السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أنفاق حماس وصراع الأدمغة.. كيف غيرت قواعد اللعبة في حرب الاحتلال والمقاومة؟

أنفاق غزة
تقارير وتحقيقات
أنفاق غزة
الثلاثاء 07/نوفمبر/2023 - 02:00 م

شريان حياة وسلاح استراتيجي ومترو لمواجهة إسرائيل، جميعها مسميات أطلقت على انفاق قطاع غزة البالغة أكثر من 1300 نفق والممتدة لنحو 500 كيلو متر أسفل القطاع المكتظ بالسكان، إذ تستخدمها كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس المسيطرة على غزة وباقي الفصائل الفلسطينية الأخرى كرأس حربة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للهجوم تارة وللاختفاء والمباغتة تارة أخرى هربًا من وسائل المراقبة المستخدمة من تل أبيب لإفشال أي وسيلة للمقاومة الفلسطينية.

فقد مثلت الأنفاق رأس الحربة الفلسطينية لمواجهة العدوان الإسرائيلي البري في قطاع غزة خلال الأيام الماضية، إلى جانب كونها درعًا واقية لعناصر الفصائل المقاومة للاختباء من قنابل الطائرات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر الماضي على خلفية طوفان الأقصى، إلى جانب كونها أحد أركان العملية المفاجئة التي تمكنت من خلالها المقاومة من قتل نحو 1400 مستوطن إسرائيلي وأسر أكثر من 240 آخرين بينهم عسكريون وجنسيات أجنبية أخرى، لتعلن تل أبيب نفيرها العسكري لمواجهة حركة حماس وأنفاقها الممتدة بطول قطاع غزة.

حرب أدمغة بين حماس وإسرائيل منذ 2013

ففي محاولة منها لإضعاف الأنفاق ألقت طائرات الاحتلال الإسرائيلي آلاف الأطنان من القنابل الذكية لاختراق التحصينات النفقية، إلى جانب القنابل الارتدادية أو الزلزالية والتي تعمل على إحداث خلخلة في القشرة الأرضية لتدمير النفق المستهدف وانهياره، حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، في كلمة له منذ أيام، أن طائرات الاحتلال ألقت على قطاع غزة أكثر من 10 آلاف قنبلة مختلفة الأنواع، وهو المسؤول ذاته الذي أوضح في تصريح آخر أن بلاده ستحصل من شقيقتها وراعيتها الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية، على أجهزة وأسلحة متطورة لاستخدامها في تدمير الترسانة النفقية لحركة حماس وباقي فصائل المقاومة.

أنفاق غزة 

 

حرب إسرائيل على الأنفاق لم تكن وليدة طوفان الأقصى بل تعود لنحو عشر سنوات، وتحديدًا العام 2013، والتي أعلن خلالها جيش الاحتلال حسب أحد بيانته بذلك العام، اكتشاف أول نفق هجومي بقطاع غزة، بلغ طوله 800 متر وعلى عمق 20 مترًا تحت سطح الأرض بارتفاع وعرض مترين، وقبيل ذلك كانت حركة حماس تمكنت من أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وإخفائه في أحد الأنفاق منذ العام 2006 وحتى العام 2011، قبل أن يتم تسليمه إلى دولة الاحتلال في صفقة لتبادل الأسرى بين الطرفين، ليكتشف جيش الاحتلال قرب نهاية العام 2013 وحدة عسكرية خاصة لتدمير الأنفاق ضمت مدنيين علماء وعسكريين، وحينها كان وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي يوآف جالانت يشغل منصب قائد اللواء الجنوبي المسؤول عن قطاع غزة، والذي علق بدوره ( منذ العام 2013) أن حرب الأنفاق وتدميرها حرب أدمغة بين حماس وتل أبيب، الأمر الذي يمكن أن يوضح مدى صعوبة اللكمة التي تلقها الشخص ذاته من أنفاق غزة في طوفان الأقصى، والتي دفعته للمسارعة بالإعلان رفقة رئيس حكومته بنيامين نتنياهو عزمهما تدمير وتفكيك ترسانة حماس النفقية والعسكرية.

ومنذ العام 2013 لم تتوقف حماس عن توجيه لكمات مدوية لجيش الاحتلال الإسرائيلي باستخدام ما تطلق عليه تل أبيب (مترو غزة) أي الأنفاق، فكانت أولى الضربات المدوية العام 2014 وتحديدًا في عملية أطلق عليها اسم الرصاص المصبوب، بتمكن كتائب القسام من أسر جنديين إسرائيليين، لا زالا في الأسر، ليتبين لتل أبيب أن فصائل المقاومة في القطاع باتت تمتلك سلاحًا استراتيجيًا يمكنها من أسر جنودهًا وتوجيه ضربات قاسية داخل الأراضي المحتلة، ما دفعها لبناء حاجز أسمنتي ضخم أعلى الأرض وأسفلها بطول 65 كيلو مترًا، لتختلف وجهة الأنفاق من خارج القطاع قاصدة إسرائيل إلى داخل القطاع بغية بناء تحصينات وممرات ومخازن للأسلحة والصواريخ، وأنفاق إيواء للأسرى.

لودر حماس 

لودر حماس يواجه إسرائيل 

وبانتهاء إسرائيل من بناء الجدار الإسمنتي الحاجز مع قطاع غزة أسفل الأرض وأعلاها، تنفست تل أبيب الصعداء أملا منها من عدم قدرة المقاومة على الوصول إلى الأراضي المحتلة عبر الأنفاق، إلا أنها فوجئت بضخامة الأنفاق التي تم بناؤها داخل القطاع طوال العشر سنوات الماضية، لتمثل (أي الأنفاق) مدينة أسفل مدينة غزة، حيث بلغ عددها أكثر من 1300 نفق لأعماق تصل إلى 70 مترًا أسفل سطح الأرض، بطول 500 كيلو متر، لتصبح ثاني أكبر شبكة أنفاق بعد مثيلتها الموجودة في كوريا الشمالية.

ومع وصول الصراع بين فلسطين والاحتلال الإسرائيلي إلى يوم السابع من أكتوبر من العام 2023، كان العالم على موعد طرفة وربما مفاجأة عسكرية، إذ تمكنت فصائل المقاومة في قطاع غزة من كسر الجدار الإسرائيلي الواقي الذي تكلف نحو مليار دولار، باستخدام حفار (لودر) لم تتجاوز قيمته آلاف الدولارت المعدومة على أصابع اليد الواحدة، تاركين اهتمام إسرائيل منصب أسفل الأرض في متابعة الأنفاق الممتدة داخل القطاع، ليتم مباغتتهم بطريقة يمكن وصفها بالضعيفة لكسر الحواز الأسمنتية، وخرق الجدار الحاجز ( الذي خففت على إثره إسرائيل أبراج المراقبة المنتشرة بطول الحدود مع قطاع غزة)، ومهاجمة عدد من المستوطنات وقتل أكثر من 1400 بين عسكري ومدني مستوطن، وأسر اكثر من 240 آخرين بينهم عسكريون وإخفائهم داخل أنفاق قطاع غزة (مترو غزة)، فيما عرف بعملية طوفان الأقصى.

طوفان الأقصى 

هذا الأمر أصاب تل أبيب بحالة من الجنون في مواجهة المقاومة الفلسطينية داخل القطاع، معلنة على لسان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، عزمها القضاء على حركة حماس وترسانتها النفقية، إلا أن التقارير العسكرية المتواترة منذ بداية الحرب أكدت صعوبة مواجهة جيش الاحتلال لأنفاق المقاومة إذ وصف بعضها الأوضاع باستحالة قضاء إسرائيل على (مترو غزة)، لتسارع إسرائيل بالإفصاح أنها طالبت أمريكا بالحصول على أسلحة وأجهزة متطورة لمواجهة الأنفاق، مشيرة إلى عدد من الوسائل في مواجهة تلك الأنفاق من بينها الروبوتات والطائرات المسيرة، والقنابل الاسفنجية، وقصف الأنفاق بقنابل زلزالية.

ماذا نعرف عن أنفاق غزة؟

تتراوح أطوال أنفاق المقاومة الممتدة في قطاع غزة من 50 مترًا إلى أنفاق تمتد لأكثر من كيلو متر بارتفاعات مختلفة وأعماق تصل إلى 70 مترًا أسفل سطح الأرض، فقد عملت حركة حماس وغيرها من فصائل المقاومة في قطاع غزة على بناء مدينة أخرى لمواجهة إسرائيل أسفل القطاع، مزودة بمنظومة تهوية متطورة وحديثة، ويوجد بها غرف للنوم وعقد الاجتماعات، ومخازن للمواد الغذائية، والوقود، وبالتأكيد الأسلحة والصواريخ المستخدمة في مواجهة عدوان الاحتلال، وتعمل فيها شبكة اتصالات مشفرة، لم تنجح إسرائيل في تفكيكها، ويتضح ذلك في البيان المصور الذي أعلنته حماس عقب تنفيذ طوفان الأقصى، بإعلانها التدريب طوال عام على تلك العملية دون افتضاح أمرها من قبل جيش الاحتلال، ما يؤكد عدم قدرة تل أبيب على اختراق شبكة اتصالات أنفاق غزة، كما تتضمن الأنفاق مراكز قيادة لكوادر الحركة المتواجدين بشكل دائم لإدارة العمليات العسكرية في مواجهة الاحتلال.

انفاق قطاع غزة

خطط إسرائيل لتدمير أنفاق غزة؟

طوال أكثر من عشر سنوات لم تتوقف إسرائيل عن إعداد الخطط والتكتيكات العسكرية وغير العسكرية لمواجهة شبكة أنفاق المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، إلا أن عملية طوفان الأقصى قضت مضجع قادة جيش الاحتلال بحثًا عن وسائل لمواجهة كتائب القسام وسلاحها الإستراتيجي المتمثل في أنفاق قطاع غزة، حيث أشارت تقاريرها العسكرية إلى أن جيش الاحتلال يمكن أن يستخدم ما يعرف بالقنبلة الاسفنجية في سد أنفاق المقاومة، وتحويلها إلى مصيدة ضخمة لعناصر حركة حماس وباقي الفصائل.

كما أشارت مجلة فوربس الأمريكية، إلى وجود خطة إسرائيلية بإرسال طائرات دون طيار إلى داخل الأنفاق، إلا أن محللون عسكريون يرون أن النفق أسوأ مكان للمسيرات حيث ضيق الأنفاق وصعوبة تحرك الطائرات داخلها، إلى جانب كون الطائرات المسيرة تعتمد عادة على نظام تحديد المواقع العالمي GPS الذي يعطل عمله أصلا تحت الأرض، ما جعل إسرائيل أمام معضلة مواجهة الأنفاق كونها غير معلومة لدى إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يطرح الكثير من التحديات ويجعل من  الصعوبة الاعتماد فقط على الآلات والمسيرات في الأنفاق، فإذا اضطُرت القوات الإسرائيلية للنزول إلى عمق غزة، فإن المسيرات ستتقدم الجيش ومعداته القتالية.

تابع مواقعنا