سيناريوهات مطروحة.. ماذا إذا فشلت قمة المناخ cop 26 في جمع تمويلات التكيف؟
تعهدت الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ بتوفير نحو 100 مليار دولار سنويًا، لتمويل مشروعات التكيف مع آثار تغير المناخ ومواجهته، للدول الفقيرة والنامية والأقل نموًا، والمتضررة من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تتسبب فيها الدول الصناعية الكبرى مثل الصين.
في ظل عدم تحمل الدول المتقدمة والصناعية نتيجة ما أحدثته من غازات وانبعاثات أثرت على العالم أجمع، فشلت الأمم المتحدة في جمع التمويل اللازم لإجراءات التكيف، وباتت أزمة يناقشها طرف واحد وهو الدول النامية في غياب المتسببين، أو منح هذه الأموال في شكل قروض مما يُثقل كاهل الدول المتضررة.
آمال كبيرة تُعوَّل على قمة المناخ cop 26 التي تقام حاليًا في جلاسكو بالمملكة المتحدة، حيث يُنتظر الإعلان عن جمع مبلغ الـ 100 مليار دولار، وإلزام الدول بضخه في إطار المنح الخاصة بهذا الشأن وليست قروضًا تضيف أعباء جديدة على المتضررين، لكن ما هي السيناريوهات المطروحة في حالة فشل القمة؟.
25 مليار دولار سنويًا
تعهد البنك الدولي بإنفاق 25 مليار دولار في تمويل المناخ سنويًا حتى عام 2025 من خلال خطة العمل الخاصة بالمناخ، بما في ذلك التركيز على الزراعة وأنظمة الغذاء، وذلك على هامش قمة جلاسكو للمناخ cop 26.
وحسب ما نشره الموقع الرسمي للقمة فإن 45 حكومة تعهدت باتخاذ إجراءات واستثمارات عاجلة لحماية الطبيعة والتحول إلى طرق أكثر استدامة للزراعة، بينما تلتزم 95 شركة رفيعة المستوى من مجموعة من القطاعات بأن تكون إيجابية للطبيعة، وتوافق على العمل من أجل وقف وعكس اتجاه تدهور الطبيعة بحلول عام 2030، كما تلتزم الدول والشركات بإنشاء زراعة مستدامة واستخدام الأراضي.
منح وليست قروضًا
من جانبه قال الدكتور عبد القادر الخراز، أستاذ تقييم الأثر البيئي المُشارك بكلية علوم البحار والبيئة بجامعة الحديدة، إن قضية تمويل إجراءات مواجهة تغير المناخ، إحدى القضايا الرئيسية المطروحة على قائمة قمم المناخ كل عام، ومنها قمة المناخ الـ26 بجلاسكو.
وأضاف الخبير اليمني في تصريح خاص لـ القاهرة 24، دائمًا هناك عجز في مبلغ التمويل مع آثار التغير المناخي، حيث يتم جمع أقل من المبلغ المتوقع التي تضعه الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ.
أما الإشكال الحقيقي في تلك القضية حسب الخراز، فهو منح مبالغ التمويل على هيئة قروض مما يثقل كاهل الدول النامية والأقل نموًا، والتي تعاني بشكل أساسي من التغيرات المناخية على الرغم من أنها لا تُسهم فيها، بينما تعد الدول الصناعية الكبرى صاحبة اليد العليا في تلك القضية والمتسببة فيها.
ووضعت اتفاقية الأمم المتحدة نحو 100 مليار دولار لتمويل إجراءات التكيف، لكن ما تم جمعه وصل إلى نحو 79 مليار دولار وهو أقل من المتوقع، ووفقًا لأستاذ الأثر البيئي بجامعة الحديدة، فإن السيناريو المطروح إذا فشل مؤتمر المناخ الحالي في جمع التمويل المطلوب، فإن المطالبة بتوفير المبلغ سوف تستمر وتُعقد الكثير من الاجتماعات الخاصة بهذا الشأن.
الدكتور عبد القادر الخراز يؤكد على إعطاء تمويلات التكيف مع آثار التغير المناخي، على هيئة منح للدول الأقل نموًا لأنه ليست في حاجة لزيادة معاناتها مع القروض الدولية، خاصة أنها ليست طرفًا في إطلاق الانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة، وأنه لا بد على الدول الكبرى تحمل نتيجة تسببها في تلك القضية.
سيناريو بروتوكول كيوتو
الدكتورة سوسن العوضي، المتخصصة في شئون البيئة، قالت إن فشل قمة المناخ الـ26 المقامة حاليًا بجلاسكو، في جمع التمويل اللازم لإجراءات مواجهة التغير والتكيف مع المناخ، يعيد إلى الأذهان سيناريو بروتوكول كيوتو، حيث انسحبت منه بعض الدول ولم تلتزم ببنوده فيما يخص خفض الانبعاثات الكربونية.
كما أشارت العوضي في تصريح خاص لـ القاهرة 24، إلى فشل اتفاقية باريس للمناخ 2015 أيضًا، في عدم ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 مئوية، مؤكدة أن إفريقيا تُسهم في الانبعاثات الكربونية العالمية بأقل من 5% فقط، ومع ذلك فإن دولها من أشد الدول تضررًا من آثار التغيرات المناخية.
وأكدت المتخصصة في شئون البيئة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورؤساء وقادة الدول يشددون على ضرورة توفير تمويل للتكيف، موضحة أن الدول الأكثر تضررًا من تغير المناخ توجد بقوة وتسعى لإيجاد حلول في ظل غياب دول كبرى متسببة في المقام الأول من انبعاثات الغازات الدفيئة، وكأن الطرف الأول يتحدث إلى نفسه دون جدوى.
وأوضحت العوضي أن هناك غيابًا للعدالة المناخية في ظل وجود منتفع لا يريد تحمل المسؤولية وآخر متضرر، ويبحث عن حل بنفسه، مشيرة إلى حديث رئيس البرازيل الذي هدد من خلاله بقطع وإزالة الغابات الموجودة ببلاده إذا لم يجد تمويلًا للمشروعات الخضراء والصديقة للبيئة.
غياب الضمان
أما الدكتور صابر عثمان، المنسق الأسبق لاتفاقية تغير المناخ، أكد أن الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للمناخ ألزمت الدول المتقدمة بتوفير تمويل قدره 100 مليار دولار للدول النامية من عام 2010 حتى 2020، وذلك خلال مؤتمر كوبنهاجن للتغير المناخي عام 2009، وبعد عام 2020 تقدم أكثر من 100 مليار دولار تمويلًا سنويًا، لكن يشترط ألا تكون ضمن أي بند آخر للمساعدات أو التنمية، يجب أن تكون جديدة وإضافية ومستدامة.
وأضاف عثمان في تصريح خاص لـ القاهرة 24، أن التمويل الذي أقرته الأمم المتحدة يوجه للآليات التمويلية، الذي تمتلك الاتفاقية الإطارية عدة آليات لها منها صندوق المناخ الأخضر ومرفق البيئة العالمي وصندوق الدول الأقل نموًا وصندوق تغير المناخ الخاص، وصندوق التكيف مع تغير المناخ، يذهب في التمويل البالغ قدره 100 مليار دولار إلى هذه الصناديق سنويًا.
وأكد المنسق الأسبق لاتفاقية تغير المناخ، أن التمويل الذي يُضخ بشأن التكيف لم يحدث هذا حتى الآن، ولم تلتزم الدول المتقدمة بتقديم هذا التمويل، مشيرًا إلى أن المشكلة القائمة حاليًا تكمن في أنه بعد تأجيله العام الماضي بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد عالميًا، والأزمة الاقتصادية أو التباطؤ الاقتصادي الذي يعصف بالعالم أجمع عقب الجائحة، ليس هناك ما يضمن إيفاء الدول المتقدمة بالتمويل الذي حدده اتفاق باريس لتغير المناخ.