لماذا كان عام 2021 عامًا مثاليًا للثقافة المصرية؟
عام آخر رحل وانتهى بكل ما حمله من لحظات قاسية وسعيدة، لندخل في عام جديد، مخلفين ورائنا أيام جديدة من الذكريات والأحداث التي أصبحت بالفعل من ماضينا، وهذا العام المنقضي 2021 كما حمل في طياته المعاناة والخوف، حمل معه الأمل والإنجاز، والعمل الجاد، والتطلعات لمستقبل مشرق جديد ومختلف.
استطاعت وزارة الثقافة المصرية برئاسة الدكتورة إيناس عبد الدايم، وبتوجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، أن تحقق في جميع قطاعات الثقافة تقريبا، طفرة كبيرة، وإنجاز مشهود، وعودة قوية، شكلت دافعا وتحديا كبيرا للعديد من مؤسسات الدولة الأخرى، لأن تتأهب للعمل الجاد، متخطية عقبات الجائحة التي شلت حركة العالم بأسره، وبالتحدي والإصرار، حققنا الكثير والكثير، وفي هذا التقرير، قررنا في القاهرة 24، أن نعطيكم صورة ولمحة صغيرة، عن أحداث عام 2021 في الثقافة المصرية.
معرض القاهرة الدولي للكتاب وشبح الإلغاء
حالة من القلق سادت الوسط الثقافي، وأصابت صناع الطباعة والنشر بالإحباط، حيث جاء موعد الانعقاد السنوي لمعرض الكتاب الأكبر في الشرق الأوسط، لكن مصر شأنها شأن العالم، كانت في خضم أزمة كورونا، فالشوارع خالية إلا من البرد والخوف، وعقول الناس لا يشغلها سوى أخبار الجائحة، والتضرع إلى الله حتى تنتهي، وبشكل رسمي، يتأكد قرار نوفمبر الذي صدر في 2020، ويعلق موعد انعقاد معرض القاهرة الدولي للكتاب إلى أجل مسمى.
ظل الوضع مضطربا بشأن المعرض، والأخبار تتناقل على مدار الأشهر، وجميعها لا تستند إلى قرار رسمي، وجمعيها أيضا متضادة ومتضاربة، حتى جاء شهر يوليو 2021، وأعلنت وزارة الثقافة الخبر السار على جميع صناع النشر والقراء أيضا، بانعقاد المعرض رسميا، مع اتخاذ الإجراءات الواقية والاحترازية، وتنظيم جميع تفاصيل الحدث، لكي لا يتحول إلى كارثة تضرب البلاد، وحتى يعطي صورة بديعة عن مصر.
ووسط حذر كبير، افتتحت الدكتورة إيناس عبد الدايم معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 52، يوم الخميس الموافق 30 يونيو تحت شعار في القراءة حياة، وافتتحت أبواب المعرض للجمهور في الأول من يوليو، وحققت أولى الأيام زيارة أكثر من 72 ألف مواطن للمعرض، ورغم كون الوزارة حددت العدد الأقصى للزوار بـ 100 الف، إلا أن الرقم كان كبيرا، لأنه التجمع الثقافي الأكبر بعد كورونا.
شهدت تلك الدورة الاستثنائية من معرض القاهرة الدولي للكتاب، تحقيق العديد من الأرقام الكبيرة، حيث زار المعرض أكثر من مليون و700 الف شخص، كما حققت المنصة الرقمية التي أطلقت للمرة الأولى، زيارة 225 مليون زائر خلال أيام المعرض، كما حققت مبادرة ثقافتك كتابك مبيعات تجاوزت الـ 160 ألف نسخة.
معرض مدينتي للكتاب.. تجربة ملهمة وناجحة
أطلقت الهيئة العامة المصرية للكتاب للمرة الأولى معرض مدينتي للكتاب، في ديسمبر، وهي تجربة فريدة امتدت على مدار عشرة أيام، تحت شعار القراءة كالماء والهواء، ولم يكن المعرض لمجرد بيع واستعراض الكتب فقط، بل عملت الهيئة بالتعاون مع إدارة المدينة، على إقامة العديد من الفعاليات الفنية والترفيهية، شاركت فيها فرق وزارة الثقافة المختلفة، منها فرقة رضا للفنون الشعبية، والسيرك القومي.
لأن الصغار هم المستقبل.. اطلاق جائزة الدولة للمبدع الصغير
وللمرة الأولى، وتحت رعاية السيدة انتصار السيسي، أطلقت وزارة الثقافة المصرية جائزة المبدع الصغير، الموجهة لدعم النشء في جميع القطاعات الفنية، وهي جائزة تمنحها الدولة سنويا، لمن يقدم منتجا فكريا أو ماديا مبتكرا، بشرط ألا يتجاوز الثماني عشر سنة.
وتم الإعلان هذا العام عن فوز 16 متسابق ومتسابقة بجائزة الدولة للمبدع الصغير، في مختلف المجالات، وأتت تلك الجائزة لتؤكد على سعي الدولة ممثلة في وزارة الثقافة، للاهتمام ببناء الأجيال الجديدة على درجة من الوعي والثقافة والأمل.
التطوير والتحديث من أجل الحفاظ على صروح الثقافة
لم تغفل وزارة الثقافة عن عمليات التطوير والتحديث خلال عام 2021، وشهد العام انضمام 13 مركزا ثقافيا في مختلف أنحاء مصر، ومنها قصر ثقافة الإسماعيلية، الذي شهد عمليات تجديد شاملة، وتطوير سينما بورسعيد، ومنافذ الهيئة العامة للكتاب في بورفؤاد، وإعادة افتتاح متخف محمود خليل بعد إصلاحه، وفتح قصر ثقافة العريش الذي استمر في الاغلاق أكثر من 10 سنوات.
كما افتتح مسرح الدكتورة نهاد صليحة الجديد، وافتتح مبنى المعهد العالي للسينما بأكاديمية الفنون، وافتتحت الوزيرة أيضا افتتاح قصر تمى الأمديد بالدقهلية، وغيرهم من ربوع الثقافة، التي تم العمل على إظهارها في أبهى حلة، وإعادة رونق البعض منها مرة أخرى.
حياة كريمة.. هدية الحكومة للمواطن المصري
ولأن المواطن المصري يستحق الأفضل، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة حياة كريمة، الموجهة للمصري القروي، الذي عانى كثيرا، ونسي من الجميع، رغم كونه العنصر الأهم في نهضة تلك البلاد، ومن هذا المنطلق، وجه السيد رئيس الجمهورية، إلى توجيه جميع الجهود من أجل رفع المستوى المعيشي والاجتماعي والثقافي لجميع أنحاء ريف مصر.
وقامت وزارة الثقافة بالمشاركة بكافة قطاعاتها في تلك المبادرة الهامة، وخلال عام 2021، قدمت الهيئة العامة لقصور الثقافة أكثر من 1000 فعالية فنية وثقافية متنوعة، في 52 قرية ونجع، بـ أسيوط، وقنا، والفيوم، حيث استفاد من تلك الفعاليات أكثر من مليون مواطن.
شملت فعاليات حياة كريمة الثقافية خلال عام 2021، عروضا فنية، تنوعت بين الأدائية والموسيقية، إضافة إلى الورش التدريبية التي أقيمت، وشملت كافة الفنون الأدبية والفنية، كما نظمت العديد من اللجان والحملات لاكتشاف المواهب، في مختلف الفنون، وتقديم المساعدة لهم.
شارك أيضا صندوق التنمية الثقافية في تلك الفعاليات المتميزة، من خلال تزويد 59 مكتبة مدرسية بـ 11341 كتابا، وقامت السيدة إيناس عبد الدايم بافتتاح النموذج الأول من كشك كتابك، بساحة الأوبرا المصرية، ومن المقرر أن يعمم هذا المشروع الهام والحساس، في مختلف القرى والنجوع المصرية.
الفن هو الأمل والمتنفس.. مئات الفعاليات الفنية في عام 2021
ومن أجل الترفيه، وتقديم الفنون المتنوعة بصورة جيدة للمواطنين من أبناء قرى مصر ونجوعها، قامت وزارة الثقافة بتميم العديد من المبادرات والبرامج الفنية المميزة، ومنها عروض مسرح المواجهة والتجوال، وهي مبادرة هامة، ترك فيها فناني المسرح المصري خشبات المسارح المجهزة، والأبنية العتيقة، ليجوبو القرى المصري، لتقديم العروض المسرحية من أجل إمتاع المواطنين، وتقديم فن بمستوى متميز.
قدمت فرق المواجهة والتجوال على مدار عام 2021 أكثر من 400 ليلة عرض، في 280 قرية مصرية، تتبع لـ 14 محافظة، تعاونت في إنتاجهم العديد من الهيئات، منها البيت الفني للمسرح، وفرقة مسرح الغد، ومسرح الطليعة، ومسرح القاهرة للعرائس.
وجابت المسارح المتنقلة 41 قرية مصرية، في 9 محافظات، حيث قدمت 347 نشاطا متنوعا بين المسرح واكتشاف المواهب، والعروض الفنية المتنوعة، ولا ننسى صيف بلدنا، الذي قدم مئات الفعاليات في محافظات مصر الساحلية في فصل الصيف، من أجل دعم السياحة الداخلية، والترفيه عن المصطافين.
