بـ3000 دولار شهريا.. كيف تجرى عمليات تجنيد مرتزقة سوريين للقتال في أوكرانيا؟
بعد أيام من اجتياح الجيش الروسي للأراضي الأوكرانية، ونشوب حرب شوارع هناك لجأ الجيش الروسي إلى تجنيد مرتزقة للقتال إلى جانب الجيش الروسي، واستعان بمرتزقة سوريين كان لهم دور في القتال بالأراضي ليبيا سابقا، وجند مجموعات أخرى جديدة.
أول دفعة من المرتزقة السوريين انتقلت إلى أوكرانيا نهاية فبراير الماضي وبعدها بأيام نقلت 30 ضابطا من الفيلق الخامس اقتحام، الذي تشكل نوفمبر 2016، وتحديدا في 3 مارس الماضي على متن طائرة شحن روسية من طراز يوشن بأحد المطارات شمال شرق موسكو، قادمة من قاعدة حميميم في الساحل السوري وهي القاعدة الروسية الأكبر في البلاد، نُقل الضباط إلى نقاط تمركز المرتزقة الجاري تجنيدهم حتى اللحظة، لتدريبهم وقيادتهم بعد تلقيهم التدريب اللازم.
وكشف تحقيق لوحدة التحقيقات السورية "سراج"، أن الضباط سيخضعون لمجموعة تدريبات خاصة بـ إدارة المواقع العسكرية، وتنسيق الاتصال والارتباط، إضافة إلى قواعد خاصّة باستراتيجية القتال في بيئة مختلفة عن بيئة المقاتلين الأصلية، وقد تعددت الإغراءات التي تقدمها روسيا إلى المقاتلين لتشجيعهم على القتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا، في مقدمتها الأموال والإفراج عن أقاربهم المعتقلين لدى الجيش الروسي.
3 آلاف دولار أمريكي شهريا
تتم عملية التجنيد عبر مجموعة من الشركات الأمنية والضباط والوكلاء، ويستقطبون الشبان ويسجلون أسمائهم ويضمونهم لصفوف الفيلق الخامس، وأخبرت الشركات المقاتلين أنهم سيوقعون عقود مدتها تتراوح بين 6 أشهر وسنة، وتستخدم هذه المجموعات وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها مجموعات فيسبوك واتساب وتليجرام.
وكشف التحقيق أنه من المتوقع أن يتولى الفيلق الخامس المهمات القتالية لجميع المرتزقة السوريين في أوكرانيا، على أن تتولى مجموعة الضباط التي تتلقى التدريب حاليًا مهمة القيادة التنسيق المباشر لنقلهم وقيادة العمليات، إضافة إلى تعيينهم ضباط ارتباط بين المجموعات المقاتلة والقيادة الروسية.
كما عرضت الشركات مقابلا ماديا يبلغ قدره 3 آلاف دولار لكل مقاتل، خاصة الذين قاتلوا إلى جانبها سابقًا في ليبيا، وحصلوا على خبرة كافية بالقتال والعمل تحت إمرتها، ومارست عدة أساليب ابتزاز تمثّلت باقتطاع جزء من رواتب المرتزقة العائدين من ليبيا، لحين قبولهم بالمشاركة بالمهمات الجديدة في أوكرانيا، وترغيب آخرين في الإفراج عن أقاربهم المعتقلين لدى الجيش السوري، غير أن التحقيق كشف أن بعض المقاتلين وقعوا عقودا مقابل مبلغ مالي قدره 1600 دولار أمريكي شهريا نظير القتال بجانب روسيا في أوكرانيا.
مسار تجنيد المرتزقة
تبدأ آلية التجنيد بطلب التطوّع وإرسال صورة عن البطاقة الشخصية لاستصدار موافقة أمنية عن شعبة المخابرات العسكرية، وتستغرق مدة تتراوح بين 10 و15 يوما، يبلغ بعدها الحاصلين على الموافقات بالاستعداد لنقلهم إلى أوكرانيا، ويتم إعلامهم بموعد السفر قبلها بساعات، ويتحدد له نقطة انتظار في مدينته لنقلهم إلى معسكر للتدريب في ريف حمص، يخضع فيه المتطوعون لاختبار لياقة بدنية وفحص طبي، وبعدها يتم تنظيم العقد المدون باللغتين الروسية والعربية، ومنه يتم نقلهم نحو قاعدة حميميم العسكرية للانطلاق إلى أوكرانيا في اليوم ذاته، وتستغرق عملية الاختبار والفحص الطبي مدة تتراوح بين 8 إلى 10 ساعات.
تتمثل شروط قبول المجندين أن يتراوح عمر الشاب بين 23 و43 سنة، بما فيهم المطلوبون للأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري، والمتخلّفون عن الالتحاق في الخدمة العسكرية، والمطلوبون بقضايا جنائية ودعاوى شخصية، مستثنيًا “المنشقين العسكريين” فقط.
وقال مندوب إحدى شركات التجنيد، إن مدة العقود تبلغ 5 أشهر قابلة للتجديد، مقابل 3 آلاف دولار شهريًا، يتم تسليم سلفة تتراوح بين 1000 و1500 دولار لحظة توقيع العقد، والمبلغ المتبقي فور العودة إلى سوريا بعد انتهاء مدة العقد، ويتكفل الروس بتأمين الطعام والشراب والسجائر والأدوية لجميع العناصر طيلة فترة المهمات القتالية في أوكرانيا.
تفاصيل الاختبارات
“الاختبارات عبارة عن جري لمسافة كيلومتر واحد بمدة لا تتجاوز خمس دقائق، وإجراء بعض التمارين الرياضية، فيما يشمل الفحص الطبي التحاليل الخاصة بالكشف أمراض الضغط والسكري، إضافة لفحص النظر والأسنان”، يقول أحد الشبان المراجعين لمعسكر شركة “صائدو داعش”، التي أعلنت عن استقطاب الراغبين بـ”التطوع” خلال يومي 17 و18 آذار، في حقل التدريب الواقع في بلدة “الصايد” بريف حمص، لإجراء الاختبارات، موضحة في إعلانها أن استدعاء المقبولين للاختبار سيتم في وقت لاحق “عند الحاجة”.
مهمة المرتزقة
كشف المندوب لأحد الشباب الراغبين في التطوع، أن المهمات التي ستوكل للسوريين في أوكرانيا، محدّدة بالتمركز والتثبيت في النقاط التي تتقدم إليها القوات الروسية في أوكرانيا، والحفر والتحصين ورفع السواتر الترابية، إضافة لحماية نقاط التمركز.
وأضاف: ستضم كل نقطة روسية مجموعات من المجندين السوريين، وسيكون هناك قائد لكل مجموعة صغيرة، وقائد الكتيبة بالكامل، يتولى قيادة كل مجموعة منهم قائد منفصل، ويتبع قادة المجموعات لقائد عام للموقع، موضحا أن عملية تنسيق المجموعات متعلقة بالمحافظات، بحيث يكون عناصر كل مجموعة من أبناء المحافظة ذاتها.
وقال المندوب إن المهمات بعد تثبيت النقاط ستقتصر على حماية النقاط وحراستها، بحيث تقسم لكل عنصر نوبتي حرس إحداهما صباحية وأخرى ليلية، ما خالفه “حسين” الذي كانت مهمته محدّدة بحراسة إحدى المنشآت النفطية في مدينة “سرت” الليبية.
شركة الصياد
وعن أبرز الشركات التي تجند المرتزقة، جاءت شركة صائدو داعش التي عُرفت أيضًا باسم شركة الصيّاد في المقدم والتي تصدرت ملف تجنيد مرتزقة سوريين للقتال خارج سوريا إلى جانب القوات الروسية وحلفائها.
تأسست شركة “الصيّاد” في 16 مارس 2017، في بلدة السقيلبية في ريف حماة الشمالي، بدعم روسي كامل ماليًا وعسكريًا، وحصلت على ترخيص تجاري من مديرية التجارة الداخلية في حماة تحت صفة “شركة خدمات حراسة وحماية محدودة المسؤولية”، ويملكها ثلاثة شركاء هم “أديب أمين توما”، و”يسار حسين إبراهيم”، و”فواز ميخائيل جرجس” الذي عُيّن مديرًا لها.
وقد صرح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو، في اجتماع لمجلس الأمن، سابقا، بأن 16 ألف متطوعا في الشرق الأوسط مستعدون للقتال في إقليم دونباس شرق أوكرانيا.
ولفت الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إلى أن معظم الأشخاص الذين يرغبون وطلبوا القتال إلى جانب القوات الروسية، هم مواطنون سوريون وآخرون من دول الشرق الأوسط، معتبرًا أن قرار إرسال مقاتلين متطوعين إلى أوكرانيا أمر مقبول.