الصراع الروسي الأوكراني القديم.. لماذا قمع الاتحاد السوفيتي أشهر كتاب أوكرانيا؟
يعيش العالم حالة من القلق والترقب، والخوف، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تجري أحداثها الدامية في تلك الأيام، بعد هجوم القوات الروسية مؤخرا، واقتحام الحدود الأوكرانية، واختراق الدفاعات الجوية والأرضية، والسيطرة على شوارع العديد من المدن، بعض اشتباكات دامية، غير متكافئة، بين القوات الروسية والأوكرانية.
وللبلدين تاريخ حافل الاشتباكات والعداء، وتعرض أوكرانيا للقمع الكبير في عصر الاتحاد السوفييتي، بالأخص في عهد ستالين، الذي لم يسلم منه أي أحد وأي صوت يحلق خارج السرب في أي من البلدان التابعة الاتحاد.
كان للكتاب والأدباء، نصيب كبير من القمع الروسي للأوكرانيين، فيدون التاريخ لنا الكثير من الأسماء التي منع أصحابها من الكتابة والنشر، وحجبت أعمالهم عن القراء لعقود، وخاصة تلك التي تناولت معاناة الشعب الأوكراني، في ظل سيطرة السوفيت على كافة الأمور، والتي تنتقد ستالين وتصرفاته.
فاسيل بركة وظاهرة هولودومور
كان من أوائل الكتاب الذين تعرضوا عن تلك الفترة الحرجة في التاريخ الأوكراني، الكاتب والشاعر فاسيل بركة، الذي وصف بأنه ممثل الشتات الأوكراني في الولايات المتحدة، ولد فاسيلي في 16 يوليو من العام 1908، في منطقة تسمى بولتافا، وفي عام 1941، تطوع فاسيل في الميلشيا الشعبية، رغم صحته الضعيفة، وقاوم الألمان بكل قوة وحزم، لكن بعد إحدى المعارك، ألقت الطائرات السوفيتية خطابات تقول بأن كل من نجى من المعارك مع الألمان، هو خائن للوطن، فتركت تلك الرسائل فاسيل، وعواطفه وانتماءاته انقلبت رأسا على عقب ضد نظام ستالين.
يقول فاسيل: كنت من المواطنين السوفيّت الوطنيين، لكني كرهت الاستنالينية من كل قلبي، فأنا كنت أؤمن بالصورة المثالية للشيوعية، لكنها ذهبت إلى الديكتاتورية.
انتقل إلى الولايات المتحدة بعد سلسلة من الأحداث والظروف الصعبة التي مر بها هو وأسرته، في عام 1950، وهناك أصدر رواية الأمير الأصفر، والتي وصف فيها اهوال المجاعة الكبرى التي وقعت في الفترة بين 1932، و1933، وكان أول من تحدث عن الظاهرة المعروفة في أوكرانيا بـ هولودومور، والتي تعني القتل بالتجويع.
لكن بعد العقود الطويلة من المنع، ومصادرة حق القراءة والمعرف في أوكرانيا، أتيحت أعماله أخيرا للقارئ الأوكراني في عام 1991.
إيفان باجرياني.. المنفي الهارب
بعد أكثر من 28 عاما على وفاته، تعرف القارئ الأوكراني على الكاتب الكبير إيفان باجرياني، وأدرجت بعض من أعماله في المناهج الدراسية، وخاصة نصوصه حول معسكرات العمل السوفييتية، التي عانى معها الأوكران.
عاش إيفان باجرياني مطاردا خلال سنوات حياته بسبب عدم اتفاقه مع النظام السوفييتي، وفي سن الخامسة والعشري، ألقي القبض عليه بسبب أنشطته التي وصفت بأنها مضادة للثورة، ووضع في معسكر إصلاحي في بايكال أمور، لكنه هرب من ذلك المفى، وكتب أثناء اختبائه رواية تايجر هانترس، والتي خرجت في عام 1943.
وفي عام 1944، أجبر على الهجرة إلى المانيا، بسبب السلطات السوفييتية، وفي عام 1946، كتب لماذا لا أريد العودة إلى الاتحاد السوفيتي؟ حيث أكد أن هناك مئات الآلاف من المهاجرين والهاربين لا يريدون العودة للاتحاد، كما وصف الاتحاد السوفيتي بأنه سجن كبير للأمم.
قهر الفلاحين ومحاولة إبادة الأمة الأوكرانية
اتهمت السلطات السوفيتية المسرحي الأوكراني ميكولا كوليش، في الثلاثينات من القرن الماضي، بأنه من القومية البرجوازية، حيث حظرت مسرحياته المهمة، وتعرض للقمع الشديد على يد السلطات، ومنعت مسرحيات مينا مازايلو، والسوناتا الباعثة على الشفقة، وغيرهم.
وقال الرقيب السوفيتي بأن تلك الأعمال منعت لإنه ا تستند إلى آراء معادية للنظام الشيوعي، لكن بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، ومرور السنوات، صارت أعماله تعرف في الكثير من بلدان العالم.
أما أولاس سامتشوك، فجسدت أعماله حياة الفلاحين الأوكران، خاصة رواية ماريا، وهي الرواية التي كشف العديد من الأسرار الخاصة بظلم الاتحاد السوفيتي للفلاحين، واستغلالهم، وقمعهم، خاصة بعد ثورة 1917، ويكشف سامتشوك حقيقة ستالين، الذي خطط للمجاعة التي كادت أن تؤدي لإبادة جماعية للأمة الأوكرانية.