جمعهم حب أم العواجز.. زوار من أقاليم مختلفة يتباركون بضريح السيدة زينب
عندما تطأ قدماك البوابة الخارجية لمسجد السيدة زينب تشعر براحة وطمأنينة لم تعهدهما من قبل، لتستنشق روائح طيبة متداخلة من رائحة العود والبخور تشعرك كأنك في المسجد النبوي.
وعلاقة معظم زوار السيدة زينب بالمسجد غير عادية فهم يؤمنون إيمانًا جازمًا أن هذا المسجد ليس مكانا للعبادة فقط، فذهابهم للمسجد يصاحبه زيارة إلى ضريح السيدة زينب، والتكلم معها، فهذا الضريح بالنسبة إليهم يمثل قبر السيدة زينب، التي اعتادوا على التحدث معها وكأنهم في بيتها، ويستشعرون وجودها واستقبالها لهم، لينادوها بأم الطاهرة وأم اليتامى وأم العواجز.
وعند الدلوف إلى المقام تجده مضاءً ومحاطًا بسياج من النحاس الأصفر، وتعلو أصوات أم هاشم – أم العواجز- اجبرينا بكرماتك، اجبري بخاطرنا وريحي قلب الملهوف.. هذه الكلمات يرددها مريدو وزوار مقام السيدة زينب، تقف النساء أمامه يترجين ويدعين بدموعهن أن يستجيب الله لهن، وأن تتحقق رغباتهن تبركًا وتيمنًا بهذا المكان الطاهر، وحل عقده الزواج، وكذلك الرجال يدعون بالفرج، وكل ما عليك فعله هو دفع البركة وإرفاق صورة الحبيب أو الحبيبة والدعاء بما تطلبه على عادة كل مردتيه.
ليصبح هذا المقام الذى يتبارك به الناس ويبكي أمامه كل من لديه أمنية، ويعتبر الكثيرون خصوصًا من سكان الأقاليم البعيدة عن القاهرة أن زيارته شرف وبركة يدعون الله أن ينالوها، فهناك من يذهب منهم يوميًّا لزيارة المقام لقراءة الفاتحة ووضع النذور والدعاء للسيدة زينب والتبرك بآل البيت.
هذا بالنسبة إلى عامة الناس، أما بالنسبة إلى أبناء الطرق الصوفية، فهؤلاء تربطهم عادات أخرى بالمسجد، وفى كل عام في شهر رجب يقام مولد السيدة زينب حيث يتوافد آلاف من البشر على ميدان السيدة زينب، فيقومون بتزيين المنطقة وحرم المسجد، ويوزعون الهدايا والحلويات في شوارع المنطقة، وينشرون الخيم في كل مكان لإيواء مرتادي هذه الطرق الصوفية، بجانب انتشار حلقات الذكر في جنبات المسجد الذي يزدحم بالمريدين ومحبي آل البيت، وطمعا في بركتها.
وسرعان ما ينخرط مئات الشباب من المنطقة ذاتها أو من أقاليم مختلفة لخدمة أولئك القادمين، فيزداد فرش حمص وحلاوة المولد وكل ما يتعلق بتفاصيل حياة الزوار، وحيثما اتجه المرء في هذه المنطقة في ذلك الوقت يسمع لهجات متنوعة تعبر عن الأعداد الكبيرة من الزائرين، الذين يصبح لهم دور في رفع النشاط الاقتصادي في المنطقة كما يؤكد قاطنوها، وخلق سياحة دينية متطورة.
