التظاهرات تجتاح السودان.. هل تُسقط الاحتجاجات اتفاق حمدوك والبرهان؟
مجددًا، يخيم الغموض على المشهد السياسي السوداني، تزامنا مع احتجاجات تضرب أغلبية مناطق الخرطوم، حاملة معها الكثير من السيناريوهات، بعدما انقسم الشارع بين مؤيد للاتفاق الذي وقع قبل أسابيع بين رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحكومة السودانية، عبد الله حمدوك.
وشهدت العاصمة الخرطوم وعدد من المدن السودانية مظاهرات رافضة لهذا الاتفاق، لتثير معها الكثير من التساؤلات حول استمرار تلك الاحتجاجات، وهل تستطيع إسقاط الاتفاق الأخير بين رئيس الحكومة ورئيس مجلس السيادة؟
وتزامنا مع المليونية التي دعت لها بعض القوى الثورية السودانية، تحت مسمى مليونية التحرير، كانت على رأسها لجان المقاومة وتجمع المهنيين وقوى سياسية أخرى، رفضا للاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك، والمطالبة بحكم مدني كامل، دعت قوى مماثلة لدعم الاتفاق السياسي الموقع مؤخرا بين رئيس مجلس السيادة، ورئيس الحكومة.
في حين تخوف بعض المراقبين من المشهد السياسي داخل الخرطوم، من انزلاق البلاد لصراعات داخلية، تأخذها إلى آتون الحرب الأهلية.
انقسام في الشارع السوداني
أستاذ القانون الدستوري والدولي بجامعة النيلين، الدكتورة زحل الأمين، قالت لـ القاهرة 24، إن ما يجري من أحداث في السودان أمر طبيعي، حيث إن الشعب السوداني خرج لإحياء ذكرى التاسع عشر من عام 2018، لكن اليوم تميز بالخصوصية الكبيرة بسبب تداخل أحداث كثيرة في المشهد السياسي، ومنها رفض الشارع للاتفاق الموقع بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان.
وأضافت، لـ القاهرة 24، أن احتجاجات اليوم، حملت شعارات الثورة التي هتف بها الثوار قبل سنوات، وأضيفت عليها شعارات جديدة.
وتابعت أستاذة القانون الدستوري: اليوم تأتي هذه الذكرى والشارع مثقل بالهموم بعد أحداث أكتوبر الماضي، التي غيرت وجه المشهد السياسي في كل عموم السودان، بعد أن تم إعلان الاتفاق الجديد بين رئيس الوزراء ومجلس السيادة، لذلك انقسم الشارع بين مؤيد ومعارض لهذا الاتفاق الذي بموجبه أثر في العملية الديمقراطية في السودان داخليا وخارجيا، عبر علاقات السودان، ما انعكس سلبا على الاقتصاد السوداني وسياسيا واجتماعيا على الشارع السوداني.
تحذيرات مجلس السيادة
ومن جهته، أكد مستشار قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، أن القوات المسلحة لن تفرط في أمن السودان.
وشدد مستشار البرهان على أن القوات المسلحة السودانية ستبقى منحازة لتطلعات الشعب السوداني.
إلى ذلك، قال المستشار إن تظاهرات السودان رفعت شعارات مختلفة ما يؤكد اختلاف الأجندة، على حد تعبيره.
وأضاف أن النبرة الخلافية والعدائية بتظاهرات اليوم قد تؤثر في الانتقال في السودان.
وأكد أن اتفاق رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، هو أساس الرؤى السياسية للانتقال.
وكان حمدوك وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان قد وقعا، في 21 نوفمبر الماضي، اتفاقا سياسيا يتضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق المعتقلين السياسيين، وتعهدا بالعمل معا لاستكمال المسار الديمقراطي.
غير أن قوى سياسية ومدنية عبرت عن رفضها للاتفاق باعتباره محاولة لشرعنة الانقلاب؛ متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل، حسب وصفهم.
الدولة المدنية
وعلى الجانب الآخر، وقبل يوم من إحياء ذكرى الثورة، وقعت نحو 50 كتلة سياسية وتجمعا مدنيا، بالخرطوم، على إعلان ميثاق سياسي ينادي بالدولة المدنية والتحول الديمقراطي.
وعلى صعيد متصل، وقبل يوم، قال اللواء عبد الفتاح البرهان إن بلاده تستشرف عهدا جديدا يحتاج إلى روح وعزم المؤسسين للوصول نهاية الفترة الانتقالية إلى حكومة منتخبة.
وتعهد البرهان بالوصول إلى غايات الانتقال لاستكمال مطالب ثورة ديسمبر، وإقامة الدولة المدنية المنتخبة لتتولى إدارة الدولة.
ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، يشهد السودان احتجاجات رفضا لإجراءات استثنائية اتخذها رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، تضمنت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.
وفي 21 من نوفمبر الماضي، وقع البرهان وحمدوك اتفاقا سياسيا جديدا، يتضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفان بالعمل لاستكمال المسار الديمقراطي، للنهوض بالسودان.
ومنذ عزل الجيش للرئيس السوداني عمر البشير في شهر أبريل من عام 2019، بعد مظاهرات شعبية طالبت بإسقاط نظامه، لم يهدأ السودان، ولم تتوقف الاحتجاجات المؤيدة لقرارات الجيش والأخرى الرافضة لها.