الأربعاء 18 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ماذا استفدنا من طوفان الأقصى؟

السبت 28/سبتمبر/2024 - 07:40 م

كل يوم أطرح تساؤلًا بشأن فائدة الهجوم الذي نفذته حركة المقاومة الفلسطينية حماس من داخل قطاع غزة وبأيدي أبنائها ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر العام الماضي، لتخرج شيطان إسرائيل المتمثل في نتنياهو ورفاقه بن جفير وسموتريتش من بئر كولا الذي حفره الاتحاد السوفيتي في العام 1970 بحرارة متوهجة بلغت أكثر من 180 درجة مئوية، تسببت في استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة غالبيتهم من النساء والأطفال، وتشريد وإصابة مئات الآلاف الآخرين.. فما الفائدة؟.

هل استفادت حركة حماس من خلال طوفان الأقصى بالحصول على دولة فلسطينية كما رددت كثيرًا؟.. بالتأكيد حتى الآن لا. ويبدو أنها لن تحصل على دولة فلسطينية كما تُمنِّي النفس في المستقبل القريب، إذ تكمن العقيدة الإسرائيلية التي تأسست وفقها دولة الاحتلال بعقول الحركة الصهيونية التي كانت مهندسة قيام الدولة وتعتبر أن إسرائيل هي أرض اليهود، وتهدف إلى جمعهم في الأرض الموعودة أو أرض اللبن والعسل حسب معتقداتهم، لا مكان فيها للفلسطينيين ولا أراضيهم سواء الضفة الغربية شبه المحتلة حاليًا أو قطاع غزة المحتل فعليا بعد طوفان الأقصى.

هل أخرجت حماس أسراها وأسرى باقي فصائل المقاومة الفلسطينية من سجون الاحتلال الإسرائيلي؟ بالتأكيد أيضًا لا، فإسرائيل زادت من حملات الاعتقال منذ بداية ما يعرف بطوفان الأقصى حتى أن بعض الأسرى من تم تحريرهم في الهدنة الأولى من طوفان الأقصى أُعيد اعتقالهم مرة أخرى، ومضاعفة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، في حين خسرت حماس الكثير من الأسرى الإسرائيليين بأيديها، وراح نتنياهو يوضح مرارًا وتكرارًا أنه لا يأبه بشأن الأسرى الإسرائيليين في أيدي حماس، ولن يخرج القائمة الذهبية من الأسرى الفلسطينيين الموجودين بقبضته مقابل ذلك. بل وقتلت جزءًا كبيرًا من قادتها الحاليين.

هل استفاد قطاع غزة بأي شيء بعد طوفان الأقصى؟. قطعًا الإجابة لا. فالقطاع دمر وعاد عصورًا للوراء ولا ينتظر أنه سيعود كما كان رغم كل ما نراه من وعود ففي قلوب الفلسطينيين باتت غصة من الحرب لا يمكن أن تضمدها بناءات جديدة وحديثة كما توعد بعض الرؤساء بإعادة إعمار القطاع فورًا بعد انتهاء الحرب، فمن يعيد بناء الفلسطينيين أنفسهم من يعيد إلى اليتامى آباءهم من يعيد إلى الأرامل أزواجهم، من يعيد البهجة والحياة في نفوس مكسورة. عزيزي الحمساوي القطاع اتدمر.

هل استفادت القضية الفلسطينية؟.. حراك القضية الفلسطينية تحرك إيجابيًا بعض الشيء بعد طوفان الأقصى لا ننكر ذلك، عادت القضية إلى سدة القضايا الدولية لا ننكر ذلك، قضايا التحرير تتطلب المزيد في طريقها لا ننكر ذلك، بات في النفق ومضة نور للقضية الفلسطينية لا ننكر ذلك، شعوب العالم باتت تعلم حيوانية حكومة إسرائيل لا ننكر ذلك. لكن لا بد أن يعترف الفلسطينيون أنفسهم ولا ينكروا أيضًا أن جزءًا كبيرًا من القضية معقد وبات ميتًا إكلينيكيًا بأيديهم هم. لا تنكروا أن بينكم خونة، ومرتزقة من القضية، وغير مبالين للقضية، ورافضين لترك السلطة لحلاوة مال السلطة، وموالين لجهات على حساب القضية أو الانتفاع بها. من الآخر القضية باتت شعار يغني به كل راغب تلميع بذته السياسية، أو مكاسب على ساحة الشرق الأوسط.

هل استفادت إيران؟.. بالتأكيد استفادت لكن كيف؟. طوفان الأقصى جعل من إيران طرفا خفيا معلن على طاولة المفاوضات الخاصة بالقضية الفلسطينية، القضية الأم للأمة العربية، القضية العربية العربية فقط ولا تعني أحد غير العرب. طوفان الأقصى جعلت من إيران عضوًا على الساحة الدولية ومناطح في الشرق الأوسط. طوفان الأقصى فتحت لإيران الباب للحديث عن موائمة مع الغرب مجددًا مقابل تلويحها بعدم الرد على إسرائيل (بيقولك إيران الفارسية هترد وتأخذ بثأر دم عربي). استفادت أيضًا بحصولها على مساحة تمكنها من الوصول إلى سلاحها النووي المأمول منذ عقود. لكنها خسرت بأن تضرر كثيرًا  حماس وحزب الله أكبر ذراعين داخل ما دأبت أن تصفه بمحورها للمقاومة بوجه إسرائيل حتى أنهما قاربًا على السقوط خاصة حزب الله المخترق بشكل كبير من قبل إسرائيل التي تمكنت من توجيه ضربات أثارت الكثير من التساؤلات بشأن طرق التأمين والاستخبارات داخل الحزب، إذ تمكنت إسرائيل من القضاء على كافة قياداته آخرهم زعيم الحزب التاريخي حسن نصر الله، في عقر داره بلبنان. (بتقتلهم زي السكينة في الحلاوة على رأي الممثل محمد سعد بأحد الأفلام المصرية).

على الجانب الآخر هل استفادت إسرائيل وبالتحديد نتنياهو؟. لا شك أن إسرائيل هي أكبر المستفيدين حاليًا من طوفان الأقصى بعدما قضت على جزء ليس بالقليل من كتائب القسام بدعم غير مسبوق من أمريكا ودول أوروبية تمتلك جيوشًا نظامية قادرة على مجابعة عة دول مجتمعة وليس حركة مقاومة لا تمتلك سوى أسلحة تمني بها النفس علّها تمكنها من الحصول على التحرير. نتنياهو استمر في السلطة وقتل عشرات القادة من المقاومة، خسر المجتمع الدولي وتأييد سياسي، لا شئ في حسابات نتنياهو طالما أمريكا تقف معه في خندقه بل وتقاتل له أوقاتًا كثيرة، إسرائيل متمثلة في نتنياهو ما كانت لتحصل على ضوء أخضر يمكنها من اغتيال أحد أبرز أبطال المقاومة على طول تاريخها، دون مكسب هام  ملموس حتى الآن للقضية الفلسطينية، وعلينا ألا ننتظر محاكمة أو محاسبة نتنياهو كما تقول وسائل الإعلام الغربية، إن جرى محاسبة نتنياهو حقًا فهو سيحاسب على مقتل الإسرائيليين يوم السابع من أكتوبر لأنهم إسرائيليين وليس على مقتل العرب طوال العام الذي يقارب على اكتماله في حرب غير متكافئة بين ترسانة أمريكية أوروبية إسرائيلية وفصائل مقاومة لا تملك سوى الغطاء الإيراني الزائف المخادع الساعي لكسب المزيد من المكاسب بأجساد العرب كل العرب.

تابع مواقعنا