حرب خفية تنتظرهم.. أهالي غزة يواجهون الأمية ومستقبل غامض بأيدي إسرائيل
عام بالكمال والتمام مر على طوفان الأقصى، عاش خلاله أهل غزة تحت القصف والدمار المتواصل وواجهوا الإرهاب الغاشم لجيش الاحتلال، وتصاعدت يومًا تلو الآخر ألهبة الحرب التي لم تنقطع ليلة واحدة عن القطاع، وتوسعت فلم ترحم صغيرًا ولم تتجاوز عن كبير، وطالت كل مناحي الحياة، ودمرت البنى التحتية، فلم تسلم منها الجامعات ولا طلابها، بل تعمدوا القضاء على العلماء واستهدافهم بشكل مباشر.
وعلى مدار 365 يومًا من الحرب، وقطاع التعليم العالي في غزة يتعرض لانتهاكات مستمرة ومتكررة على يد سلطات الاحتلال، وقوتها الغاشمة التي تتعمد ضرب مخرجات التعليم العالي والقضاء على جودته ومنع الفرص المتاحة أمام الطلاب والأكاديميين، ناهيك عن تدمير الأبنية نفسها.
ففي تقرير لوزارة التعليم العالي الفلسطينية، حصل عليه القاهرة 24، يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي انتهك كافة الأعراف والمواثيق الدولية، والتي تعتبر التعليم حقًا أساسيًا من حقوق الانسان، وهو ما أكد عليه بالبنود الأولى للإعلان العالمي لحقوق الانسان، كما كفل هذا الحق القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة للعام 1947.
وسعت التعليم العالي الفلسطينية، لتوثيق الانتهاكات التي قامت بها قوات جيش الاحتلال، ضد المؤسسات الأكاديمية في فلسطين وغزة وضد طلابها والعلماء والعاملين في التعليم العالي، وتشير مصادر خاصة بالوزارة فضلت عدم الحديث باسمها، إلى أن التعليم الفلسطينية تسعى إلى جمع معلومات دائمة حول الانتهاكات التي يتعرض لها جيش الاحتلال.
وأكدت المصادر خلال حديثها لـ القاهرة 24، أن هناك صعوبة كبيرة خلال الفترة الماضية في جمع المعلومات داخل غزة، مؤكدة أنهم يحالون قدر الإمكان الوصول إلى أماكن الدمار من أجل التوثيق.
وخلال التقرير الذي حصل عليه القاهرة 24، فإن إسرائيل عمدت في عدوانها المستمر على قطاع غزة إلى استهداف مؤسسات التعليم العالي، بالإضافة الى استهداف الكوادر التعليمية والطلبة، من خلال استهداف وتدمير المباني والمرافق الخاصة بالجامعات والكليات من خلال تفجيرها أو إطلاق القذائف عليها، وتمكنت من تدمير ما لا يقل عن 90 مبنى بشكل كلي أو جزئي، مما أدى الى خسائر تقدر بمئات ملايين الدولارات، وذلك يشمل تكلفة المباني والمختبرات المشاغل، القاعات، والمقرات.
ودمرت قوات الاحتلال أكثر من 33 مبنى تابع لمؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة بشكل كامل، فيما تعرضت 19 مؤسسة تعليم عالي في قطاع غزة لتدمير بالغ القوة من قوات الاحتلال، بينما تم تدمير 55 مبنى بشكل جزئي، وهو ما أكدته المصادر وأشار له التقرير المُعد من وزارة التعليم العالي الفلسطينية.
كما أوضح التقرير، أن الاحتلال الغاشم اتخذ نهجا واضحا في استهداف كافة مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة، وهذا يشير إلى أن الاحتلال يعمل على تدمير القوى البشرية قبل المباني، ويحرم طلاب التعليم العالي في قطاع غزة من حقهم في التعليم الجامعي.
وأكدت التقارير، أن السياسة التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي من فرض للإغلاقات والاقتحامات، بالإضافة لنصب الحواجز والبوابات الحديدية على مداخل المدن والبلدات والقرى والمخيمات، واعتداءات المستوطنين المسلحين على المواطنين والمركبات سواء بإطلاق النار أو الحجارة مما يعرض حياة الطلبة والعاملين للخطر خلال محاولاتهم الوصول إلى مؤسساتهم التعليمية، وهذا أثر بشكل مباشر على انتظام الدوام في مقر الوزارة والمؤسسات التعليمية في الضفة الغربية، وعطل العملية التعليمية بشكل كامل بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.
وأكد التقرير، إطلاق الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع داخل حرم المؤسسات، مما أدى الى إصابة العشرات من الطلبة وتحطم وتكسير زجاج المباني داخل المؤسسات، فضلا عن اقتحام المختبرات والعبث بمحتوياتها، وتخريبها.
ويبين التقرير، أن هناك جامعات عدة تم اقتحامها أكثر من 20 مرة، جاءت كالتالي:
فيما بلغ عدد الشهداء من الطلاب في مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة ممن عرف أسماءهم أكثر من 523 شهيدا، موزعين على 19 مؤسسة تعليم عالي، في حين بلغ عدد الشهداء من العاملين أكثر من 100، من بينهم رؤساء جامعات وأكاديميون وإداريون في هذه المؤسسات، ومن المتوقع أن يكون العدد الفعلي للشهداء أكبر بكثير وفقًا للمصادر، التي تؤكد أنه من الصعب حصرهم بسبب العدوان المستمر من قبل قوات الاحتلال، فيما بلغ عدد الشهداء من الطلبة في مؤسسات التعليم العالي في الضفة الغربية 40 شهيدًا.
وأكدت التقارير أن عدد الإصابات في صفوف الطلبة وصل لأكثر من 70 إصابة من طلبة مؤسسات التعليم العالي في الضفة الغربية، فضلا عن عشرات المصابين بالاختناق إثر قنابل الغاز والصوت والمسيل للدموع، وغيرها من الوسائل التي يستخدمها جيش الاحتلال بحق طلبتنا، بالإضافة الى الآلاف في قطاع غزة مما يصعب رصد أعدادهم بسبب العدوان المستمر على القطاع من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
كما كشفت التقارير، أن عدد الأسرى من طلاب الضفة والعاملين في مؤسسات التعليم العالي وصل لـ425 معتقلا معذبا داخل سجون الاحتلال، في حين أكدت التقارير تعذر رصد الاعتقالات التي يشنها جيش الاحتلال في قطاع غزة، إثر العدوان المستمر ضد شعب فلسطين في القطاع من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
هل تطبق المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في فلسطين؟
ويشير التقرير سالف الذكر، إلى وجود انتهاكات صريحة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتحديدًا المادة 26 والتي تنص على أن التعليم حق لأي شخص، إذ إن التعليم في العالم أصبح أمر يطلبه الجميع، بل هو حق من حقوق المواطنة في العالم ومعنى أصيل لأي إنسان تكفله الأمم المتحدة وتطالب الشعوب بتطبيقه، غير أن جيش الاحتلال الغاشم يتجاهل كل هذا ويضرب به عرض الحائط، ولا يلتزم بأي معايير أو قوانين دولية ولا مواثيق أممية.
مقارنة بين عدم انتظام العملية التعليمية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة بسبب انتهاكات الاحتلال |
الضفة الغربية | قطاع غزة |
34 مؤسسة تعليم عالي تضم 138.000 طالب مغلقة وتعتمد نظام التعليم الالكتروني منذ بداية العدوان باستثناء بعض المساقات العملية | 19 مؤسسة تعليم عالي تضم 88.000 طالبة مغلقة بشكل كامل والتدريس معطل منذ بداية العدوان |
وأوضح التقرير، أن طلاب قطاع غزة والضفة والعاملين في مؤسسات التعليم العالي، أمامهم تحديات في الوصول إلى مؤسساتهم نتيجة للعوائق والحواجز التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، فيما يتعرضون للاعتقالات التعسفية والمضايقات والتدابير الأمنية المشددة، ويؤدي هذا التحدي إلى تأثيرات سلبية على عملية التعلم ويقوّض حق الطلاب في الحصول على التعليم بشكل آمن، وهو ما عمدته قوات الاحتلال.
التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة التعليم العالي الفلسطينية، تؤكد أن المعلومات والأرقام غير نهائية، إذ تعلن: الأرقام أكبر بكثير خاصة بقطاع غزة بسبب تواصل العدوان على قطاع غزة، والاعتداءات في الضفة والقدس، الأمر الذي يصعب من حصر عدد الشهداء والجرحى والأسرى وكذلك الأضرار في منشآت التعليم العالي.
علماء غزة وأبناؤها من الباحثين لم يتركهم الاحتلال، إذ كانوا بنوك استهداف واضحة، فاستشهد أكثر من 110 أكاديميين من جامعات غزة، بينهم رؤساء جامعات وعمداء.. كذا استهدفت حرب الإبادة الجماعية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في القطاع، بشكل واضح مخزون غزة وذاكرتها العلمية، ولا يزال الهجوم مستمرا على رؤساء جامعات وعلى عمداء الكليات وأساتذة وعلماء الجامعات بالقطاع.