الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

لا خبز ولا ماء.. الاحتلال يغتال الأحياء في غزة دون قصف

حرب التجويع في غزة
أخبار
حرب التجويع في غزة
الخميس 09/نوفمبر/2023 - 06:26 م

لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بمئات المجازر التي ارتكبها حتى الآن في غزة، ولم يشبع لذته الانتقامية سقوط آلاف الشهداء، ولا مشاهد الدمار التي لحقت بالقطاع الذي لم يعد فيه شبر آمنًا؛ فمربعات سكينة بالكامل تهوى وتتساوى بالأرض، والبيوت تُقصف فوق ساكنيها، وبات الهواء مختلطًا برائحة الدماء، وبين الركام والركام أنقاض تحتها آلاف الجثامين، مستخدمةً كل الأسلحة المحرمة وغيرها، وجنبًا إلى جنب مع الحرب، قُصفت المخابز، وجُففت منابع المياه، وقطعت دخول المساعدات للشمال، فأصبحوا يتضوعون جوعًا، ويتلهفون لقطرة ماء أصبحت "رفاهية" على حد وصفهم، ومن نجا من المجازر طالته حرب التجويع، ففي غزة من مات عاش ومن عاش مات. 

طوابير الخبز والماء

أكثر من 6 ساعات يوميًا يقضيها أهالي غزة أمام مخابز العيش، يقفون في انتظار دورهم للحصول على 20 رغيفا، وأحيانًا يأتي عليهم الدور فلا يجدون الخبر، كما يروون، ليعودوا ومعهم خيبة أمل في توفير خبز للصغار، وهو الأمر ذاته بالنسبة لمياه الشرب، التي باتت رفاهية، ففي كل حي يلتف الآلاف بعد ساعات من الانتظار، حول شاحنة بها كمية بسيطة من المياه، أملًا في الحصول على قطرة مياه، وعادة ما تكون ملوثة وغير صالحة، إلا أنه لا ملاذ لهم غيرها. 

الموت أقرب من الخبز والماء

الحصول على رغيف خبز في غزة بات رحلة ملطخة بالدماء، وفقا لحديث الصحفية الفلسطينية يافا أبو عكر، التي تلخص المشهد بأن الموت بات أقرب إلى أهالي غزة من الحصول على "العيش"، فكما تقول "نغمس خبز عزيز بدمائنا"، في إشارة إلى قصة أب ذهب ليوفر لأسرته خبزًا يسد جوعهم، فلم يعد رب الأسرة وبقي الأطفال أيتام وجوعى، بعد قصف مخبز الشرق، كما هو الحال في عشرات المخابز التي قصفت مثل النصيرات وحي النصر وغيرها.

اغتيال المواطنين أثناء قصف مخبز- تصوير الصحفية يافا أبو عكر

عايشت الصحفية الفلسطينية مواقف مأساوية لم تتخيلها في المشاهد التمثيلية، حينما راقبت سائق سيارة يوقف أحد المارة الذي يحمل بيده الخبز، ويطالبه ببيع رغيف عيش له ولأسرته، كما تروي، وآخر يسأل أحد حاملي المياه عمّا إذا كانت صالحة للشرب، ويطلب منه رشفة فقط بعدما نسي طعمها، "فيه ناس خلاص اعتمدت على المياه المالحة، وبقى أمنيتها شربة مياه عذبة"، وتوضح أن الإخوة باتوا يقتسمون الرغيف الواحد.

بنيم الصغار حتى ما يشتكوا من الجوع 

"بدنا قصف قبل ما نموت من الجوع ولا في طابور الخبز"، حالة من اليأس الشديد انتابت آمال الملا، الساكنة في شمال غزة، التي تخوض يوميًا معركة الحصول على العيش، بعدما اكتظ بيتها باللاجئين، والتي تؤكد على أن الناس في القطاع باتت حالتهم كارثية، ولا ملجأ لهم سوى المخاطرة من أجل رغيف الخبز، وعادة ما يذهبون ويعودون دونه، أو لا يعودون في الأساس بعد قصف المخابز، "هي دي ما عيشة، وإحنا ما عايشين.. إحنا بننيم الصغار حتى ما يشتكوا من الجوع".

إيش عملوا الأطفال وإيش فيها المخابز حتى يقصفوها؟

ومن وجهة نظر أحمد أبو مطلق، أن العجز وقلة الحيلة نوع من أنواع الاغتيال، وموت دون قصف، فالحاجة لرغيف خبز في قطاع غزة، باتت مهمة صعبة يقوم بها الشعب الفلسطيني جنبًا إلى جنبًا مع المقاومة، لا سيما بعد قصف قوات الاحتلال مخبز النصيرات، والذي راح ضحيته نحو 3 أفراد من بينهم صاحبه مخلص الذريعي، ومحمد زاهر وصهيب البنا، فضلًا عن سقوط 6 من الجرحى، موضحًا أن هذا المخبز كان مصدر العيش والمتنفس الوحيد للأكل بعدما جفت البضائع بالمحال، مردفا: "إيش عملوا أطفالنا لليهود؟، وإيش فيها المخابز حتى تقصف".

حينما جففوا صنابير المياه

جفاف صنابير المياه

ولم يخطر ببال أسامة علوش، أحد سكان دير البلح، يومًا أن تصبح المياه المالحة يومًا هي المتنفس الوحيد لهم، وبديلة عن مياه الشرب، بعدما جففت قوات الاحتلال الصنابير، وقصفت الآبار، فأصبح البحر هو الحل لديه هو وكثيرون من أهالي غزة لمواجهة أزمة نقص المياه، "ننزل على البحر نستحمى، ونتغسل وكل حاجة من البحر، وفي الآخر بناخد معانا جالون للأكل والبيت"، رغم المخاوف التي تحوم حول استخدام تلك المياه غير الصالحة.

عايشين من قلة الموت.. والميه بعيدة المنال

طوابير المياة 

الحصول على قطرة مياه تروي العطش أصبح أمرًا بعيد المنال، بالنسبة لـ أحمد نصر، والقاطن بمنطقة الزنة شرق خان يونس المنكوبة، فاستمرار المياه في الأنابيب لا يستمر أكثر من 30 دقيقة، وبعدها تأتي ملوثة بدرجة تجعلها غير صالحة للشرب، حيث يشير إلى أن الطوابير التي تستمر نحو 6 أو 8 ساعات أحيانًا حول الشاحنات التي تأتي محملة بكمية قليلة من المياه بديل غير مضمون، "ممكن نضل واقفين في الطابور، وفي الآخر نرجع بدون ميه، ولو عشنا من غير أكل مينفعش نعيش من غير ميه"، ويوضح خطورة الأمر، بقوله "فيه مرضى وأطفال، محتاجين ميه وخبز والمنظمات مش قادرة تسد الاجتياج، كل حاجة بقت بدور الأكل والشرب، والموت دوره أقرب.. إحنا عايشين من قلة الموت".

ملء المياه من عربات الأمم المتحدة
تابع مواقعنا