يفرون بالدراجات النارية والحمير من بطش العدوان.. إسرائيل تجبر أهالى غزة على التكدس في الجنوب.. ماذا بعد؟
من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى أقصى الجنوب.. هكذا تنفذ إسرائيل مخططها في تهجير أهالي قطاع غزة وإخلاء القطاع تمامًا من الفلسطينيين والدفع بهم إلى دول الجوار وتصعيد الأزمة لتكون حربًا إقليمية تشعل المنطقة بأكملها، وتصفية القضية الفلسطينية.
وتعمل إسرائيل على تهجير سكان قطاع غزة، وإخلاء القطاع من الفلسطينيين، في الوقت الذي تزعم فيه أنها ستقضي على حركة حماس في القطاع، وبناء على هذه المعطيات شنت تل أبيب حربًا ضارية على القطاع لتنفيذ مخططها في الشمال والجنوب متجاهلة جميع التحذيرات الدولية والإقليمية من تنفيذ مخططها العدواني ضد الفلسطينيين.
البداية كانت في الـ 7 من أكتوبر الماضي، عندما بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وظهر ذلك من خلال شن ضربات جوية وقصف مدفعي عنيف على شمال ووسط قطاع غزة وتحويله إلى منطقة عمليات عسكرية، ومن ثم إجبار سكان القطاع على النزوح باتجاه الجنوب، وهو ما حدث بالفعل، فقد تم تهجير سكان شمال غزة إلى جنوب القطاع، ومنعهم من العودة إلى الشمال.
بعد تدمير الشمال وتهجير سكانه.. آلة الحرب الإسرائيلة اتجهت إلى جنوب قطاع غزة، بعد انتهاء الهدنة المؤقتة بين تل أبيب والفصائل الفلسطينية، لتشن حربًا عنيفة على جنوب القطاع وتحديدًا مدينة خان يونس، التي تدعي إسرائيل أنها معقل قادة حماس؛ لتتخذ زريعة قوية أمام المجتمع الدولي لمهاجمة المدينة الواقعة جنوب القطاع والتي تؤوي قرابة الـ مليون شخص من النازحين في الوقت الحالي.
وتشن إسرائيل أعنف موجة عدوان على جنوب قطاع غزة، منذ هجوم الـ 7 من أكتوبر الماضي، من خلال غارات جوية مكثفة، ومحاولات للتوغل جنوبًا في القطاع وشن قصف مدفعي ثقيل على مختلف مناطق الجنوب، حيث تدور معارك عنيفة مع الفصائل الفلسطينية في هذه المناطق.
إخلاء جنوب غزة والتكدس في رفح
يواصل سكان قطاع غزة إخلاء الجنوب باتجاه مدينة رفح في ظل المناورة البرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي والغارات الجوية المستمرة في خان يونس في جنوب القطاع، وبحسب التقارير الواردة من غزة، فإن الجيش الإسرائيلي يفرض حصارًا على خان يونس، وتدور في المدينة أعنف المعارك في القطاع منذ بداية الحرب قبل نحو شهرين.
وجاء في تقرير لصحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، رصدًا للأوضاع جنوب قطاع غزة، حيث شوهد آلاف المواطنين الفلسطينيين يفرون من المنطقة سيرًا على الأقدام، وفي مركبات محملة بحقائبهم، وعلى دراجات نارية، وأيضا على ظهور الحمير، بعد أن ألقى الجيش الإسرائيلي عليهم عدة منشورات تحثهم على التوجه نحو أقصى جنوب القطاع، في ظل العلميات العسكرية العنيفة التي تدور في المنطقة.
وأعلنت مديرة الأوقاف في مدينة رفح الفلسطينية، أمس الثلاثاء، فتح المساجد أمام النازحين الفارين من آلة الحرب الإسرائيلية، لإيوائهم من البرد القارس، في ظل عدم وجود مأوي لهم.
وانتقل آلاف النازحين إلى مخيمات في مدينة رفح جنوب قطاع غزة؛ جراء اشتداد استهداف الاحـــتـلال الإسرائيلي لجنوب القطاع، ومواصلة إلقاء المنشورات على سكان القطاع لحثهم على التوجة إلى رفح، حيث تم إنشاء عشرات المخيمات في رفح والتي أصبحت متكدسة بالنازحين الفلسطينيين من كل أنحاء القطاع.
وتقول إحدى المهجرات الفلسطينيات التي غادرت خان يونس إلى رفح وتدعى أم محمود، لوكالة الأنباء الفرنسية: ها نحن نتجول في أراضي الله الواسعة بحثًا عن ملجأ، ويبدو أنه لا يوجد مكان لحمايتنا.
ويقول منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة، لا المستشفيات أو الملاجئ أو مخيمات اللاجئين، الأطفال أو الفرق الطبية أو الفرق الإنسانية ليسوا آمنين، ويجب أن يتوقف هذا الاستهزاء الصارخ بأسس الإنسانية.
وحذر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن أي نزوح جماعي للفلسطينيين من غزة سيكون كارثيا، على المنطقة والعالم، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
الفلسطينيون إلى أين.. ماذا بعد رفح؟
تشكل أزمة تهجير الفلسطينيين حالة من الجدل الكبرى حول ما سيكون عليه الموقف بعد أن تنتهي تل أبيب من تنفيذ مخططها وإجبار أهالي غزة على التهجير القسري وتصدير الأزمة إلى دول الجوار، وهو ما حذر منه كل قادة العالم.
إسرائيل دمرت شمال القطاع وهجرت سكانه إلى الجنوب، والآن تشن حربًا عنيفة على جنوب القطاع، ما دفع الفلسطينيين إلى التكدس في مدينة رفح، ومع إشتداد آلة الحرب الإسرائيلية لن يكون أمام أهالي غزة إلا سيناريو الفرار إلى الخارج رغمًا عنهم.
وأفادت قناة القاهرة الإخبارية، اليوم الأربعاء، نقلا عن مصادرها، أن القاهرة تشعر بالقلق إزاء استمرار العمليات الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة واستمرار إلحاق الضرر بالمدنيين، مشيرة إلى أن مصر ترفض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين.
وأوضحت مصر في كل مناسبة ومحفل أنها تعارض الضغوط الإسرائيلية والغربية التي تتعرض لها للسماح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى أراضيها وإخلاء القطاع من سكانه، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسي في كافة خطابته منذ بداية الأزمة في قطاع غزة، لأن ذلك سيكون بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية وتأجيج الصراع.
كما يؤكد الأردن أيضًا على المخاوف والاعتراضات على التهجير القسري، في حين أن الخوف في عمان تتمحور حول تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى أراضي المملكة الهاشمية، وهو ما رفضه العاهل الأردني الملك عبد الله، الذي دعى العالم مرة أخرى إلى إدانة أي محاولة لطرد الفلسطينيين بالقوة وتهجيرهم قسريًا.
وفي هذا الشأن، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن الاحتلال الإسرائيلي يسعى بكل السبل لتهجير سكان قطاع غزة، من خلال ملاحقتهم شمالا وجنوبا وتوجيههم إلى اتجاه واحد هو معبر رفح.
ونوهت الخارجية الفلسطينية، بأن إسرائيل في طريقها إلى ذلك تقتل كل من تبقى على قيد الحياة أو تواجد في تلك الأمكنة، وتطلب من المواطنين النازحين المزيد من النزوح لحشرهم وتحديد حركتهم باتجاه واحد نحو معبر رفح، حيث بات واضحا أن دولة الاحتلال تقوم بتحويل القطاع إلى ركام غير
صالح للحياة وتجبر مواطنيه بكل الوسائل على تركه، لتعلن فيما بعد وبهذا الأسلوب الوحشي أنها حققت أهدافها.