كتب الـ”إنفلونسر” في معرض الكتاب بين حرية الإبداع ونقد الجمهور (صور)
نشر عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، عدد من الكتب بمعرض الكتاب الدولي 2020 في دورته الـ51، لتقابل بموجة من الغضب والاستنكار والسخرية، من قبل الجمهور، فكما ينتظر الكثير كل عام، الكرنفال الثقافي السنوي، للحصول على قوت عقولهم من الكتب، ينتظره البعض للتربح منه، فالأن أصبح من يمتلك عدد كبير من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، يطل علينا بكتاب فارغ المحتوى، حسب وصف البعض.
“القاهرة 24” خاض تجربة البحث في أرفف المعرض عن تلك الكتب، والتأكد من صحة وجودها بالفعل، ورصد بعض محتوى صفحاتها.
شلح هدومك ومدمن نجاح
في القاعة الأولى، جناح c24، حيث دار كليوباترا للنشر والتوزيع، سألنا عن كتاب “شلح هدومك يا زمن”، واحد من الكتب الذي أثار جدلًا كبيرًا لوجوده في المعرض، فقالت البائعة ساخرة: “بتوع النت قاموا بالواجب، والطبعة خلصت”، لتأكد وجوده بالمعرض للعام الثاني على التوالي.
“مدمن نجاح” عنوان كتاب “الإنفلونسر” علي غزلان، في طبعته العاشرة حتى الآن، والذي وصف نفسه بـ”جراح نفوس”، ووصفه رواد مواقع التواصل الإجتماعي بالمحتوى الفارغ، ومنهم من اعترض على اللغة التي يستخدمها، فمن خلال مطالعتك الأولى للكتاب يتبين لك أنك أمام منشورات “فيس بوك” وأبعد ما يكون عن كتاب.
خلال 10 أبواب يصف غزلان “نفسيات” الأشخاص بشكل ساخر، وفي فصله الأخير يحكي قصة نجاحه، مطالبًا القراء ألا يتخذوه “قدوة” لهم، وختم كتابه بمثل شعبي يقول: “فكك م اللي يشكك”.
لم يختلف الوضع كثيرًا مع كتاب “روح حلوة” لإسراء أحمد، ففي أبريل 2019، أعلنت دار الرسم بالكلمات، طرح الكتاب لإسراء، وهي فتاة عشرينية، يتابعها على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، ما يقرب من 200 ألف متابع.
“من فترة كنت بتمشى على النيل، وما أدراكم ما حلاوة النيل، الواحد كان مبسوط كدا ومرتاح وهو ماشي على النيل، بحب أوي أمشي على النيل”.. أحد الاقتباسات من كتاب روح حلوة، المكتوب باللهجة العامية، وهو الأخر عبارة عن تجميع لمنشورات لها على صفحتها الخاصة، تطرح فيهم نصائحها للتعامل مع الحياة، ويتواجد الكتاب بمعرض القاهرة في طبعة ثانية.
معلش
“الكتاب أسلوبه يشد.. وشبه كلامنا العادي بسيط”، كانت هذة أكثر كلمات تلقتها لبنى طاهر، من جمهور كتابها الأول “معلش”، حسب قولها، مبينةً أنها استغرقت في كتابته سنة كاملة، ليصدر في معرض الكتاب لسنة 2017، ويعرض الآن بمعرض الكتاب الدولي 2020، في طبعته السادسة.
تحكي لبنى لـ”القاهرة 24” أن كتاب “معلش”، هو حصيلة لأفكار وخواطر راودتها لعدة سنين، وكان هدفه الأساسي تغيير الأفكار السلبية في عقول القراء، وتصدير الإيجابية لهم.
وعن الانطباعات التي تلقتها عن الكتاب، تقول: “الكتاب كان له صدى كبير، وحاز على حب الناس، وأعطاهم طاقة إيجابية، ساعدتهم في تغيير نظرتهم لأشياء كثيرة.. بفضل الكتاب ناس أكتشفت أن حل مشاكل كثير في إيديها”.
وعن طريقة سرد الكتاب، تردف أنها كانت تقصد أن يصدر الكتاب بطريقة أشبة بمنشورات موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك، وأصدرت بعده كتابان كانا بنفس الأسلوب، لأنها تخاطب فئة المراهقين، ووجدت في هذا الأسلوب السبيل الأمثل لتوصيل رسالتها لهم، والأقرب لتفكيرهم، وتكمل: “أخترت هذا الأسلوب، حتى تكون الناس مرتاحة وهي بتقراه.. ومايحسوش إنه غريب عنهم، وقراء في سن الأربعينات أخبروني أنه فرق في حياتهم كثيرا.. فأسلوبه يلائم كافة الأعمار”.
وعبرت لبنى عن اتفاقها مع وجهة النظر التي تطالب بفرض رقابة على الكتب ومراجعتها قبل الصدور، وتبرر: “الناس بتتأثر جدا بالكلمات والانسان بيتشكل من القراءة”، وعند سؤالها عن أن هذا سيضيق من حرية الرأي، قالت أن حرية الرأي مسئولية، وعند إعطائها لأحد يجب أن تراقب بعدها، حتى لا تتحول الحرية لهمجية، حسب قولها.
مريم أحمد علي، صاحبة رواية “البعض لايرحل أبدًا”، استغرقت في كتابتها قرابة السنة، قبل أن تخرج للنور في معرض هذا العام، والتي نفذ منها حتى الآن 4 طبعات، تقول أن الإنطباعات التي تلقتها من الجمهور، كلها كانت تحمل أراء إيجابية ولم تتلقى أي نقد على الرواية.
تسرد ذات الـ22 ربيعا، أن الإقبال الجماهيري على الرواية لم تكن تتوقعه، وشهد حفل توقيعها الأول إقبال كبير، وتنوي تنظيم حفل أخر بعد طلب الجمهور منها ذلك.
“الناس بتهاجم شخصي أنا.. وليس الرواية، وأنا عذراهم”، تردف مريم لموقع “القاهرة24″، والتي تصنف نفسها على مواقع التواصل الإجتماعي “لايف كوتش” و”فيديو بلوجر”، ولديها مايقرب من نصف مليون متابع، أن بسبب وجود كتب كثيرة عبارة عن تجميعة منشورات، توقع الجمهور أن تفعل هي الأخرى ذلك.
وقالت: “أفصلوا الرواية عن مريم.. الناس ماتعرفش إني أملك ملكة الكتابة وبساعد الناس تبقى أحسن”، وأختتمت: ” أنا بتهاجم دلوقتي لكن بعد ما أنجح الناس هتسقفلي”.
موضة ستندثر
“موضة بين الشباب وظاهرة إيجابية”، بهذة الكلمات افتتح الكاتب عماد العادلي، حديثه، حيث أنه يرى في ذلك النوع من الكتابات معبر وسلم، لقراءة أعمال أكثر قوة، حتى يصلوا للكتابات المحترمة، حسب وصفه.
ويبرهن: “عدد كبير من القراء لا يحبون من يخاطبهم بشكل عميق، حيث فئة المراهقين والقراء غير المحترفين.. فهم ليسوا متمرسين، والكتابات الخفيفة تروق لهم كثيرًا”. وعن وجود مثل هذة الكتب بكثرة، يقول العادلي أنه ليس بجديد ويحدث كل عام منذ أيام المتنبي، وكلها فنيت لأنها لا تستحق أن تبقى وتخلد، فهي مجرد ظاهرة وسرعان ما تأخذ وقتها وتندثر.
وعارض العادلي بشدة الرأي الذي يطالب بتشكيل لجنة لفحص الكتب قبل عرضها بالمعرض، وقال متسائلًا: “على أي أساس وأي توجه ستحكم هذة اللجنة؟”، وأكمل: “نحن لدينا سنويا عشرات الألاف من المؤلفات، فسنحتاج لكتيبة من الكتاب والنقاد”.
ويختتم حديثة قائلا: “سيبوا الناس تقرا وتكتب، ونحاول أن نرتقي بالذوق العام وندعم الكيانات الخاصة حتى تنتج أعمال محترمة، فثقافة الحجب والمنع ليست في صالح الإبداع”.
الرقابة ضد حرية الفكر
وقال سعيد عبده، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، إنه سيتخذ إجراءات ضد بعض الكتب الموجودة بمعرض القاهرة للكتاب الدولي 2020، وسيتم مخاطبة المصنفات الفنية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأضاف اتحاد الناشرين المصريين، في تصريحات لـ”القاهرة 24″، أن الحديث عن تشكيل لجنة لفحص الكتب قبل عرضها في معرض الكتب أمر غير دقيق، متابعًا: “أي لجنة تلك التي ستفحص وتقرأ ملايين الكتب قبل صدورها؟”.
وتابع: “الأصل في الأمور هي الحرية وليست الرقابة، وحتى نشكل لجنة قبل كل معرض، هنحتاج سنتين حتى نخرج بالمعرض، ونعمله بقى مرة كل 3 سنوات.. لا يوجد لدينا رقابة مسبقة على الكتب، ولكن بعد الإصدار ، يراجع إذا لزم الأمر، وبالقانون هذة مهمة المصنفات”.
واستكمل سعيد عبده: “إذا طبقنا هذا سيفرض علينا عقوبات من قبل المنظمات الدولية، لأن مبدأ الرقابة ضد حقوق الإنسان وضد حرية الفكر”.
وأسند عبده مسئولية نشر مثل هذة الكتب، إلى الناشر أولًا، وبعد ذلك يأتي دور دار النشر التي سمحت بنشر مثل هذه الكتب، وأضاف: “أرفض وجود مثل هذه الكتب.. ودور الناشر أن يرتقي بالقارئ وتساهم في بنائه بشكل محترم لا العكس”.