راح ضحيتها فرق بالكامل.. 4 حوادث طائرات أبكت جماهير كرة القدم
تسببت العديد من الظواهر الكونية والحوادث في نشر حالة من الحزن على جماهير كرة القدم وإسقاط دموعهم لأسباب خارج المستطيل الأخضر نهائيا، وتأتي على رأسها حوادث الطائرات.
وعلى مدار التاريخ شهدت لعبة كرة القدم العديد من حوادث الطائرات التي افقدتها لاعبين وأثرت على الفرق والمنتخبات، وبالطبع أثرت في نفوس الجماهير ونشرت حالة من الحزن خلال الفترات التي حدثت فيها.
كارثة سوبرجا وسفر إيطاليا بالقارب
وهناك العديد من حوادث الطائرات التي شهدتها لعبة كرة القدم على مر التاريخ، ولكن سيكون الحديث عن أبرز أربعة حوادث أثرت على اللعبة بشكل واضح وما زالت محفورة في أذهان الجماهير حتى يومنا هذا، بالرغم من أن معظمها مر عليها عمرا طويلا.
وواحدة من أبرز حوادث الطائرات في كرة القدم بل وأولها تقريبا، حادثة تحطم طائرة فريق تورينو التاريخي والذي كان البطل الأول لإيطاليا في ذلك الوقت، وكان ضمن صفوفه العديد من النجوم والأسماء اللامعة، وعرفت هذه الحادثة باسم “كارثة سوبرجا”.
حدثت الكارثة في 4 مايو 1949، بعدما اصطدمت طائرة فريق تورينو التاريخي العائدة من لشبونة بعد خوض مباراة تكريمية ضد بنفيكا، في أحد الكنائس لطيرانها على مستوى منخفض نظرا لسوء الأحوال الجوية ووجود عاصفة رعدية شديدة، وأدى هذا الاصطدام إلى وفاة الـ 31 فردا الموجودين على الطائرة ومن ضمنهم 18 لاعبا من صفوف الفريق الإيطالي ومنهم نجوم المنتخب الإيطالي.
وأثر هذا الحادث بشكل كبير على الكرة الإيطالية بشكل عام والمنتخب بشكل خاص، بل وبسبب التشاؤم من الواقعة صدر قرار يمنع سفر المنتخب بالطائرة إلى البرازيل لخوض منافسات كأس العالم 1950، وسافر الآزوري بالقارب إلى هناك في رحلة كانت شاقة جدا وأثرت على مستوى الفريق نفسه في المونديال.
وبجانب التأثير البدني على لاعبي منتخب إيطاليا بسبب السفر كل هذه المسافة بالقارب، بالطبع كان هناك تأثير فني بسبب فقدانهم العديد من أعمدة الفريق في هذه الحادثة، لتنقلب آمال الجماهير الإيطالية في حصد المونديال الثالث لها بعد نسختي 1934 و1938 وتوقف البطولة لـ 8 سنوات متتالية بسبب الحرب العالمية الثانية، ويتحول كل شيء إلى حزن جديد بخروج المنتخب من دور المجموعات بعد تعرضه لخسارة على يد السويد وفاز على باراجواي وجمع نقطتين فقط ولكن هذا لم يكن كافيا للتأهل إلى الدور الثاني ليودع المنتخب مونديال 1950.
حادثة ميونخ وأول لقب أوروبي
وتعتبر أيضا حادثة ميونخ واحدة من أشهر الحوادث الجوية وأكثرها تأثيرا في اللعبة، والتي راح ضحيتها العديد من النجوم الواعدين لفريق مانشستر يونايتد، وذلك في 6 فبراير 1958، فبعدما كون مات بازبي المدرب التاريخي ليونايتد ومساعده جيمي مورفي فريقا هائلا من الشباب تحطمت كل آماله في لحظة.
فبعدما ظهرت بوادر هذا الفريق وبدأ مانشستر يونايتد يقدم نتائج مذهلة محليا وأوروبيا، وصل تحت قيادة بازبي إلى ربع نهائي دوري أبطال أوروبا وذهب لمواجهة النجم الأحمر في بيلجراد وبالفعل فاز يونايتد في المباراة وتأهل إلى نصف النهائي ليضرب موعدا مع ريال مدريد، ولكن لم يكن يعلم شياطين إنجلترا أنهم لن يخوضوا هذا اللقاء وسيتوقف الإنجاز إلى هنا مؤقتا.
وواجه بازبي أزمة كبرى وهي أنه لديه مباراة في الدوري الإنجليزي ضد ولفرهامبتون في بداية الأسبوع وهو ما زال في بيلجراد وقوانين الاتحاد الإنجليزي آنذاك أنك يجب أن توجد في إنجلترا قبل 48 ساعة من المباراة، بجانب اعتراض هاردايكر رئيس الاتحاد آنذاك على مشاركة مانشستر من الأساس في البطولة الأوروبية، ليضطر إلى السفر رفقة الفريق بالطائرة، ولكن واجهتهم أزمة اقتراب نفاد الوقود لتقف الطائرة في ميونخ لتزويد الوقود وبعدما أنجز قائد الطائرة المهمة واجه أزمة أخرى بوجود عطل في المحرك وحدوث اضطرابات جوية وأعاصير ثلجية.
وبعدما أصلح قائد الطائرة المحرك حاول الإقلاع بالطائرة ولكن جاءت الصدمة بأنها ارتطمت بسور في نهاية الممشى وتحطم الجناح الأيسر للطائرة، لتهبط وتصطدم بمخزن وتتحطم، وتوفي 23 شخصا من 44 كانوا على متن الطائرة ومن بينهم عدد من لاعبي مانشستر أبرزهم دنكان إدواردز، إدي كولمان، دايفيد بيج وبوبي تشارلتون، الذين كان يتنبأ لهم الجميع بأن يكونوا مستقبل إنجلترا بالكامل، ونجى من الحادث كل من هاري جريج حارس مرمى الفريق ومات بازبي وبوبي تشارلتون.
وسيطرة حالة حزن كبيرة على إنجلترا بأكملها بشكل عام وعلى مانشستر يونايتد بشكل خاص ليظهر تفكير قوي في الإدارة لإيقاف النشاط الرياضي لأجل غير مسمى، ولكن تعافى بازبي من الإصابات التي كان يعاني منها، وعاد بقوة وحماس لتعويض خسائره وصنع جيلا آخر تاريخيا، حصد رفقته لقب دوري أبطال أوروبا في 1968 ليكون أول فريق في إنجلترا يحصد اللقب، وحقق العديد من الإنجازات الأخرى حفرت اسمه في تاريخ النادي وحاول محو الذكرى الحزينة للجماهير في الحادثة المأسوية، وتم منحه لقب سير هو ومساعده.
الحزن يسيطر على إفريقيا
وكان لقارة إفريقيا جانب من حوادث الطائرات في لعبة كرة القدم، وذلك في كارثة منتخب زامبيا، الذي تحطمت طائرته في 27 أبريل 1993، بعدما كانت تقل عدد من لاعبي المنتخب المتجه إلى داكار لمواجهة السنغال في التصفيات المؤهلة لمونديال 1994، وكشفت التحقيقات أنه أثناء تواجد الطائرة في الجو اشتعلت النيران في إحدى محركاتها، وبدلًا من أن يقوم قائد الطائرة بإطفاء المحرك المشتعل، قام بإطفاء المحرك السليم عن طريق الخطأ لتسقط الطائرة في البحر، وتسفر عن وفاة الـ30 فردا الموجودين على الطائرة بالكامل، ومن ضمنهم 18 لاعبا من زاميا والمدرب جودفري شيتالو وجهازه الفني.
وسيطرت حالة كبيرة من الحزن على زامبيا وقارة إفريقيا بأكملها، وقررت الحكومة في زامبيها دفن جميع أعضاء المنتخب الذين لقوا حتفهم في الحادث، فيما أصبح يعرف باسم "عكا الأبطال" خارج ملعب الاستقلال في لوساكا.
ولكن نجى من هذا الحادث عدد من اللاعبين مثل كالوشا بواليا وتشارلز موسوندا، ونجا جونسون بواليا، بسبب احترافهم في أوروبا وعدم سفرهم على نفس الطائرة، وأيضا بينيت مولواندا الذي تم استبعاده، لتحاول الحكومة في زامبيا تدارك الأزمة سريعا واعتمدوا على هؤلاء اللاعبين في تكوين فريق جديد وحدث ذلك بالفعل وأكملوا غمار التصفيات ولكن لم يحالفهم الحظ في الصعود للمونديال لحاجتهم إلى نقطة وحيدة، ولكن جاءت المفاجأة بوصلهم إلى نهائي كأس أمم إفريقيا 1994 في تونس ولكن خسروا في الدقائق الأخيرة على يد نيجيريا، ولكن عاد لاعبوا زامبيا في ذلك الوقت إلى بلادهم وتم استقبالهم استقبال الأبطال، وبعدها بفترة طويلة حصد المنتخب الزامبي لقب أمم إفريقيا 2012 للمرة الأولى والوحيدة في تاريخها وكان رئيس اتحاد الكرة آنذاك هو كالوشا.
سالا والنهاية الغامضة
وكانت أحدث حوادث الطائرات هي الحادثة التي توفي فيها الأرجنتيني إيماليانو سالا في 19 يناير 2019، وذلك عندما انهى الفحوصات الطبية قبل انضمامه إلى نانت الفرنسي، وأثناء رحلة العودة إلى ناديه كارديف سيتي الإنجليزي، ولكن تحطمت الطائرة وسقطت في المحيط في ظروف غامضة، وتم الإعلان عن سقوط طائرة في الماء بالقرب من جزيرة آلدرني في بريطانيا ومن المتوقع أن يكون اللاعب الأرجنتيني على متنها.
وبعد خروج العديد من رحلات البحث عن الطائرة في المياه فقدت السلطات الأمل في العثور على أي حطام للطائرة أو جثة أي فرد من الركاب ليقرروا إيقاف رحلة البحث ولكن بعد مطالب من نجوم كرة القدم والحكومة الأرجنتينية عادت رحلات البحث من جديد وبعد فترة طويلة وبالتحديد في 7 فبراير تم الإعلان عن اكتشاف حطام للطائرة وجثة بداخله وتم اكتشاف أنها جثة سالا بالفعل، ولكن ما زال هناك عدة شكوك وتحقيقات أن الحادثة كانت متعمدة.
ولم تتوقف قصة سالا إلى هنا، بل ظل ناديي كارديف سيتي ونانت يقاضيان بعضهما البعض بسبب تكاليف الصفقة وبعض الأمور المالية وقدما العديد من الشكاوى ضد بعضهما إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، وأخر قرار صدر في الأمر كان يوم الجمعة 30 يونيو 2023، وهو إلزام نادي نانت بدفع القسط الثاني والثالث من رسوم انتقال الأرجنتيني إيميليانو سالا إلى النادي الفرنسي والمقدر قيمتهما بـ 17 مليون يورو لنادي كارديف، وتوقف الأمر إلى هنا.
لا علاقة للتطور بالأمر
وفي النهاية يبدو أن الأمر لا يتعلق نهائيا بالتطور سواء كان الأمر من زمن بعيد مثل حادثة الخمسينات أو من زمن قريب شهد كل مظاهر التطور الحالية مثل واقعة سالا من أعوام قريبة، ولكن القدر هو من له الكلمة العليا في هذا الأمر.