علي أحمد باكثير.. تخلى عن الشعر من أجل العمل على مسرحياته
علي أحمد باكثير، الشاعر والروائي والكاتب المسرحي المصري الكبير، المولود في 21 ديسمبر من العام 1910، عرف بأنه صاحب فكر ورسالة وهدف فني، كما أطلق عليه لقب الشاعر المصلح.
ولد باكثير في بأندونيسيا، وكان أبواه من حضرموت، فأخذاه وهو في العاشرة من عمره إلى حضرموت اليمنية، لينشأ نشأة عربية سليمة، والتحق هناك بمدرسة النهضة العلمية، وبدأ مشواره من هنا في دراسة اللغة العربية والأدب.
أتى إلى مصر وهو في سن الثالثة والعشرين، عام 1933، والتحق بالجامعة المصرية وقتها، وكان مولع بالشعر ودراسته، حيث بدأ في نظمه كما يقول في الثالثة عشر من عمره، وكان مثله الأعلى من الشعراء المتنبي وشوقي.
تأثر باكثير بمسرحيات شوقي الشعرية كثيرا، حيث أعجبته فكرة المساجلة والحديث بين اثنين بالشعر، فكتب متأثرا، أولى مسرحياته، والتي كانت بعنون همام أو في عاصمة الأحقاف، وكانت أول جملها، آية من القرآن الكريم واذكر أخا عاد إذ انذر قومه بالأحقاف.
لم يكن باكثير في هذا العمل ملم بالقواعد المسرحية، ولا يعرفها بشكل جيد، وكانت بمثابة محاولة تجريبية أكثر منها فنية، لكنها حملت طابع باكثير في الإصلاح والتوجيه، دعا إلى هدم الحزبية، وحارب العصبية، ودعا إلى تحرير الوطن، وإصلاحه، من الأوهام والخرافات، كما طالب فيها بتعميم المدارس في كافة ربوع الوطن وقراه المهمشة.
علي أحمد باكثير المسرحي الفذ
كان باكثير يحب الأعمال المسرحية، وعلى وجه الخصوص تعلق بأعمال شكسبير، وكان يرى أنه يجمع بين القديم والجديد، وهو الشعر والمسرحية، فانقطع في فترة انشغاله وتعلقه بالمسرح، عن كتابة الشعر، لكنه عاد، وأخذ في البحث عن شكل جديد من أشكال الشعر العربي، بناء على جملة قيلت إليه من أحد الأساتذة الأجانب، بأن اللغة العربية تفتقر إلى هذا الفن.
رأى باكثير بأن الشعر العربي لا بد له من الالتزام بالوزن والقافية، فتلك هي قواعده وقوانينه الفنية، وبالفعل أتى بمسرحية لشكسبير، وقرر ترجمتها بالشعر، فأتى بفصول من مسرحية الليلة الثانية عشر، وأخذ يترجمها على بحر المتقارب، ثم اكتشف بعد فترة أن البحور التي تصلح لتلك النوعيات من الكتابة، هي البحور ذات التفعيلة الواحدة.
وبعد العديد من التجارب، وصل باكثير إلى المسرحية النثرية وكانت أولى أعماله همام، واستقر بعد ذلك على كتابة هذا النوع من المسرحيات النثرية، وتميز فيها، ومن أشهر أعماله المسرحية التي قدمها في تلك الفترة مسرحية أخناتون ونفرتيتي، وكتب باكثير خلال حياته أكثر من أربعين مؤلفا من الأعمال المسرحية النثرية، وناقش فيهم جميع القضايا التي وجدت على الساحة خلال عصره.