الأحد 17 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مصر ما تخلّت يوما

الجمعة 02/فبراير/2024 - 05:58 م

كانت مصر وما زالت وستظل هي قلب العروبة النابض والمهمومة دائما بقضايا الأمة، رغم عدم صفاء النوايا في كثير من الأحيان لدى البعض.. فذلك قدرها وقد خلقها الله له وهي أهله. 

لم تتخلَّ مصر يوما عن مساعدة دولة عربية عندما احتاجت لذلك، والتاريخ يشهد وهي عقيدة ثابتة لديها.. بل ساهمت في نهضة دول وبنائها بنقل كل الخبرات إليها، ولعل الذين هم على قيد الحياة الآن من الأجيال السابقة في الدول العربية يتذكرون جيدا من كان يعلمهم في المدارس ويداويهم داخل المستشفيات وغير ذلك من الأعمال. 

أذكر حديث رجل مسن فلسطيني الأصل التقيته بالعاصمة الأردنية عمان منذ سنوات، عندما كان يتكلم معي عن مصر أيام حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكيف كانوا يسمعون عن المصريين حكايات كالأساطير أو ألف ليلة وليلة، لكنهم لا يرونهم بسهولة في الطرقات من ندرتهم، وبالطبع لم يكن التلفاز منتشرا أو موجودا حتى لدى معظم البلدان العربية.. لدرجة أنه قال كنا عندما نجد مصريا يسير في الشارع نظل نشاهده من النوافذ بإعجاب وانبهار، وكأننا رأينا شخصا من عالم غير ذلك الذي نعيش فيه ونردد هذا مصري هذا مصري.

تعجبت لحديث الرجل وظننت أنه يبالغ لكنه أقسم على هذا.. وعندما سألته لماذا؟
قال مصر هي أم الدنيا يا بني وخيرها على الجميع وكانت كسوة الكعبة تخرج منها سنويا إلى أرض الحجاز في موسم الحج، بالإضافة إلى التكية المصرية لإطعام الحجيج بمكة المكرمة، وظل يعدد من مزايا ومناقب لمصر والمصريين على مستوى الكرم والشجاعة والرقي وكيف أنهم أول من هب لنصرة فلسطين عام 1948. 

وجدير بالذكر أن ذلك حدث عندما تم الإعلان عن إنشاء ما سمي بدولة إسرائيل على أرض فلسطين بمساندة بريطانيا التي استجلبت اليهود من كل دول العالم، تمهيدا لتنفيذ وعد بلفور المشؤوم عندما كانت تحتلها، ومنذ ذلك الحين ومصر منخرطة في القضية بشكل كامل. 
في الفترة الأخيرة ومن بعد العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة عقب أحداث السابع من أكتوبر، وتلك الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، بدأت أصوات تحاول النيل من مصر، حتى وصل الأمر لاتهامها بالمشاركة في حصار أهلنا بقطاع غزة، وحجب المساعدات عنهم، وهو الأمر الذي يعد من الوقاحة الصريحة، كونه لا يتماشى مع المنطق والعقل. 

لأن العالم كله يرى الجهود المصرية بدءًا من مناشدة الدول للتبرع وتخصيص مطار العريش للجسر الجوي الذي تم بغرض تسهيل إرسال كل دولة لما تريده من مساعدات، وأيضا المشاركة الكبيرة لمؤسسات المجتمع المدني وصندوق تحيا مصر، ومبادرة حياة كريمة، والأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف وغيرها.. بالإضافة إلى التنسيق الدائم لإدخال أكبر قدر ممكن منها، وذلك واجب وحق وليس منحة أو منة، فهم أشقاء لنا، ولكن هناك من يتربص بمصر ويعمل على تشويه صورتها بشكل متعمد، والبعض يفعل ذلك لمكايدة سياسية وتلك حماقة كبيرة. 

لدرجة أن الأمر استدعى تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي مباشرة بأن المعبر مفتوح من الجانب المصري بشكل دائم لم يغلق لحظة واحدة. 

ولكن كل عاقل يعلم أن التعطيل والتعنت من الجانب الإسرائيلي، الذي يتجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية بإجرامه، وببساطة في حالة إدخال مساعدات دون تنسيق سوف تتعرض للقصف. 

بالطبع بعض من لا يريدون خيرا لمصر يتمنون جرها لصراع تخوضه وحدها بلا أدنى مساندة، ولعل الموقف العربي الذي أقل ما يمكن أن يوصف به أنه مُخزٍ ولا يرقى للمستوى المطلوب واضح جدا، حتى سياسيا، وبالنسبة للمفاوضات الدائرة من أجل إنهاء هذه الحرب، لا يوجد سوى مصر وقطر، بينما يقف الجميع متفرجا وكأنه غير معنيّ بالقضية والعجيب أننا لا نجد الهجوم سوى على مصر. 
إن مصر قيادة وشعبا يتضامنون قلبا وقالبا مع شعبنا الفلسطيني منذ بداية هذا الصراع رغم الأعباء والأزمات الخارجية والداخلية، ولو أن هناك موقفا عربيا أكثر مروءة مما نرى لكانت الأمور مختلفة تماما، وربما لم تكن إسرائيل تتجرأ على كل هذا الإجرام، ولكنها رأت كيف التفت دول يفترض أنها شقيقة للتنسيق معها، بل وإبداء المساعدة، وأخرى تشارك بالصمت التام أو الحديث على استحياء حول الأمر من أجل ذر الرماد في العيون فقط.

فماذا يمكن أن تفعل مصر أمام هكذا حال غير بذل كل الجهد بالحكمة وليس الصدام الذي لا فائدة منه في الوقت الحالي والظروف الراهنة؟

تابع مواقعنا