ماذا حدث للماليك في قلعة محمد علي وما هو مصير المملوك الهارب؟
في 1 مارس، من العام 1811، وقعت واحدة من أكثر الحوادث دموية وشهرة في التاريخ المصري، وهي مذبحة المماليك، والتي تخلص فيها والي مصر محمد علي باشا، من أمراء المماليك، حتى تخلو له الساحة، وينفرد بأمور السلطة، دون تدخل أو ضغط.
وكان محمد علي في تلك الأوقات يجمع جيشا لمحاربة الوهابيين في الحجاز، بعد طلب السلطان العثماني منه، وبالفعل، جهز القوات، وجعل ابنه أحمد طوسون باشا قائدا للحملة، ثم حدد يوم الجمعة الموافق أول مارس، ليكون مهرجانا كبيرا للاحتفال وتوديع الجيش المقاتل قبل الرحيل، ودعا إليه جميع الموظفين الكبار، والقواد، ومعهم المماليك.
استجاب المماليك للدعوة، فتلك الاحتفالات كانت طبيعية، وتقام دوما لتوديع الجند، واستقل وقتها محمد على المماليك، وكبار البكاوات، في قاعة الاستقبال الكبيرة بـ القلعة، وقدم لهم العديد من المأكولات والمشروبات، وعندما حان وقت الحفل، اعتذر محمد علي، وكانت تلك الإشارة الأولى، ولم يعير الحضور انتباه لذلك الرفض، وغادروا القاعة تأهبا للمشاركة في الحفل.
خرجت خيول المماليك، على قرع الطبول، الذي يوحي بتحرك الجيش، وبدأ الركب يسير من القلعة، نزولا للأسفل، والمماليك على خيولهم، يحيون الجميع، وتكون الركب من مجموعة الفرسان، التي يفودها أوزون علي، وخلفها الشرطة، ثم الأغا محافظ المدينة، وفي الخلف جنود الأرناءود، بقيادة صالح قوش، ثم المماليك في الخلف، وعلى رأسهم سليمان بك البواب.
عند خروج الركب من الباب، ومع لحظة خروج المماليك، أغلق باب القلعة على حين غرة في وجههم، وكانت الإشارة واضحة لـ جنود الأرناءود، الذين كانوا في الخلف، فقاموا بتسلق الصخور التي حولهم، واخذت تتابع صفوف المماليك، ليجدوا الباب المغلق، والجنود على الصخور من حولهم، وقبل أن يستوعب المماليك الأمر، كانت أصوات الرصاص تتابع في دوي شديد، ومرعب، على أجساد المماليك.
مملوك وحيد ناجي.. أين ذهب؟
سقط معظم المماليك غارقين في دمائهم، وأخذ شاهين بك الألفي عدة مماليك، في محاولة للهرب، وقاموا بتسلق الأسوار وتقدموا نحو قصر صلاح الدين، لكنه لم يكد يصل، حتى أصيب هو الآخر برصاصة، فسقط ميتا على الفور، ووصل سليمان بك البواب إلى الحرملك، وأخذ يستنجد بالنساء، لكن الجنود التفوا حوله، وانهالوا عليه بالسيوف، حتى قطعت رأسه.
استمر القتل إلى أن تكدست الجثامين فوق بعضهم، ولم ينج من المماليك إلى أمين بك، الذي كان في مؤخرة الجيش، فتمكن من الهرب دون ملاحظة أحد، فصعد إلى أحد الأسوار، وألقى بنفسه إلى خارج القلعة، من مسافة تصل لـ 60 قدما، لكن جواده أنقذه من الموت، إذ قفز وهو فوق ظهره، وعند الاقتراب من الأرض، ترك الجواد وقفز سريعا، وبحسب المسيو فولابل في كتاب مصر الحديثة، بقى هذا المملوك على قيد الحياة، ولجأ إلى الأستانة، ودخل في خدمة السلطان.