النقابات المهنية.. مستقبل وطن
النِّقابة المهنية وفقا لقضاء الإدارية العليا هي مرفق عام، وتعد شخصًا من أشخاص القانون العام، ومجموع تلك النقابات تشكل "مؤسسات الدولة" أو دولة المؤسسات وتكمن أهمية النقابات المهنية لكونها تتشكل من صفوة المجتمع من الطبقة المثقفة، التي دائما وأبدا يكون لها تأثير على المجتمع.
والحقيقة أن النقابات المهنية تعاني أشد المعاناة وباتت غير قادرة على خدمة أعضائها، ويرجع ذلك إلى تلك القوانين العتيقة التي ما زالت تتحكم في تلك النقابات فعلى سبيل المثال نجد أن قانون مزاولة مهنة الطب صادر عام ١٩٥٤، وكذلك قانون الصيدلة، وقانون نِقابة مهنة العلاج الطبيعي عام ١٩٨٤، وهي قوانين بآلية لا تتواكب مع متطلبات العصر ولا يتمكن أعضاء مجالس إدارات تلك النقابات من أداء واجبها لخدمة أعضائها.
واعتقد أن الانطلاق يبدأ من الإطار القانوني أي سن تشريعات جديدة تتواكب مع تطورات العصر، ومع التقدم التكنولوجي الهائل، فلنا أن نتخيل إن نِقابة التمريض وهي تجاوز عدد أعضائها الثلاثمائة ألف عضو لا يوجد لها حتى الآن قانون يحكمها !!!!، فالنقابات المهنية تعبر عن قطاع كبير من الطبقة المتوسطة الفعالة داخل المجتمع وتملك قدر كبير من الثقافة، وتؤثر على تطوير المجتمع وتقدمه ومستوى معيشته الاقتصادية.
وتملك النقابات المهنية أعداد هائلة من أعضائها، فعلى سبيل المثال نِقابة المعلمين يتجاوز أعضائها الـ (٢) مليون عضو فلا يوجد بيت مصري لا يضم عضو من أعضاء النقابات المهنية، لذلك فإن الاهتمام بتلك النقابات وإعادة تفعيلها وتحديث قوانينها ستؤدي بالضرورة إلى ضبط المجتمع وإثراء ثقافته، فإن المساهمة في حل مشكلات وأزمات المهنيين عمومًا في حياتهم اليومية، وتحسين أوضاعهم سيؤدي إلى الوصول للوحدة المتكاملة التي تقف وبكل قوة لنزع فتيل الفكر المتطرف.
وبالأمس دعوت إلى ندوة أقيمت بحزب مستقبل وطن برعاية أمانة المهنيين المركزية، وحضرها الأمين العام للحزب وفيها طرح مبادرة بعنوان "إعادة البنية التشريعية للنقابات المهنية، والمعالجات الضرورية للقوانين"، ولاقت قَبُول بالإجماع من جميع القامات التي حضرت تلك الندوة واجمعوا على أن الانطلاقة الحقيقية تبدأ بالإصلاح التشريعي، وتحديث القوانين، وسن تشريعات جديدة تستطيع من خلالها النقابات المهنية أن تضبط الأداء المهني وتثري المجتمع بالأفكار الخلاقة التي تؤدي إلى تطوير المجتمع وتقاوم الفكر الهدام المحيط بنا من كل اتجاه.
وأن ما سلكه حزب مستقبل وطن يعبر وبحق بأن هناك فكرا موضوعيا داخل الحزب، فاهتمامه بإعادة البنية التشريعية للنقابات المهنية دليل القطع بإن قيادات الحزب تسعى إلى صالح المجتمع المصري.
وأتمنى أن يستمر حزب مستقبل وطن في تفعيل تلك المبادرة لأني اعتبرها مشروعا عملاقا يحتاج إلى جهود عظيمة ويستطيع الحزب بما يملكه من آليات أن يدفع تلك القوانين إلى الظهور، وعليه أن يعقد الاجتماعات المستمرة مع كل نِقابة على حِدَةٍ وأن يمدها بالخبراء من أجل صياغة قوانين تتواكب مع العصر، وباعتبارها صاحب الأغلبية بمجلس النواب يستطيع أن يعمل من أجل إصدار تلك القوانين.
وأتمنى أن تحذو الأحزاب المصرية حذو حزب مستقبل وطن، وأن يكون التفكير دائمًا في بناء المجتمع المصري، وإثراء ثقافته ووعيه، فإن تم إعادة ترتيب النقابات المهنية سيحدث الفارق في المجتمع كليًّا، تحياتي وتقديري لقيادات حزب مستقبل وطن.
