الأربعاء 18 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

عقيدة الموت.. نتنياهو يتفوق على هتلر من غزة إلى لندن تاريخ احتلال| قصة مدفوعة بالبيانات

جنود إسرائيل في قطاع
تقارير وتحقيقات
جنود إسرائيل في قطاع غزة
الخميس 18/يناير/2024 - 08:05 م

أطلال مدينة.. وبقايا حياة.. فالغزاة دمروا الحجر والبشر.. قتلوا الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز، غزة ولندن مدينتين تبعد كل منهما عن الأخرى نحو 3600 كيلو مترًا، وفقًا لخرائط المسح الجوي، إلا أنهما واجها قصفًا جويًا وُصِف كل منهما بـ الأعنف في التاريخ في حينه، ففي عاصمة الضباب البريطانية، أو التي كانت تعرف بذلك الاسم قبيل هجوم الفوهرر الألماني أدولف هتلر، بدايةً من سبتمبر عام 1940، كان الحال مشابهًا (نسبيًا) لما يجري في قطاع غزة، لكن يفصلهما 83 عامًا.

هجوم هتلر على لندن قبيل نهاية الربع الثالث من عام 1940 كان لإجبار القوات الجوية الملكية البريطانية بالعودة للدفاع عن عاصمة المملكة المتحدة لندن، بعدما كبدت القوات البريطانية نظيرتها الألمانية خسائر فادحة، ليوجه الفوهرر قواته الجوية لقصف واحدة من أكبر مدن العالم في ذلك الحين (لندن) في مشاهد وصفت على ألسنة البريطانيين الناجين من الحرب العالمية الثانية بأنها مشهد من الجحيم، إذ دخل البريطانيون العام الجديد حينها أي العام 1941 على طاولة وجبة دسمة من قنابل زعيم الرايخ الألماني، مشهد عاد إلى الأنظار مجددًا لكنه في مدينة كانت إبان الحرب العالمية الثانية خاضعة إلى التاج البريطاني (أي لندن)، وهي غزة.

القصف الألماني على لندن عام 1940-  من  صحيفة الجارديان

لندن وغزة 83 عامًا بين مشهدي جحيم

فمنذ السابع من أكتوبر الماضي 2023، بات مواطني قطاع غزة كسابقيهم في لندن خلال الفترة من سبتمبر 1940 حتى مايو 1941، إذ راح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوجه كافة ترسانته العسكرية الجوية إلى قصف القطاع الفلسطيني الصغير، ففجروا الشوارع ودور العبادة وحتى الآثار، ليصل تعداد القتلى الفلسطينيين عقب 100 يوم من الحرب المستعرة إلى 23 ألف و869 شهيد وشهيدة، غالبيتهم من الأطفال والنساء والعجائز، فيما بلغ عدد القتلى البريطانيين طوال فترة القصف الألماني المحددة سالفًا إلى 32 ألف قتيل وقتيلة، نسبة ليست بالقليلة منهم من الأطفال والنساء.

الحرب الإسرائيلية على غزة 2023 - من وكالة أسوشتيد برس

وبالقياس، ففي 100 يوم من القصف المستمر طوال اليوم برًا وبحرًا وجوًا تلطخت أيدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ  23 ألف و869 شهيد وشهيدة من قطاع غزة، في حين بلغ من قتلوا من المدينة الإنجليزية بأيدي النازيين الألمان خلال 100 يوم فقط من القصف الجوي فقط 12 ألفًا و950 شخصا، وذلك حسب التقارير الصادرة في  كل من مجلس اللوردات البريطاني والذي نشر عام 1945، عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

هتلر رحم الإنجليز ونتنياهو فتك بغزة

لم يتركوا بشرًا أو حجرًا.. في لندن، كانت الفكرة الألمانية تكمن في إجبار بريطانيا على السعي إلى السلام، والابتعاد عن طريق الفوهرر الألماني المتجه إلى الشرق، حيث الاتحاد السوفيتي حينها، بعدما سيطر هتلر على فرنسا وأجبرها على توقيع اتفاقية هدنة في يونيو 1940، فالقنابل الألمانية الملقاة على لندن والتي وصفت حينها بأنها مشهد من الجحيم هدفت إلى تدمير صناعة بريطانيا الكامنة في كبرى مدنها لندن، ووسائل النقل والاتصالات، وترعب السكان المدنيين لدرجة أنها ستجبر حكومتهم على رفع دعوى من أجل السلام مع برلين، وفقًا للكتاب البريطاني الحملة الجوية على لندن الصادر عن الكاتب جون جاريت.

في حين تركزت المزاعم الإسرائيلية لحربها في قطاع غزة منذ بدايتها في أكتوبر الماضي 2023 على تدمير حركة حماس المنفذة لطوفان الأقصى (كبرى فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ملقية بذلك أكثر من 65 ألف طن من المتفجرات على القطاع الفلسطيني الصغير، وذلك خلال 100 يوم فقط من القصف الجوي والبري والبحري المتواصل، حسب وزارة الإعلام الفلسطينية في قطاع غزة، بينما كان هتلر (مقارنة بنتنياهو) رحميًا بالمدينة الإنجليزية، إذ ألقت الطائرات الألمانية نحو 20 ألف طن فقط من المتفجرات على لندن خلال 247 يومًا من القصف، حسب تقرير مجلس اللوردات الصادر عام 1945.

فجروا الشوارع ودور العبادة وحتى الآثار.. حال غزة اليوم بات أصعب من حال مستعمرها السابق لندن، فمع بلوغ اليوم الـ 100 من الحرب الإسرائيلية المستعرة على القطاع الفلسطيني الصغير باستهداف المواقع والمباني الدينية والتاريخية في محاولة لطمس الوجود الثقافي والتراثي، ودثر الشواهد التاريخية والعمق التاريخي الفلسطيني، بقصف 591 موقع ديني وتراثي، من بينها 200 موقع تراثي وأثري من أصل 325 موقعًا في القطاع الصغير، وتدمير 145 مسجدًا كليًا، و243 مسجدًا جزئيًا،  بينها المسجد العمري الذي بني قبل 1400 عام، و3 كنائس بينها كنيسة القديس بروفيريوس، ثالث أقدم كنيسة في العالم تم بناؤها عام 425 ميلادية، جميع المحصلة السابقة استهدفت وفقًا لوزارة الإعلام الفلسطينية خلال 100 يوم فقط من القصف.

بينما النازي هتلر مرتكب محرقة الهلوكوست بحق اليهود، الذين تأسست دولة الاحتلال الإسرائيلي بمن تبقى منهم عالميًا، استهدف 100 موقع ديني وتراثي، طوال 247 يومًا من القصف، من بينها قصر باكنجهام، وكنيسة ويستمنستر، وكاتدرائية سانت بول، وساعة بج بن، وفقًا لكتاب بريطانيا في الحرب العالمية الثانية، الصادر عن مكتبة تشيلسي التاريخية، وتقرير مجلس اللوردات عام 1945.

ويبقى الرابط بين كل من غزة القطاع الفلسطيني الذي كان خاضعًا للتاج البريطاني بينما تتعرض لندن لقصف القوات الألمانية ما بين عامي 1940 و1941، فيما يواجه حاليًا الاحتلال الإسرائيلي الذي ولدت قبضته على الأراضي الفلسطينية كنتاج لوعد بلفور (البريطاني) الصادر قبل قصف لندن بـ 23 عامًا، وقصف غزة الأخير بـ  106، إذ ذاق مواطني كلا البلدين من كأس الموت ذاته؛ وبقي رابطهما المشترك يكمن في الصمود ضد القادمين من الخارج.

حرب وجود

في القاهرة 24، وعقب الانتهاء من جميع النتائج السابقة، توجهنا إلى اللواء دكتور محمد زكي الألفي، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا، وأحد المشاركين في حرب أكتوبر المجيدة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، لاستيضاح ما تشير إليه من نتائج.

اللواء الألفي، استبعد أن تكون حداثة الطائرات المملوكة لإسرائيل مقارنة بنظيرتها التي كانت بأيدي النازيين عام 1940، أن تكون السبب الرئيس في ضخامة أعداد القتلى الفلسطينيين، مؤكدًا أن الأسلحة والكثافة السكانية مثلت عوامل غير رئيسية، وأن العامل الرئيسي يكمن في صراع الوجود والعقيدة من قبل إسرائيل بحق أصحاب الأرض الأصليين في فلسطين برمتها وفي قطاع غزة تحديدًا.

الحرب الإسرائيلية على غزة 2023 - من وكالة أسوشتيد برس

إسرائيل حاليًا تعتنق عقدية جديدة متمثلة بالقضاء على فلسطين، يستكمل اللواء المشارك في حرب أكتوبر ضد الاحتلال الإسرائيلي، ويتضح ذلك جليًا من خلال كثافة القوات والأسلحة المستخدمة من قبل تل أبيب والتي تدفع بقوات تقدر بنحو من 4 - 6 فرق مشاة، إلى جانب 7 ألوية، مدعمة بقوات جوية ومدفعية وقوات بحرية، معتنقًا بذلك عقيدة الأرض المحروقة فوق الأرض وتحت الأرض، مدمرة الحجر والبشر وحتى الموتى في قبورهم، جاعلة محو قطاع غزة هدفًا رئيسيًا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأن ذلك بلغ عنان الوضوح، بالنظر إلى حجم التدفق (الضخم) في المساعدات من قبل قادة أوروبا إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر، وإرسال الذخائر والمعدات العسكرية، والتي تشير جميعها إلى أن القضاء على فلسطين وتقديمها على طاولة كوجبة خالية من الدسم عبر من القنابل الأمريكية والغربية المرسلة من إلى إسرائيل هدف مجمع وليس إسرائيليًا بمفرده.

تابع مواقعنا