تُكتب فيها السعادة.. فضل ليلة النصف من شعبان والأحاديث التي وردت عنها
حسمت دار الإفتاء المصرية الأدلة التي تثبت فضل ليلة النصف من شعبان، خاصة لما يثار حولها من جدل بسبب أسانيد معظم الأحاديث الواردة عنها، فما فضل هذه الليلة وماذا حدث فيها وكيف يمكن للمسلم الاحتفاء بها وما حكم صيامها وكيف يدعو المسلم فيها؟، هذا ما سنعرضه عبر القاهرة 24.
فضل ليلة النصف من شعبان
وردت الكثير من الآثار عن فضل ليلة النصف من شعبان، فقد اكتظت كتب التراث الإسلامي بأحاديث قيل أن أسانيدها ضعيفة وبعضها لا يصح، فيما تناولها علماء آخرون بالشرح وخصصوا لها تبويبًا منفردًا.
فحول ذلك، قالت دار الإفتاء المصرية، في فتوى سابقة لها، إن ليلة النصف من شعبان هي المقصودة بقوله تعالى في سورة الدخان "فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ"، إذ قال المفسرون عنها ومنهم الطبري إنها الليلة التي يبرم فيها أمر السَّنَة، وتنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاجّ؛ فلا يُزَاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد.
وأكدت أن بعض المؤرخين ذكروا أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة في مكة المكرمة، تم في ليلة النصف من شعبان، في السنة الثانية للهجرة، وغيرهم يرى أنها كانت في منتصف رجب.
وورد في كتاب "البحر المديد" لابن عجيبة أنه "روى أبو الشيخ، بسند صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: "يمحو الله ما يشاء ويثبت" قال:"ليلة النصف من شعبان، يُدبر أمر السنة، فيمحو ما يشاء ويُثبت غيره؛ الشقاوة والسعادة، والموت والحياة"، وقال السيوطي: سنده صحيح لا غُبار عليه ولا مطعن فيه.
وحث النبي صلى الله عليه وسلم على صيام ليلة النصف من شعبان التي ترفع فيها أعمال العام، وحث أيضًا على قيام ليلها، فقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا؟ أَلَا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ".
موعد ليلة النصف من شعبان 2024
ويحين موعد ليلة النصف من شعبان 2024، يوم السبت 24 فبراير 2024، عند غروب الشمس، وحتى فجر يوم الأحد 25 فبراير 2024، ويكون يوم الأحد اليوم الثالث والأخير من الأيام البيض التي يعادل صيامها صيام الدهر كله.
حديث ليلة النصف من شعبان
تحتوي كتب السيرة علي أكثر من حديث عن ليلة النصف من شعبان مسنود بأسانيد مختلفة، منه ما روي عن السيدة عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها أنها قالت: "فَقَدْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فَخَرَجْتُ فإذا هو بِالْبَقِيعِ فقال: "أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ الله عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟" قلت: "يا رَسُولَ اللَّهِ إني ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ"، فقال: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ من شَعْبَانَ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ من عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ".
وأيضًا حديث روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "يَفْتَحُ اللهُ الْخَيْرَ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ: لَيْلَةِ الْأَضْحَى، وَالْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان؛ ينْسَخُ فِيهَا الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ، وَيَكْتُبُ فِيهَا الْحَاجَّ، وَفِي لَيْلَةِ عَرَفَة إِلَى الْأَذَانِ" رواه الدارقطني.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يطَّلِعُ اللهُ إلى جميعِ خلقِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ، فيَغفِرُ لجميع خلْقِه إلا لمشركٍ، أو مُشاحِنٍ".
كما رُوِي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قام رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- من اللَّيلِ يُصلِّي، فأطال السُّجودَ حتَّى ظننتُ أنَّه قد قُبِض، فلمَّا رأيتُ ذلك قُمتُ حتَّى حرَّكتُ إبهامَه فتحرَّك فرجعتُ، فلمَّا رفع إليَّ رأسَه من السُّجودِ وفرغ من صلاتِه. قال: يا عائشةُ -أو يا حُميراءُ- أظننتِ أنَّ النَّبيَّ قد خاس بك؟ قلتُ: لا واللهِ، يا رسولَ اللهِ، ولكنَّني ظننتُ أنَّك قُبِضْتَ لطولِ سجودِك، فقال: أتدرين أيُّ ليلةٍ هذه؟ قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: هذه ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ، إنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- يطَّلِعُ على عبادِه في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ، فيغفِرُ للمُستغفِرين، ويرحمُ المُسترحِمين، ويؤخِّرُ أهلَ الحقدِ كما هُم".