رجل أقوى من صواريخ الاحتلال.. ماذا تريد إسرائيل من وائل الدحدوح؟
وائل الدحدوح.. قصة فلسطينية تُروى وتتوارث لأجيال كثيرة.. قصة تجسد المعاناة الفلسطينية على مدار عقود طويلة على يد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، قصة تجسد الصبر والصمود والإصرار على البقاء وقول كلمة الحق وإظهار الحقيقة والعمل في صمت وصمود، الدحدوح رجل بألف احتلال، هو صورة حقيقة للقضية الفلسطينية التي تريد إسرائيل دفنها وعدم ظهورها مطلقًا، من خلال الاستهدافات الممنجهة والمتكررة كل يوم.
وائل الدحدوح.. الرجل الفلسطيني المتواضع رمز الصمود والبقاء، والذي تعرض لأبشع صور العدوان على يد المحتل الإسرائيلي، بشكل لا يُطاق، على مدار الـ 3 أشهر الماضية، وعلى الرغم من ذلك يبقى الدحدوح صامدًا ويواصل عمله الصحفي وقول كلمة الحق ونقل الحقيقة في أصدق صورها، وهو ما يؤرق الاحتلال الإسرائيلي، فماذا تريد إسرائيل من وائل الدحدوح؟
ماذا تريد إسرائيل من وائل الدحدوح؟
وائل الدحدوح مراسل صحفي فلسطيني لقناة الجزيرة، لا يملك من الأسلحة إلا القلم والميكرفون والكاميرا؛ لينقل صورة ما يحدث من عدوان إسرائيلي غاشم على قطاع غزة، لكن الأمر أصبح بمثابة قصة ثأر بين كيان ورجل بألف كيان، بعد أن تعرض لثلاث ضربات موجعة من الاحتلال الإسرائيلي في استهداف ممنهج له ولعائلته، خلال فترة قصيرة، وهو أمر لم يأتِ من قبيل الصدفة.
وجاء استهداف الدحدوح الممنهج والذي يعتبر اغتيالا للكلمة والحقيقة، ليوضح حقيقة إسرائيل التي تريد إخراس الصحفييين الفلسطينيين وتخيرهم ما بين الصمت أو الموت، بعد أن نجحوا في كشف زيف الروايات الإسرائيلية المضللة أمام الرأي العام العالمي، ونشر جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة.
وفي حالة مدهشة من الصبر والصمود، يعود وائل الدحدوح بعد كل مصيبة يتعرض لها من فقد وألم، إلى ممارسة عمله الصحفي ونقل الحقيقة وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي في كل مكان وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع، وهو ما يضع إسرائيل في مأزق، حيث باتت غير قادرة على إخفاء ما ترتكبه من جرائم مروعة بحق المدنيين في قطاع غزة.
قصة وائل الدحدوح
وائل الدحدوح، هو مراسل قناة الجزيرة ومدير مكتبها في قطاع غزة، والذي ظهر بشكل كبير منذ بداية العدوان الإسرائيلي الغاشم على القطاع، في الـ 7 من أكتوبر الماضي، حيث عمل على مدار الساعة وبكل قوة وصمود في نقل الحقيقة وقول كلمة الحق ونشر جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي يرتكبها بحق المدنيين في قطاع غزة.
ويقول الدحدوح في حوار سابق له مع موقع القاهرة 24: نحن مؤمنون بقضاء الله وقدره ومسلِّمون بما قدره لنا؛ والحمد لله فقد رزقنا الله صبرًا وقوة وربط على قلوبنا وجعلنا نتحمل كل هذه المصيبة والجرح وهذا فضل من الله علينا؛ وإذا أصبحت رمزا فهذا من فضل الله علينا.. الاحتلال الإسرائيلي وحده هو من يتحمل المسؤولية كاملة عن الإرهاب والاعتداء والاستهداف للصحفيين وأسرهم، وهو جزء من جرائم الاحتلال المعهودة داخل قطاع غزة وفلسطين؛ وقد تعود أن يكون فوق القانون الدولي وأن يضرب به عرض الحائط وهو يشعر بأنه لا يحاسب على جرائمه.
وائل الدحدوح تعرض لـ 3 عمليات صعبة على يد المحتل الإسرائيلي منذ بداية حرب غزة، وبشكل ممنهج يهدف إلى تدمير الدحدوح ومطاردة عائلته وتكسير أجنحته لأنه يؤرق الاحتلال، وهذه العمليات هي:
استشهاد أسرة وائل الدحدوح
كانت بداية استهداف الاحتلال لـ وائل الدحدوح وأسرته، مساء الأربعاء 25 من أكتوبر الماضي، عندما كان الدحدوح يمارس عمله الصحفي في نقل الحقيقة ونشر جرائم الاحتلال، حيث جرى استهداف أسرة الدحدوح، ومن بينهم زوجته وابنه وابنته وحفيده، ضمن 12 شهيدًا من عائلة الدحدوح بينهم أطفال ونساء، في قصف استهدف تجمعًا للنازحين الفلسطينيين في مخيم النصيرات بقطاع غزة.
وقال الدحدوح حينها: كنت أزيل الأنقاض وأجد أفراد أسرتي ما بين شهيد وجريح، من بينهم حفيدي الذي لم يتجاوز الأشهر وابني البالغ من العمر 17 عامًا، وزوجتي، وابنتي التي لم تتعدَ الـ7 أعوام.
استهداف الدحدوح واستشهاد زميله سامر
الضربة الثانية التي تعرض لها وائل الدحدوح، كانت استهدافه هو شخصيًا رفقة زميله سامر أبو دقة، منتصف شهر ديسمبر الماضي، أثناء أداء مهام عملهم الصحفي، حيث تعرضوا لقصف إسرائيلي بالقرب من مدرسة فرحانة في خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وأسفر استهداف الاحتلال الإسرائيلي عن استشهاد الصحفي سامر أبو دقة مصور قناة الجزيرة بعد إصابته البالغة، وإصابة وائل الدحدوح إصابة متوسطة خضع بعدها للعلاج، وعاد على الفور لمواصلة ممارسة مهام عمله الصحفي.
وقال الدحدوح حينها: جرى استهدافنا خلال مرافقة سيارة إسعاف كان لديها تنسيق لإجلاء عائلة محاصرة، مؤكدا أن قوات الاحتلال أطلقت النار على سيارات الإسعاف التي حاولت الوصول إلى سامر أبو دقة.
وأضاف الدحدوح خلال تلقيه العلاج بعد إصابته: حاولنا عبر التنسيق الممنوح لسيارة الإسعاف نقل المشاهد بالمنطقة وبعد انتهائنا باغتنا صاروخ، مشيرًا إلى أنه قطع مئات الأمتار بعد إصابته محاولًا إيقاف النزيف حتى وصل إلى رجال الإسعاف.
استشهاد نجل وائل الدحدوح
وكانت الضربة الأخيرة الموجعة التي تعرض لها الدحدوح، اليوم الأحد، حيث استشهد نجله الصحفي حمزة مراسل قناة الجزيرة في قصف إسرائيلي استهدف صحفيين غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة، وكان من بين الشهداء أيضًا، الصحفي مصطفى ثريا.
وقال الدحدوح بعد استشهاد نجله الأكبر حمزة: نحزن ونتألم ولكننا مشبعون بالإنسانية وعدونا مشبع بالقتل والحقد.. ماضون في عملنا ولا شيء نخذل منه، وهذا هو التحدي الكبير، فليس هناك أصعب من ألم الفقد، فكيف إذا كان الولد البكر، فلذة كبدي، كان كل شيء، مردفًا: نحن نبكي لكنها دموع الإنسانية والكرم والشهامة وليست دموع الخوف والاستكانة.
وأضاف: بعد فقدان الأسرة وفقدان حمزة نحن مستمرون في عملنا، لكن على كل العالم أن ينظر إلى ما يحدث في قطاع غزة، ما يحدث فيه ظلم لنا كـ صحفيين، قيل أن عمل الصحفيين مكفول بالمواثيق الدولية، ومع ذلك تسفك دماء الصحفيين في غزة.