موت بالبطيء.. عجز المياه يهدد حياة العراق بأيدي تركيا وإيران وتغير المناخ | تحقيق
يعيش العراق أزمة تهدد حياة مواطنيه، بسبب شُح المياه في نهري دجلة والفرات، والقادمة إلى بلاد الرافدين من إيران وتركيا، إثر بنائهما العديد من السدود على روافد النهرين، اللذين يمثلان مصدر الحياة الرئيسية للشعب العراقي، ما أثّر على الأمن الغذائي عقب بوار الكثير من الأراضي الزراعية، وزيادة تبخر ما لديهم من مياه، لارتفاع درجات الحرارة الناتجة عن التغيرات المناخية.
لسنوات؛ اعتاد العراقي الخمسيني مجيد شاطي؛ الاستيقاظ مبكرًا فجر كل يوم، لزراعة وفلاحة أرضه في محافظة ديالي (شرق بغداد)، التي تعتبر مصدرًا للحياة بالنسبة له ولأسرته، لكنه لم يتوقع أن تتحول حياته إلى جحيم، جراء الجفاف الذي يشهده العراق في الآونة الأخيرة.
وتعتبر الزراعة هي المهنة التي ورثها المواطن العراقي، عن أسرته عقب وفاة والده، ولم يعتاد غيرها، لتتشابه حياته مع أرضه التي تعاني من الجفاف.
شاطي وغيره آلاف المزارعين في العراق؛ يواجهون تأثيرات خطيرة نتيجة عدم توافر مصادر المياه لأسباب طبيعية وأخرى بشرية، وسط جهود جثيثة من قبل حكومة مصطفى الكاظمي، لإنهاء الأزمة مع دول الجوار (تركيا وإيران)، والحصول على حصة مائية تؤمن احتياجات البلاد من الأمن الغذائي.
خروج محافظات عراقية عن الزراعة
70 % من الأراضي الزراعية في العراق أصبحت في حالة بوار، ما أدى لهجرة الفلاحين من أراضيهم بحثًا عن بدائل للحياة، إضافة إلى خروج 3 محافظات عراقية عن الخطة الزراعية بشكل كلي، بسبب قِلة المياه في أنهار ديالي، ميسان والمثنى، بل يوجد محافظات أخرى، فقدت التعامل مع الزراعة، بسبب قلة الأمطار، وهي نينوي، صلاح الدين، كركوك، والأنبار، حسب قيس حسب الله، عضو الاتحاد المحلي لجمعيات الفلاحة بالعراق، في حديثه لـ القاهرة 24.
حالة البوار في أراض العراق؛ دفعت المواطنين إلى البحث عن بدائل أخرى للعيش بعيدا عن الزراعة، أملا في توفير حياة آمنة لأسرهم، لا سيما في ظل تعنت الجانب الإيراني والتركي، ورفضهما الامتثال للقانون الدولي المتعلق بالحدود النهرية.
تركيا وإيران يقطعان المياه عن بلاد الرافدين
ويعتمد العراق على نهري دجلة والفرات بروافدهما المختلفة، كمصادر رئيسية للمياه، إلا أنها تعرضت إلى مخاطر عِدة خلال السنوات الماضية، حيث أن نهري دجلة والفرات؛ أصيبا بالشُح، نتيجة بناء سدود من دول المنبع -تركيا وإيران-، بالإضافة إلى تأثيرات تتعلق بالمناخ ونقص الأمطار.
مساع تركيا وإيران في تعطيش بلاد الرافدين من خلال الأنهار الواصلة إليها؛ تسببت في عجز مائي كبير في نهري دجلة والفرات، وفقًا لـ حسن الصفار، خبير الموارد المائية والسدود بوزارة الموارد المائية الري العراقية، موضحًا أن إنشاء السدود التركية والإيرانية أثرت بشكل كبير على الحصة المائية للعراق، حيث تقلل تركيا؛ الحِصة المائية الواردة عبر نهر الفرات، من خلال بناء السدود على الحدود السورية، إضافة إلى بناء سدود أخرى على مجرى روافد نهر دجلة على الحدود التركية العراقية، ما تسبب في نقص المخزون المُتاح في سدي حديثة والموصل العراقيين.
أما على الجانب الإيراني، فقد شيدت طهران؛ العديد من السدود على الأنهار الحدودية، منها سدود تهدف إلى تحويل مجاري تلك الأنهار إلى داخل دولة الملالي مجددا، بالمخالفة للقانون الدولي، دون الاستجابة للمطالب العراقية، بعقد اجتماعات فنية مُشتركة، لمعرفة المخزون المائي في سدود إيران وتقسيم الضرر، رغم أن معاهدة 1975 بين بلاد الرافدين ونظام الملالي؛ تنص على تقسيم المياه الواردة في الأنهار الحدودية بين البلدين بنسبة 50% لكل طرف منهما، وفقا لـ حسن الصفار خبير الموارد المائية لـ القاهرة 24.
محاولات مزارعي العراق لاستمرار الزراعة
لم يختلف الحال كثيرًا بالنسبة للمواطن ناجح صالح، أحد مزارعي محافظة واسط (وسط العراق)، حيث يحاول التمسك بأمل الحياة، من خلال زراعة أرضه، ومواجهة نقص المياه الحاد عبر حفر آبار جوفية، واستخدام نُظم ري حديثة كالري بالتنقيط، بعد جفاف مصادر الري من نهري دجلة والفرات.
اللافت في الأمر، أن المياه الجوفية المستخرجة من باطن الأرض؛ لا تصلح للزراعة، ومُكلفة ماديًا، كما أن الدعم المقدم من قبل الدولة، غير كافٍ للفلاح، حيث أن سعر طن الأسمدة يتراوح ما بين 1000 و1200 دولار، وفقا لـ المواطن العراقي لـ القاهرة 24.
تركيا وإيران والتغيرات المناخية تجعل العراق في أزمة مائية
مخاوف صالح؛ يؤكدها الدكتور رمضان حمزة، مدير معهد استراتيجيات المياه والطاقة WESI (منظمة غير حكومية)، والذي يرى أن تلك الأزمة ستؤثر على مستقبل العراق، كونها دولة مصب للأنهار الدولية المشتركة والعابرة للحدود مع تركيا وإيران، اللتين تتحكمان بمجاري هذه الأنهار، من خلال بناء السدود، وتحويل مجاري هذه الأنهار وروافدهم إلى داخل أراضيهم، إضافة إلى تأثيرات تغير المناخ، ما يجعل العراق مقبلًا على أزمات مائية خانقة في المستقبل المنظور.
فـ إيران وتركيا يتجهان إلى خنق العراق مائيا، وذلك في حال قطعت ظهران المياه عن نحو 20 رافدًا؛ كانت تغذي الأراضي الزراعية في العراق، والتي تعتبر مصدرًا لمخزون استراتيجي؛ يتوقع أن يتجاوز 19 مليار متر مكعب بحلول العام الجاري 2022، ما تسبب في جفاف بحيرة حمرين، وخروجها من الخدمة، بعد جفافها بسبب قطع مياه نهر ديالي كاملًا عن بلاد الرافدين.
واتخذت تركيا؛ إجراءات تعسفية بحق العراق، من خلال بناء سد إليسو، بهدف إخراج سد الموصل - ذو السعة التخزينية البالغة 11 مليار متر مكعب من الخدمة، لينضم السد إلى مجموعة السدود الأخرى التي عزمت تركيا على إنشائها في حوضي دجلة والفرات.
ورغم الإجراءات التركية - الإيرانية، إلا أن العراق لا يزال يحتفظ بنمط سياساته وسلوكياته تجاه إدارة المياه، وتحقيق إجراءات، لمواجهة الأزمة المائية التي تسببت في زيادة عدد النازحين من الريف العراقي إلى المدن، حسب مدير معهد استراتيجيات المياه والطاقة لـ القاهرة 24.
وتمتد أسباب نقص المياه حسب مدير معهد استراتيجيات المياه والطاقة إلى تغير المناخ، إلى عدم وجود إجراءات حكومية حقيقية، ما يُزيد من الأزمة مع تركيا وإيران.
تدهور البنية التحتية الزراعية
وفي دراسة للبنك الدولي، نُشرت عام 2017، كان العراق يواجه مشاكل بيئية خطيرة؛ تتراوح بين رداءة نوعية المياه ومُلوحة التربة وتلوث الهواء، ومشاكل إدارة النفايات والمواقع الملوثة، وصولًا إلى تدهور حالة النظم الإيكولوجية الرئيسية، إضافة إلى استمرار انكماش الزراعة، الذي يهدد الدخول إلى المناطق الريفية، ويُشكل فُرصة ضائعة للعراق من حيث الأمن الغذائي.
وتشير الدراسة إلى أن الري في العراق؛ يُواجه مشاكل شديدة تتراوح بين التدهور الواسع النطاق في البنية التحتية للري، سوء تشغيل النظم وصيانتها، عدم كفاءة استخدام المياه، ملوحة التربة، ضعف الدعم المؤسسي، عدم وجود إطار تنظيمي لاستخدام مياه الري، وتسعيرها بشكل ملائم، إذ يعد التملح أحد أكثر الظواهر نشاطًا في تدهور الأرض وسط العراق وجنوبه.
البنك الدولي أكد في دراسته، أن التغيرات المناخية تُنذر بانتشار المُلوحة أكثر فأكثر، وأن ذلك سيزداد بعد أن طوّرت تركيا وسوريا؛ مشاريع للري على طول نهر الفرات، خاصة أن الدول الثلاث (تركيا وإيران ولاعراق) لم يوقعوا على أي اتفاقية دولية بشأن استخدام المياه، وأن تبعات تغير المناخ وتدهور الأرض؛ تُشكل تهديدات خطيرة، لا سيما على الأمن الغذائي والمائي، كما يؤثر تغير المناخ بالفعل على قطاع الزراعة.
وتقدر منظمة الأغذية والزراعة، في دراسة عام 2021، أن نحو 60% من الأراضي المزروعة؛ قد تأثرت سلبيًا بالملوحة، وأن 20 إلى 30% منها قد هُجرت، وحتى في الأراضي الزراعية غير المهجورة، فقد انخفضت الزراعة بنسبة تتراوح بين 30 و60% بسبب التملح، كما يؤثر ذلك بشكل سلبي على المزارعين الفقراء، وسبل معيشتهم.
خريطة الجوع العالمية الصادرة عام 2020 الصادرة عن برنامج الأغذية العالمية
أزمة المياه تهدد حياة العراق
نتائج دراسة البنك الدولي؛ حدثت بالفعل مع المزارع العراقي سيف محمد مهوس، وأثّرت على أسرته، خاصة أنه يتخذ من أرضه مصدرًا رئيسيًا للدخل، مؤكدًا أن أسرته تضررت بشكل كبير من الأزمة المائية، واضطروا إلى تقليل أطعمتهم بسبب التوقف عن زراعة جزء كبير من أرضه، لندرة المياه اللازمة لزراعة الأرض وكسب الرزق.
المزارع العراقي، لم يعد قادرا على توفير مياه الشرب لأسرته، وتوقف عن زراعة محاصيل القمح والشعير والقطن، ورعي الماشية، حيث ينفق نحو ألف دينار يوميًا من أجل تغطية احتياجاته من مياه الشرب.
ويبدو أن العراق يقترب من ذروة أزمة مائية، وذلك حال استمرار ندرتها حتى عام 2035، وهو ما أوضحته دراسة استراتيجية موارد المياه والأراضي في العراق - الصادرة عن وزارة الموارد المائية والري العراقي، عام 2015، بأنه سيكون هناك عجز في كميات المياه بنحو 11 مليار متر مكعب بحلول عام 2035، حال استكمال تركيا وإيران؛ خططهما التنموية، لتصل كمية المياه الواصلة للعراق حينها إلى 59.73 مليار متر مكعب من المياه، بأقل نحو 11 مليار من المفترض وصوله، والمقدر بنحو 70.67 مليار متر مكعب من المياه.
التغيرات المناخية تفاقم الأزمة المائية العراقية
تأثيرات المياه والتغيرات المناخية - كانت واحدة من أبرز أسباب نُزوح المواطنين العراقيين من المحافظات، إذ تؤكد دراسة عن النزوح العراقي المرتبط بندرة المياه في العراق - صادرة عن مؤسسة تتبع النزوح DTM، العام الماضي، أن 477 أسرة بمحافظة نينوي؛ نزحت حاليًا بسبب الجفاف، كما نزحت 2982 أسرة في الوسط والجنوب في محافظات بابل، البصرة، كربلاء، ميسان، المثنى، النجف، القادسية، ذي قار، واسط، في عملية نزوح بدأت منذ سنوات جراء نُدرة المياه.
أما على المستوى البيئي، فقد تسببت التغيرات المناخية بتفاقم الأزمة المائية العراقية، خاصة أن الموسم الزراعي الماضي في بلاد الرافدين، كان فوضويًا، في ظل غياب قوانين ضابطة لإدارة الموارد المائية، وأن مُتخذي القرار في وزارة الموارد المائية؛ ابتعدوا كثيرًا عن الواقع الاجتماعي العراقي، ولم يدركوا أن المساحة الزمنية الحرجة التي يتقاسم الفلاحين فيها الوقت والكمية، لري زراعاتهم ضمن توقيتات دقيقة للحسابات الموسمية؛ الأمر الذي تسبب في إحداث فوضى بين الفلاحين، وصلت حد النزاع الدامي على المياه، وفقا لـ المهندس ثائر يوسف الخبير البيئي والمهندس بوزارة الزراعة العراقية، لـ القاهرة 24.
ورغم التغيرات المناخية، وتأثيرها على الأراضي الزراعية داخل العراق، إلا أن الحكومة سارعت إلى اتخاذ العديد من الإجراءات، من أجل الحد من التلوث البيئي، الذي يُعرّض حياة العراقيين للخطر، ومُواجهة دول المنبع، من خلال توجيه دعوات عبر المجتمع الدولي، للجلوس على طاولة المفاوضات، والاتفاق على آلية محددة لتقسيم المياه مع الدولتين الحدوديتين.
مواجهة الحكومة للأزمة المائية
ولمواجهة التأثيرات المائية على الزراعة العراقية؛ أوضح الدكتور حميد النايف، المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية، أن أزمة المياه؛ أثّرت سلبًا على القطاع الزراعي، نتيجة قلة الواردات المائية من دول الجوار، والتغيرات المناخية، مؤكدًا أن معظم الأراضي الزراعية؛ تم إيقاف العمل بزراعتها، وتقليص خططها.
أكد النايف في حديثه لـ القاهرة 24، أن العراق في أعوام 2019- 2020 -2021؛ مكتفٍ ذاتيًا من محاصيل القمح والشعير والعديد من المحاصيل الزراعية، إلا أن تقليص الخطة الزراعية إلى النصف؛ زاد من صُعوبة الاكتفاء الذاتي للمحاصيل، وأن محصول القمح في البلاد وصل إلى نحو 2 مليون طن، وهذه نسبة متدنية قياسًا بالسنوات السابقة.
متحدث الزراعة العراقي، لفت إلى أن قلة المياه أخرجت محافظات عن الخطة الزراعية، نتيجة وقف تدفق المياه من إيران إلى العراق، نتج عنه خروج محافظة ديالي من الخطة، إضافة إلى العجز الكبير في بحيرة حمرين.
نزوح المزارعين ومطالب بالحصول على معونات لمواجهة الأزمة
قِلة المياه في المحافظات العراقية، دفعت وزارة الزراعة، إلى طلب الحصول على معونات مالية، في مسعى لتغيير النظام المائي وتحجيم الهدر، خاصة أن الخطة الزراعية في بلاد الرافدين؛ باتت مُتدنية، إذ يملك العراق نحو 26 مليون دونم صالح للزراعة؛ لا يُزرع منها سوى 5 ملايين دونم فقط، حسب متحدث الزراعة.
وفي هذا الصدد، لجأ الكثير من المزارعين والفلاحين إلى تغيير طريقة عيشهم، وترك الزراعة والانتقال إلى مكان آخر، أملا في توفير حياة كريمة لأسرهم، مطالبين بالحصول على المياه من خلال استخدام التقنيات الحديثة في الري.
وعاد متحدث الزراعة، لتأكيد تضرر محاصيل من نقص المياه، منها الأرز العنبري، الذي يتميز به العراق، وتناقصت مساحته المزروعة من 400 ألف دونم العام الماضي، إلى 10 آلاف دونم العام الحالي، فيما تم استبعاد محاصيل كاملة بسبب الجفاف، من بينها القطن وعباد الشمس.
اجتماعات للوصول للحل دون استجابة واضحة
في المقابل، قال علي راضي، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية، لـ القاهرة 24، إن ملف المياه تعرض إلى ظروف شُح شديدة، بسبب سياسيات دول المنبع، إضافة إلى تأثره بالتغيرات المناخية، مؤكدًا صلته المباشرة بالأمن المائي والغذائي، كما يرتبط بالأمن القومي للبلاد، مبينًا أن 100% من مياه العراق تتركز في نهري دجلة والفرات وروافدهم القادمة من إيران وتركيا، وأن الجانب الفني في قِلة الواردات؛ يأتي بسبب زيادة السدود من دول المنبع، بل هناك عاملا طبيعيًا نتيجة التغيرات المناخية وقلة الأمطار.
وسعت الحكومة العراقية؛ على مدار سنوات مضت، إلى المطالبة بضرورة تقاسم الضرر مع دول المنبع، خاصة في أوقات الشُح المائي الذي يعيشه العراق في الوقت الراهن، وأنه رغم وجود اجتماعات مع الجانب التركي، إلا أن العراق لم يلمس استجابة واضحة من أنقرة، وعلى الجانب الإيراني؛ هُناك قِلة واردات من الأنهار القادمة من دولة الملالي، وهو ما تسبب في انخفاض كبير بمنسوب المياه، حسب متحدث الري.
ومع وجود الإيرادات القليلة من المياه، وفي ظل تأثير التغيرات المناخية؛ يجب تعويض النقص باستخدام الخزين المائي في السدود، وهو ما يتسبب في نقصها، حيث بلغت نسبة الواردات المائية عام 2019 بنحو 140%، كونها سنة فيضانية، وما تم تخزينه؛ ساهم في تخفيف الأعباء على العراق عامي 2020 و2021، على حد قول متحدث الري.
خطة زراعية وفقًا للمتاح
وفي مسعى لمواجهة الأزمة؛ لجأت وزارة الموارد المائية، إلى العديد من الإجراءات الداخلية؛ بينها وجود خطة زراعية تم إقرارها مع وزارة الزراعة، وفقًا لما هو مُتاح من مياه، مع وجود حملة كبيرة لمنع التجاوزات على الحصص المائية، أو على مقاطع الأنهار أو التجاوزات البيئية، وأن هناك مئات الدعاوى المرفوعة ضد المتجاوزين، وأن تلك الحملة تحظى بدعم من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
كما أن هناك توجه لاستخدام التقنيات الحديثة بالري، واستخدام الأنابيب لنقل المياه من أجل المحافظة عليها، والتنسيق مع وزارة الزراعة لاستخدام التقنيات الحديثة، وحفر الآبار في المناطق التي يصعب وصول المياه إليها، وضرورة إنشاء واعتماد محطات رئيسية على الأنهار الكبيرة، لضمان وصول المياه الصالحة للشرب من خلالها، خاصة أن الموارد المائية تعمل مع وزارة الكهرباء على قطع التيار عن مضخات المحطات غير الحكومية، وفقا لمتحدث وزارة الموارد المائية والري، علي راضي.
هلاك بشري وحيواني يحاصر العراق
من جانبه، أفاد الدكتور صلاح الحاج، ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأم المتحدة بالعراق - فاو، أن أزمة المياه تسببت في انحسار المساحات المزروعة، وبالتالي أثّرت على سبل عيش المزارعين، وتحقيق الاكتفاء الوطني بجميع المنتجات، من سلع غذائية أساسية، ومحاصيل نباتية ومنتجات حيوانية، حيث تعد المحاصيل الزراعية الصيفية؛ أكثر ما يتأثر بالمياه، إضافة إلى الثروة الحيوانية التي تواجه تنميتها تحدٍ في نقص الأعلاف، نتيجة قِلة المياه للمحاصيل العلفية.
كما أن محافظة ديالي، والتي تعتبر من أكثر المحافظات تضررًا من شُح المياه، ستكون ضمن المرحلة المقبلة، مع تهديد بانحسار مساحات كبيرة من أصل 150 ألف دونم من البساتين المُعمّرة، وهنالك مليون دونم؛ تُروى بالمحاصيل الموسمية، وحُرمت من خِطة الزراعة الصيفية، بل وحجمت ضمنها الزراعة الشتوية بصورة كبيرة، وفقا لممثل منظمة الفاو لـ القاهرة 24.
ويبدو أن محافظات البصرة وذي قار وميسان والمثنى، ستتأثر بدرجة كبيرة خاصة في القطاع الزراعي أو تزويد المياه للاستخدامات البلدية، بل أن الأزمة تسببت في هلاك الكثير من الحيوانات بمناطق الأهوار، حيث أثّرت التغيرات المناخية على نوعية المياه في شبكات الإسالة في المثنى وميسان وذي قار والبصرة، وبات المواطنون يعتمدون على شراء مياه الشرب من مزودي خدمة المياه المنقاه.
ممثل منظمة الفاو، أكد أيضًا حدوث نُزوح جماعي للمزارعين من مختلف مناطق السهل الرسوبي بسبب الجفاف، وتوجههم نحو مناطق النجف وكربلاء، بسبب نتائج الأزمة المائية على مُدخلات تنمية الثروة الحيوانية، التي تشكل قُرابة 50% من دخل العديد من الأسر الريفية، مبينًا أنه مع اعتماد الاقتصاد العراقي على نمط الاقتصاد الأحادي، فهناك مخاطر كبيرة في تصاعد مُعدلات البطالة والمشاكل الاجتماعية، واحتمال ارتفاع وتيرة النزاعات المحلية والعشائرية في المناطق التي تعاني من نقص إمدادات المياه للاستخدامات المختلفة.
وأخيرًا لا يزال آلاف المزارعين العراقيين؛ مُعرضين إلى مصير مواطني العراق السالف ذكرهم، بـ بوار أراضيهم، نتيجة قِلة المياه الواردة من تركيا وإيران، إثر بناء العديد من السدود، بجانب مُعاناة بلاد الرافدين من تغيرات مناخية؛ تسببت في شُح الأمطار وزيادة تبخرها، ليقف المزارعين بين مطرقة الشح المائي وسندان أمنهم الغذائي.