ما هو الرعد والبرق في القرآن؟.. علاقتهما بالصواعق وكيف فسرهما أهل العلم
ما هو الرعد والبرق في القرآن، وما تفسيره وكيف يحدث؟، وما معنى الودق؟ كلها أسئلة تدور حول الظواهر الجوية الأكثر بروزًا خلال فصل الشتاء والتقلبات الجوية، فمنها ما هو يحرق الغابات ويصيب البشر بالرعب، ومنها ما هو إحياء للأرض العطشى واستبشار للبشر بالخير والرزق، وعبر القاهرة 24 نتحدث عن أبرز تلك الظواهر ومعناها وأدلتها وكيف يراها الإسلام.
ما هو الرعد والبرق في القرآن؟
تحدثت الشريعة الإسلامية عن ما هو الرعد والبرق في القرآن، فقد ورد الكثير من الأحاديث توضح أن الرعد هو ملك يزجر السحاب، حيث قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِيقُ مِنْ نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، وقد قال المولى عز وجل يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، وهو ما يدل على أن الرعد هو ملك يسبح لله تعالى ويسبح معه ملائكة السماء بحسب إجماع المفسرين واهل العلم.
أما البرق فقد ذكر في القرآن الكريم في قوله تعالى هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ، ففي تفسير الطبري، فإن البرق يحدث بأمر من الله تعالى لقوله يريكم فهو تعالى المتصرف في شأنه، ويأتي الرعد نتيجة تراكم السحاب "وينشئ السحاب الثقال" والتي يعقبها نزول المطر.
وذكر السيوطي أن علي بن أبى طالب قال: الرعد ملك والبرق ضربه السحاب بمخراق من حديد، وقال عنه ابن عباس "الرعد ملك يسوق السحاب بالتسبيح كما يسوق الحادي الإبل بحدائه".
وأرجع شيخ الإسلام ابن تيمية صوت الرعد إلى تسبيح ملك السحاب وملائكة السماء، فقال "والملائكة هي التي تحرك السحاب وتنقله من مكان إلى مكان، وكل حركة في العالم العلوي والسفلي فهي عن الملائكة" مستدلًا بقوله تعالى في سورة النور: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ" والودق هو المطر.
وورد في تفسير السعدي قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا" بأن الخوف يأتي من "الصواعق والهدم وأنواع الضرر، على بعض الثمار ونحوها ويطمع في خيره ونفعه"، وقال عن قوله تعالى "وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ" أي ثقال بالمطر الغزير الذي به نفع العباد والبلاد.
كما ورد عن كعب أنه قال "البرق تصفيق الملك البرد، لو ظهر لأهل الأرض لصعقوا"، وقال ابن عباس "البرق ملك يتراياس"، بينما قال الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "اسم السحاب عند الله العنان، والرعد ملك يزجر السحاب، والبرق طرف ملك يقال له روفيل".
ما هو الودق؟
ولكن إن كنا تعرفنا على الرعد والبرق، فما هو الودق؟، تعد ظاهرة الودق من أكثر الظواهر الجوية ندرة وغرابة وإخافة للبشر، إذ تنتج عن تفريغ مفاجئ لمياه الأمطار من وسط السحاب المتراكمة في السماء، بشكل مستقيم وعمودي على الموضوع الذي يحدده الله تعالى على الأرض، ويكون سقوطه كتلة واحدة كصنبور ماء انفتح على آخره فجأة.
وينتج الودق بسبب اختلاف التوزيعات الضغطية على سطح الأرض في طبقات الجو العليا، ما يؤدي إلى تساقط الأمطار في شكل عمودي وليس قطرات متفرقة، مما ينذر بفيضان أو هلاك في الموضع الذي نزل فيه إن استمر طويلا، أو منافع وإحياء للأرض الميتة كما قال تعالى "هو الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ" وقد ذكر الودق مرة أخرى في القرآن الكريم الأول في قوله تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ".
صوت الرعد هل هو صوت ملك؟
مازال البعض لا يعلم هل صوت الرعد هو صوت ملك؟، فقد أكدت عدة أدلة أن صوت الرعد هو صوت ملك ونوردها كما يلي:-
- عن النبي صلى الله عليه وسلم "أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ؛ أَخْبِرْنَا عَنْ الرَّعْدِ مَا هُوَ؟ قَالَ: مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِيقُ مِنْ نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، فَقَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي نَسْمَعُ؟ قَالَ: زَجْرُهُ بِالسَّحَابِ إِذَا زَجَرَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَيْثُ أُمِرَ، قَالُوا صَدَقْتَ".
- سورة الرعد "وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ".
- ورد عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن منشأ السحاب فقال: "إن ملكًا موكل بالسحاب يلم القاصية، ويلحم الرابية، في يده مخراق، فإذا رفع برقت، وإذا زجر رعدت، وإذا ضرب صعقت".
- كان ابن عباس إذا سمع صوت الرعد قال: "سبحان الذي سبحت له" وقال: "إن الرعد ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه".
- قول ابن عباس "الرعد ملك من الملائكة اسمه الرعد، وهو الذي تسمعون صوته، والبرق سوط من نور يزجر به الملك السحاب".
تفسير صوت الرعد في القرآن
يحمل تفسير صوت الرعد في القرآن عدة دلالات توضح تأثيره على البشر والمخلوقات جميعًا، فقد تناول القرآن الكريم الرعد بصفات قوية وكلمات معبرة عن ضرورة الاعتبار له والدعاء عند سماعه بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ كان عندما يسمع صوت الرعد يقول "اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك".
والمواضع التي ذكر فيها الرعد تدل على الخوف لقوله تعالى "وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ"، قال الطبري: "يعظم اللهَ الرعدُ ويمجِّده، فيثنى عليه بصفاته، وينزهه مما أضاف إليه أهل الشرك به ومما وصفوه به من اتخاذ الصاحبة والولد؛ تعالى ربنا وتقدّس"، وتابع "وتسبح الملائكة من خيفة الله ورَهْبته".
ويعبر صوت الرعد عن توقع عاصفة وعذاب وهلاك لذلك كان الصحابة يعظمونه ويسبحون الله كثيرًا عند سماعه، فقد ورد عن ابن عباس أنه قال "مَنْ سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ فَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَإِنْ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فعلي ديته"، فالخوف من الهلاك بالعاصفة التي تتبع الرعد والبرق جدير بكثر الدعاء أثناء الرعد والبرق.