهم، ويسمح للأمن بالتعامل معهم بحزم.
وأوضح فاروق خلال حديثه لـ القاهرة 24، أنه إذا تم إدراج شخص ضمن قوائم الإرهاب، فإن ذلك يسمح بمصادرة أمواله الخاصة، وكذا منعه من السفر، فيعطي ذلك للقيادات فرصة أكبر في محاصرة التنظيم.
ولفت الخبير في شؤون الحركات الإسلامية إلى أن القرار يأتي أصالة ضمن خطة الدولة في مكافحة الإرهاب، ومنع تكوين أو وجود أي ارتكاز تنظيمي أو بنائي لتلك الجماعات داخل مصر، فضلًا عن تجفيف منابع التمويل، سواء الدعم المادي أو اللوجيستي لهذه التنظيمات.
وأضاف أن القرار يأتي أيضًا في إطار جهود الدولة في المواجهة الفكرية ضد تلك الجماعة، لافتًا إلى أن وضع الإخوان المسلمين ضمن قائمة الإرهاب، أمر يعتبر وصمة سيئة في تاريخ الجماعة، حيث يمنعها من استغلال عدد كبير من الناس داخل مصر إذا ما أتيحت لهم الفرصة، فضلًا عن إعاقة اكتمال أي محاولات للتنظيم الدولي، حيث يضفي هذا القرار طابع الشرعية على التعامل بحزم مع كل من ينتمي إلى الكيان التنظيمي داخل تلك الجماعة.
وأشار الباحث في شؤون الحركات الإسلامية إلى أن القانون الذي صدّق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا، من فصل الإخوان عن وظائفهم، يأتي ضمن جهود الدولة في وقف سيطرة جماعة الإخوان على مفاصل الدولة وتطهير الجهاز الإداري من أي عناصر تميل أو تنتمي لذلك الفكر.
وذكر عمرو فاروق أن جماعة الإخوان المسلمين تعمل باستراتيجية التمكين ثم الهدم، والتي تبدو واضحةً جليةً من خلال الأبواق الإعلامية التي وظّفتها الجماعة للحديث عنها في الخارج، إلا أن الدولة المصرية نجحت في التصدي لهم وتفكيك تنظيمهم، بالإضافة إلى وقف المد الفكري الإخواني داخل مصر، من خلال عدد كبير من الإجراءات، يأتي ضمنها تصنيفهم كجماعة إرهابية.
وأشاد الباحث في شؤون الحركات الإسلامية خلال حديثه لـ القاهرة 24، بالدور الكبير الذي لعبته المؤسسات الدينية المصرية من الأزهر والإفتاء والأوقاف خلال الأعوام الماضية، في كشف ومحاربة الأفكار الإرهابية المتطرفة، لافتًا إلى أن إنشاء دار الإفتاء المصرية لمركز سلام، والمتخصص في محاربة الإرهاب بشكل مباشر، ورصد الفتاوى المتطرفة هو أمر سديد.
كما لفت فاروق إلى عناية الدولة الكبيرة بفكر النشء وعقولهم خلال الفترة الماضية، والذين يُسمون بـ العقول البيضاء، وذلك بهدف حمايتهم من الاستقطاب، واتباع الأفكار المتطرفة التي تدعو لها الجماعة الإرهابية مستترة بلباس الدين.
وأكد فاروق أن الدور الأبرز في محاربة الإرهاب يقع على عاتق المؤسسات الدينية، حيث إن الحرب هنا حرب فكرة، قبل أن تكون حرب اقتصاد أو سياسة، وهو ما نجحت المؤسسات الدينية في تحقيقه خلال الأعوام الماضية، لافتًا إلى أنه إذا تمكنت الدولة من تدمير ذلك التنظيم اقتصاديًا أو سياسيًا، فإن ذلك التنظيم يستطيع إعادة هيكلة نفسه مرة أخرى في ظروف استثنائية، وهو ذاته ما يعجز عن فعله نهائيًا في حال خسر في حرب الفكرة.
وذكر فاروق أن أجهزة الدولة دائمًا ما تضع الأجيال المقبلة نُصْبَ عينيها حال تنفيذ أي من خطط مكافحة الإرهاب، لافتًا إلى أن السوشيال ميديا سهّلت على الجماعات الإرهابية استقطاب النشء، فلم يعودوا بحاجة إلى التجمع داخل أحد المباني أو المساجد للتأثير عليهم وكسبهم في صفوفهم كما في السابق، وإنما تحول الأمر إلى التطبيقات الإلكترونية التي تساعدهم في التجمع افتراضيًا وبكل سهولة.
واختتم الباحث في شؤون الحركات الإسلامية بالإشارة إلى أن الدين جزء أساسي في حياة الإنسان، وعلى الدولة تعديل تلك الأفكار المتطرفة المنسوبة إلى الدين زورًا.